الباحث القرآني
وقوله: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ معناه: على الأَنْفِ. قال ابن عبّاس: هو الضّرب بالسَّيْفِ في وَجْهِهِ وعَلَى أنْفِه [[أخرجه الطبري (12/ 188) ، برقم: (34628) ، وذكره البغوي (4/ 379) ، وابن عطية (5/ 349) ، وابن كثير (4/ 405) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 394) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.]] ، وَقَدْ حَلَّ ذَلِكَ به يومَ بَدْرٍ، وقيل: ذلك الوَسْمُ هو في الآخرةِ، وقال قتادة وغيره: معناه سَنَفْعَلُ به في الدنيا مِنَ الذَّمِّ لهُ والمَقْتِ والاشْتِهَارِ بالشر، ما يَبْقَى فِيه وَلاَ يَخْفَى به، فيكونُ ذلكَ كالْوَسِمِ عَلَى الأنف [[ذكره البغوي (4/ 379) ، وابن عطية (5/ 349) ، وابن كثير (4/ 405) .]] .
وقوله سبحانه: إِنَّا بَلَوْناهُمْ يريد: قريشاً، أي: امتحنّاهم، وأَصْحابَ الْجَنَّةِ فيما ذُكِرَ كانوا إخوةً، وكانَ لأَبِيهم جَنَّةٌ وحَرْثٌ يَغْتَلُّه، فَكَان يُمْسِكُ منه قُوتَه، وَيَتَصَدَّقُ على المساكين بِبَاقِيهِ، وقيل: بلْ كَانَ يَحْمِلُ المساكِينَ مَعَه في وَقْتِ حَصَادِهِ وجَذِّه فَيُجْدِيهم منه، فماتَ الشيخُ، فقال ولدُه: نَحْنُ جَماعَةٌ وفِعْلُ أبينَا كَانَ خطأً فَلْنَذْهَبْ إلى جنَّتِنَا، ولا يَدْخُلَنَّها عَلَيْنَا مِسْكِينٌ، ولا نُعْطِي منها شيئاً، قَال: فَبَيَّتُوا أمْرَهُمْ وَعَزْمَهُمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا طائفاً من نارِ أو غيرِ ذلكَ، فاحْتَرَقَتْ، فقيلَ: فأصْبَحَتْ سَودَاء، وقيل: بَيْضَاء كالزَّرْعِ اليَابِسِ المَحْصُودِ، فلما أصْبَحوا إلى جنتهم لم يَرَوْهَا فَحسبوا أنهم قَد أَخْطَؤُوا الطريقَ، ثم تَبَيَّنُوها فعلموا أنَّ اللَّهَ/ أَصَابَهُم فِيها، فتَابوا حينئذٍ فَكَانُوا [[في ط: وكانوا.]] مُؤمنِينَ أهْلَ كِتَابٍ، فَشَبَّه اللَّهُ قُرَيْشاً بهم في أنّه امتحنهم بالمصَائِبِ، في دنياهم لعدم اتّباعهم للنبي ﷺ، ثُمَّ التوبةُ مُعَرَّضَةٌ لِمَنْ بَقِيَ منهم.
وقوله تعالى: لَيَصْرِمُنَّها أي: ليجذّنّها، ومُصْبِحِينَ معناه: دَاخِلينَ في الصباح.
وقوله تعالى: وَلا يَسْتَثْنُونَ [أي: لا يَنْثَنُونَ] [[سقط في: د.]] عن رأْيِ مَنْعِ المساكين، وقَالَ مجاهد: معناه ولاَ يَقُولُونَ إنْ شَاءَ اللَّه [[ذكره ابن عطية (5/ 349) .]] . والصَّرِيمُ، قال جماعة: أرادَ بهِ اللَّيْلَ مِنْ حيثُ اسْوَدَّتْ جَنَّتُهم، وقَالَ ابن عباس: الصَّرِيمُ: الرَّمَادُ الأسْوَدُ بِلُغَةِ خُزَيْمَةَ، وقولهم: إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ يَحْتَمِلُ أنْ يكُونَ مِنْ صرام النخلِ، ويحتملُ أنْ يريدَ إنْ كُنْتُمْ أهْلَ عزم وإقْدَامٍ على رأيكم، من قولك سيف صارم [[ذكره البغوي (4/ 379) ، وابن عطية (5/ 349) ، وابن كثير (4/ 406) .]] ، ويَتَخافَتُونَ: معناه يَتَكَلَّمُونَ كَلاَماً خَفِيًّا، وكان هذا التخافتُ خَوْفاً مِنْ أنْ يَشْعُرَ بهمُ المساكينُ، وكان لفظُهم الذي يتخافتون به: أَنْ لاَّ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ.
وقوله: عَلى حَرْدٍ يَحْتَمِلُ أنْ يريدَ عَلى مَنْعٍ، من قولهم: حَارَدَتِ الإبِلُ إذا قَلَّتْ ألبانُها فمنَعتْهَا، وحَارَدَتِ السنةُ إذا كَانَتْ شَهْبَاء لاَ غَلَّةَ لها، ويحتملُ أن يريدَ بالحَرْدِ الغَضَبَ، يقال حَرَدَ الرجلُ حَرْداً إذَا غَضِبَ، قال البخاريّ قَالَ قتادة: عَلى حَرْدٍ [أي:
على جدٍّ] [[سقط في: د.]] في أنفسهم، انتهى [[أخرجه الطبري (12/ 191) ، برقم: (34644) ، وذكره البغوي (4/ 380) ، وابن كثير (4/ 406) .]] .
وقوله تعالى: قادِرِينَ يحتملُ أن يكون من القُدْرَةِ، أي: قادرون في زعمهِم ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِن التَّقْدِيرِ الذي هو تَضْيِيقٌ، كأنّهم قَدْ قَدَرُوا عَلَى المسَاكِينِ، أي ضَيَّقُوا عليهم، فَلَمَّا رَأَوْها أي: مُحْتَرِقَةً قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ طريقَ جَنَّتِنَا فَلَما تَحقَّقُوها/ عَلِمُوا أَنها قَدْ أصيبتْ فقالوا: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ أي: قَدْ حُرِمْنَا غَلَّتَها وبَرَكَتها، فقال لهم أعدلهُم قَوْلاً وعَقْلاً وخُلُقاً وهو الأوسَط أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ قِيلَ هي عبارةٌ عَنْ تعظيمِ اللَّهِ والعَمَلِ بطاعتهِ سبحانَه، فَبادَرَ القَوْمُ عَنْدَ ذَلِكَ وَتَابُوا وسبَّحُوا، واعترفُوا بظلمِهم في اعتقادهم مَنْعَ الفقراءِ، ولاَمَ بعضُهم بَعْضاً واعترفوا بأنهم طَغَوا، أي: تَعَدَّوْا مَا يَلْزَم مِنْ مُوَاسَاةِ المساكينِ، ثم انصرفوا إلى رَجَاءِ اللَّه سبحانَه وانتظارِ الفَضْلِ من لَدُنْهُ في أن يُبْدِلَهُمْ، بِسَبَبِ تَوْبَتِهم، وإنابتِهم خَيْراً من تلك الجنة، قال الثعلبي: قال ابن مسعود: بلغني أن القومَ لما أخلصوا وعلم الله صدقهم أبدلهم الله- عز وجل- بها جنةً يقال لها الحَيَوَانُ، فيها عِنَبٌ يَحْمِلُ البغلُ العنقُودَ منها [[ذكره البغوي (4/ 381) .]] ، وعن أبي خالد اليماني أَنه رأَى تلكَ الجنةَ ورَأَى كُلَّ عُنْقُودٍ منها كالرَّجُلِ الأسْوَدِ القائِم، انتهى،، وقدرةُ اللَّه أعْظَمُ فلا يُسْتَغْرَبُ هذا إنْ صَحّ سنده.
{"ayahs_start":16,"ayahs":["سَنَسِمُهُۥ عَلَى ٱلۡخُرۡطُومِ","إِنَّا بَلَوۡنَـٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَاۤ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُوا۟ لَیَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِینَ","وَلَا یَسۡتَثۡنُونَ","فَطَافَ عَلَیۡهَا طَاۤىِٕفࣱ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَاۤىِٕمُونَ","فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِیمِ","فَتَنَادَوۡا۟ مُصۡبِحِینَ","أَنِ ٱغۡدُوا۟ عَلَىٰ حَرۡثِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰرِمِینَ","فَٱنطَلَقُوا۟ وَهُمۡ یَتَخَـٰفَتُونَ","أَن لَّا یَدۡخُلَنَّهَا ٱلۡیَوۡمَ عَلَیۡكُم مِّسۡكِینࣱ","وَغَدَوۡا۟ عَلَىٰ حَرۡدࣲ قَـٰدِرِینَ","فَلَمَّا رَأَوۡهَا قَالُوۤا۟ إِنَّا لَضَاۤلُّونَ","بَلۡ نَحۡنُ مَحۡرُومُونَ","قَالَ أَوۡسَطُهُمۡ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ لَوۡلَا تُسَبِّحُونَ","قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَ رَبِّنَاۤ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِینَ","فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ یَتَلَـٰوَمُونَ","قَالُوا۟ یَـٰوَیۡلَنَاۤ إِنَّا كُنَّا طَـٰغِینَ","عَسَىٰ رَبُّنَاۤ أَن یُبۡدِلَنَا خَیۡرࣰا مِّنۡهَاۤ إِنَّاۤ إِلَىٰ رَبِّنَا رَ ٰغِبُونَ"],"ayah":"عَسَىٰ رَبُّنَاۤ أَن یُبۡدِلَنَا خَیۡرࣰا مِّنۡهَاۤ إِنَّاۤ إِلَىٰ رَبِّنَا رَ ٰغِبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق