الباحث القرآني
وأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الأرْضَ والسَّماواتِ العُلا﴾ فَفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: ذَكَرُوا في نَصْبِ تَنْزِيلًا وُجُوهًا:
أحَدُها: تَقْدِيرُهُ نُزِّلَ تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الأرْضَ فَنُصِبَ تَنْزِيلًا بِمُضْمَرٍ.
وثانِيها: أنْ يُنْصَبَ بِأنْزَلْنا؛ لِأنَّ مَعْنى ما أنْزَلْناهُ إلّا تَذْكِرَةً - أنْزَلْناهُ تَذْكِرَةً.
وثالِثُها: أنْ يُنْصَبَ عَلى المَدْحِ والِاخْتِصاصِ.
ورابِعُها: أنْ يُنْصَبَ بِيَخْشى مَفْعُولًا بِهِ أيْ أنْزَلَهُ اللَّهُ تَعالى: ﴿تَذْكِرَةً لِمَن يَخْشى﴾ تَنْزِيلَ اللَّهِ وهو مَعْنًى حَسَنٌ وإعْرابٌ بَيِّنٌ وقُرِئَ تَنْزِيلٌ بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: فائِدَةُ الِانْتِقالِ مِن لَفْظِ التَّكَلُّمِ إلى لَفْظِ الغَيْبَةِ أُمُورٌ:
أحَدُها: أنَّ هَذِهِ الصِّفاتِ لا يُمْكِنُ ذِكْرُها إلّا مَعَ الغَيْبَةِ.
وثانِيها: أنَّهُ قالَ أوَّلًا أنْزَلْنا فَفَخَّمَ بِالإسْنادِ إلى ضَمِيرِ الواحِدِ المُطاعِ ثُمَّ ثَنّى بِالنِّسْبَةِ إلى المُخْتَصِّ بِصِفاتِ العَظَمَةِ والتَّمْجِيدِ فَتَضاعَفَتِ الفَخامَةُ مِن طَرِيقَيْنِ.
وثالِثُها: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ أنْزَلْنا حِكايَةً لِكَلامِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - والمَلائِكَةِ النّازِلِينَ مَعَهُ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: أنَّهُ تَعالى عَظَّمَ حالَ القُرْآنِ بِأنْ نَسَبَهُ إلى أنَّهُ تَنْزِيلٌ مِمَّنْ خَلَقَ الأرْضَ وخَلَقَ السَّماواتِ عَلى عُلُوِّها، وإنَّما قالَ ذَلِكَ لِأنَّ تَعْظِيمَ اللَّهِ تَعالى يَظْهَرُ بِتَعْظِيمِ خَلْقِهِ ونِعَمِهِ، وإنَّما عَظَّمَ القُرْآنَ تَرْغِيبًا في تَدَبُّرِهِ والتَّأمُّلِ في مَعانِيهِ وحَقائِقِهِ وذَلِكَ مُعْتادٌ في الشّاهِدِ فَإنَّهُ تَعْظُمُ الرِّسالَةُ بِتَعْظِيمِ حالِ المُرْسَلِ لِيَكُونَ المُرْسَلُ إلَيْهِ أقْرَبَ إلى الِامْتِثالِ.
المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: يُقالُ سَماءٌ عُلْيا وسَماواتٌ عُلًا وفائِدَةُ وصْفِ السَّماواتِ بِالعُلا الدَّلالَةُ عَلى عِظَمِ قُدْرَةِ مَن (p-٦)يَخْلُقُ مِثْلَها في عُلُوِّها وبُعْدِ مُرْتَقاها.
* * *
أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى﴾ فَفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قُرِئَ (الرَّحْمَنِ) مَجْرُورًا صِفَةً لِمَن خَلَقَ، والرَّفْعُ أحْسَنُ؛ لِأنَّهُ إمّا أنْ يَكُونَ رَفْعًا عَلى المَدْحِ والتَّقْدِيرُ هو الرَّحْمَنُ، وإمّا أنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً مُشارًا بِلامِهِ إلى مَن خَلَقَ فَإنْ قِيلَ الجُمْلَةُ الَّتِي هي عَلى العَرْشِ اسْتَوى ما مَحَلُّها إذا جَرَرْتَ الرَّحْمَنَ أوْ رَفَعْتَهُ عَلى المَدْحِ ؟ قُلْنا: إذا جَرَرْتَ فَهو خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ لا غَيْرُ، وإنْ رَفَعْتَ جازَ أنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وأنْ يَكُونَ مَعَ الرَّحْمَنِ خَبَرَيْنِ لِلْمُبْتَدَأِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: المُشَبِّهَةُ تَعَلَّقَتْ بِهَذِهِ الآيَةِ في أنَّ مَعْبُودَهم جالِسٌ عَلى العَرْشِ وهَذا باطِلٌ بِالعَقْلِ والنَّقْلِ مِن وُجُوهٍ:
أحَدُها: أنَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى كانَ ولا عَرْشَ ولا مَكانَ، ولَمّا خَلَقَ الخَلْقَ لَمْ يَحْتَجْ إلى مَكانٍ بَلْ كانَ غَنِيًّا عَنْهُ، فَهو بِالصِّفَةِ الَّتِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْها إلّا أنْ يَزْعُمَ زاعِمٌ أنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَعَ اللَّهِ عَرَشٌ.
وثانِيها: أنَّ الجالِسَ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ الجُزْءُ الحاصِلُ مِنهُ في يَمِينِ العَرْشِ غَيْرَ الحاصِلِ في يَسارِ العَرْشِ، فَيَكُونَ في نَفْسِهِ مُؤَلَّفًا مُرَكَّبًا وكُلُّ ما كانَ كَذَلِكَ احْتاجَ إلى المُؤَلِّفِ والمُرَكِّبِ وذَلِكَ مُحالٌ.
وثالِثُها: أنَّ الجالِسَ عَلى العَرْشِ إمّا أنْ يَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنَ الِانْتِقالِ والحَرَكَةِ أوْ لا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، فَإنْ كانَ الأوَّلُ فَقَدْ صارَ مَحَلَّ الحَرَكَةِ والسُّكُونِ فَيَكُونُ مُحْدَثًا لا مَحالَةَ، وإنْ كانَ الثّانِي كانَ كالمَرْبُوطِ بَلْ كانَ كالزَّمِنِ بَلْ أسْوَأ حالًا مِنهُ فَإنَّ الزَّمِنَ إذا شاءَ الحَرَكَةَ في رَأْسِهِ وحَدَقَتِهِ أمْكَنَهُ ذَلِكَ وهو غَيْرُ مُمْكِنٍ عَلى مَعْبُودِهِمْ.
ورابِعُها: هو أنَّ مَعْبُودَهم إمّا أنْ يَحْصُلَ في كُلِّ مَكانٍ أوْ في مَكانٍ دُونَ مَكانٍ، فَإنْ حَصَلَ في كُلِّ مَكانٍ لَزِمَهم أنْ يَحْصُلَ في مَكانِ النَّجاساتِ والقاذُوراتِ وذَلِكَ لا يَقُولُهُ عاقِلٌ، وإنْ حَصَلَ في مَكانٍ دُونَ مَكانٍ افْتَقَرَ إلى مُخَصِّصٍ يُخَصِّصُهُ بِذَلِكَ المَكانِ فَيَكُونُ مُحْتاجًا وهو عَلى اللَّهِ مُحالٌ.
وخامِسُها: أنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] يَتَناوَلُ نَفْيَ المُساواةِ مِن جَمِيعِ الوُجُوهِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الِاسْتِثْناءِ فَإنَّهُ يَحْسُنُ أنْ يُقالَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ إلّا في الجُلُوسِ وإلّا في المِقْدارِ وإلّا في اللَّوْنِ، وصِحَّةُ الِاسْتِثْناءِ تَقْتَضِي دُخُولَ جَمِيعِ هَذِهِ الأُمُورِ تَحْتَهُ، فَلَوْ كانَ جالِسًا لَحَصَلَ مَن يُماثِلُهُ في الجُلُوسِ فَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ مَعْنى الآيَةِ.
وسادِسُها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهم يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] فَإذا كانُوا حامِلِينَ لِلْعَرْشِ والعَرْشُ مَكانُ مَعْبُودِهِمْ فَيَلْزَمُ أنْ تَكُونَ المَلائِكَةُ حامِلِينَ لِخالِقِهِمْ ومَعْبُودِهِمْ، وذَلِكَ غَيْرُ مَعْقُولٍ؛ لِأنَّ الخالِقَ هو الَّذِي يَحْفَظُ المَخْلُوقَ أمّا المَخْلُوقُ فَلا يَحْفَظُ الخالِقَ ولا يَحْمِلُهُ.
وسابِعُها: أنَّهُ لَوْ جازَ أنْ يَكُونَ المُسْتَقِرُّ في المَكانِ إلَهًا فَكَيْفَ يُعْلَمُ أنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لَيْسَ بِإلَهٍ؛ لِأنَّ طَرِيقَنا إلى نَفْيِ إلَهِيَّةِ الشَّمْسِ والقَمَرِ أنَّهُما مَوْصُوفانِ بِالحَرَكَةِ والسُّكُونِ وما كانَ كَذَلِكَ كانَ مُحْدَثًا، ولَمْ يَكُنْ إلَهًا فَإذا أبْطَلْتُمْ هَذا الطَّرِيقَ انْسَدَّ عَلَيْكم بابُ القَدْحِ في إلَهِيَّةِ الشَّمْسِ والقَمَرِ.
وثامِنُها: أنَّ العالَمَ كُرَةٌ فالجِهَةُ الَّتِي هي فَوْقُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنا هي تَحْتُ بِالنِّسْبَةِ إلى ساكِنِي ذَلِكَ الجانِبِ الآخَرِ مِنَ الأرْضِ وبِالعَكْسِ، فَلَوْ كانَ المَعْبُودُ مُخْتَصًّا بِجِهَةٍ فَتِلْكَ الجِهَةُ وإنْ كانَتْ فَوْقًا لِبَعْضِ النّاسِ لَكِنَّها تَحْتٌ لِبَعْضٍ آخَرِينَ، وبِاتِّفاقِ العُقَلاءِ لا يَجُوزُ أنْ يُقالَ المَبْعُودُ تَحْتَ جَمِيعِ الأشْياءِ.
وتاسِعُها: أجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلى أنَّ قَوْلَهُ: ﴿قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] مِنَ المُحْكَماتِ لا مِنَ المُتَشابِهاتِ فَلَوْ كانَ مُخْتَصًّا بِالمَكانِ لَكانَ الجانِبُ الَّذِي مِنهُ يَلِي ما عَلى يَمِينِهِ غَيْرَ الجانِبِ الَّذِي مِنهُ يَلِي ما عَلى يَسارِهِ؛ فَيَكُونُ مُرَكَّبًا مُنْقَسِمًا فَلا يَكُونُ أحَدًا في الحَقِيقَةِ فَيَبْطُلُ قَوْلُهُ: ﴿قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ﴾ [الإخْلاصِ: ١] .
وعاشِرُها: أنَّ الخَلِيلَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - قالَ: ﴿لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ [الأنعام: ٧٦] ولَوْ كانَ المَعْبُودُ جِسْمًا لَكانَ آفِلًا أبَدًا غائِبًا أبَدًا فَكانَ يَنْدَرِجُ تَحْتَ قَوْلِهِ: ﴿لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ [الأنعام: ٧٦] فَثَبَتَ بِهَذِهِ الدَّلائِلِ أنَّ الِاسْتِقْرارَ عَلى اللَّهِ تَعالى مُحالٌ وعِنْدَ هَذا لِلنّاسِ فِيهِ (p-٧)قَوْلانِ:
الأوَّلُ: أنّا لا نَشْتَغِلُ بِالتَّأْوِيلِ بَلْ نَقْطَعُ بِأنَّ اللَّهَ تَعالى مُنَزَّهٌ عَنِ المَكانِ والجِهَةِ ونَتْرُكُ تَأْوِيلَ الآيَةِ ورَوى الشَّيْخُ الغَزالِيُّ عَنْ بَعْضِ أصْحابِ الإمامِ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أنَّهُ أوَّلَ ثَلاثَةً مِنَ الأخْبارِ: قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ”«الحَجَرُ الأسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ في الأرْضِ» “، وقَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ -: ”«قَلْبُ المُؤْمِنِ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِن أصابِعِ الرَّحْمَنِ» “ وقَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ -: ”«إنِّي لَأجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِن قِبَلِ اليَمَنِ» “ واعْلَمْ أنَّ هَذا القَوْلَ ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّهُ إنْ قَطَعَ بِأنَّ اللَّهَ تَعالى مُنَزَّهٌ عَنِ المَكانِ والجِهَةِ، فَقَدْ قَطَعَ بِأنَّهُ لَيْسَ مُرادُ اللَّهِ تَعالى مِنَ الِاسْتِواءِ الجُلُوسَ وهَذا هو التَّأْوِيلُ.
وإنْ لَمْ يَقْطَعْ بِتَنْزِيهِ اللَّهِ تَعالى عَنِ المَكانِ والجِهَةِ بَلْ بَقِيَ شاكًّا فِيهِ فَهو جاهِلٌ بِاللَّهِ تَعالى، اللَّهُمَّ إلّا أنْ يَقُولَ أنا قاطِعٌ بِأنَّهُ لَيْسَ مُرادُ اللَّهِ تَعالى ما يُشْعِرُ بِهِ ظاهِرُهُ، بَلْ مُرادُهُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ ولَكِنِّي لا أُعَيِّنُ ذَلِكَ المُرادَ خَوْفًا مِنَ الخَطَأِ فَهَذا يَكُونُ قَرِيبًا، وهو أيْضًا ضَعِيفٌ؛ لِأنَّهُ تَعالى لَمّا خاطَبَنا بِلِسانِ العَرَبِ وجَبَ أنْ لا يُرِيدَ بِاللَّفْظِ إلّا مَوْضُوعَهُ في لِسانِ العَرَبِ، وإذا كانَ لا مَعْنى لِلِاسْتِواءِ في اللُّغَةِ إلّا الِاسْتِقْرارُ والِاسْتِيلاءُ وقَدْ تَعَذَّرَ حَمْلُهُ عَلى الِاسْتِقْرارِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلى الِاسْتِيلاءِ وإلّا لَزِمَ تَعْطِيلُ اللَّفْظِ وإنَّهُ غَيْرُ جائِزٍ.
والثّانِي: وهو دَلالَةٌ قاطِعَةٌ عَلى أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ المَصِيرِ إلى التَّأْوِيلِ وهو أنَّ الدَّلالَةَ العَقْلِيَّةَ لَمّا قامَتْ عَلى امْتِناعِ الِاسْتِقْرارِ ودَلَّ ظاهِرُ لَفْظِ الِاسْتِواءِ عَلى مَعْنى الِاسْتِقْرارِ، فَإمّا أنْ نَعْمَلَ بِكُلِّ واحِدٍ مِنَ الدَّلِيلَيْنِ، وإمّا أنْ نَتْرُكَهُما مَعًا، وإمّا أنْ نُرَجِّحَ النَّقْلَ عَلى العَقْلِ، وإمّا أنْ نُرَجِّحَ العَقْلَ ونُؤَوِّلَ النَّقْلَ. والأوَّلُ باطِلٌ وإلّا لَزِمَ أنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الواحِدُ مُنَزَّهًا عَنِ المَكانِ وحاصِلًا في المَكانِ وهو مُحالٌ، والثّانِي أيْضًا مُحالٌ؛ لِأنَّهُ يَلْزَمُ رَفْعُ النَّقِيضَيْنِ مَعًا وهو باطِلٌ، والثّالِثُ باطِلٌ؛ لِأنَّ العَقْلَ أصْلُ النَّقْلِ فَإنَّهُ ما لَمْ يَثْبُتْ بِالدَّلائِلِ العَقْلِيَّةِ وُجُودُ الصّانِعِ وعِلْمُهُ وقُدْرَتُهُ وبَعْثَتُهُ لِلرُّسُلِ لَمْ يَثْبُتِ النَّقْلُ، فالقَدْحُ في العَقْلِ يَقْتَضِي القَدْحَ في العَقْلِ والنَّقْلِ مَعًا، فَلَمْ يَبْقَ إلّا أنْ نَقْطَعَ بِصِحَّةِ العَقْلِ ونَشْتَغِلَ بِتَأْوِيلِ النَّقْلِ، وهَذا بُرْهانٌ قاطِعٌ في المَقْصُودِ. إذا ثَبَتَ هَذا فَنَقُولُ قالَ بَعْضُ العُلَماءِ المُرادُ مِنَ الِاسْتِواءِ الِاسْتِيلاءُ قالَ الشّاعِرُ:
؎قَدِ اسْتَوى بِشْرٌ عَلى العِراقِ مِن غَيْرِ سَيْفٍ ودَمٍ مِهْراقِ
فَإنْ قِيلَ هَذا التَّأْوِيلُ غَيْرُ جائِزٍ لِوُجُوهٍ:
أحَدُها: أنَّ الِاسْتِيلاءَ مَعْناهُ حُصُولُ الغَلَبَةِ بَعْدَ العَجْزِ وذَلِكَ في حَقِّ اللَّهِ تَعالى مُحالٌ.
وثانِيها: أنَّهُ إنَّما يُقالُ فُلانٌ اسْتَوْلى عَلى كَذا إذا كانَ لَهُ مُنازِعٌ يُنازِعُهُ، وكانَ المُسْتَوْلى عَلَيْهِ مَوْجُودًا قَبْلَ ذَلِكَ، وهَذا في حَقِّ اللَّهِ تَعالى مُحالٌ؛ لِأنَّ العَرْشَ إنَّما حَدَثَ بِتَخْلِيقِهِ وتَكْوِينِهِ.
وثالِثُها: الِاسْتِيلاءُ حاصِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلى كُلِّ المَخْلُوقاتِ فَلا يَبْقى لِتَخْصِيصِ العَرْشِ بِالذِّكْرِ فائِدَةٌ. والجَوابُ: أنّا إذا فَسَّرْنا الِاسْتِيلاءَ بِالِاقْتِدارِ زالَتْ هَذِهِ المَطاعِنُ بِالكُلِّيَّةِ، قالَ صاحِبُ الكَشّافِ لَمّا كانَ الِاسْتِواءُ عَلى العَرْشِ، وهو سَرِيرُ المُلْكِ، لا يَحْصُلُ إلّا مَعَ المُلْكِ جَعَلُوهُ كِنايَةً عَنِ المُلْكِ فَقالُوا: اسْتَوى فُلانٌ عَلى البَلَدِ يُرِيدُونَ مَلَكَ، وإنْ لَمْ يَقْعُدْ عَلى السَّرِيرِ البَتَّةَ، وإنَّما عَبَّرُوا عَنْ حُصُولِ المُلْكِ بِذَلِكَ؛ لِأنَّهُ أصْرَحُ وأقْوى في الدَّلالَةِ مِن أنْ يُقالَ فُلانٌ مَلَكَ، ونَحْوُهُ قَوْلُكَ: يَدُ فُلانٍ مَبْسُوطَةٌ، ويَدُ فُلانٍ مَغْلُولَةٌ، بِمَعْنى أنَّهُ جَوادٌ وبَخِيلٌ لا فَرْقَ بَيْنَ العِبارَتَيْنِ إلّا فِيما قُلْتُ، حَتّى أنَّ مَن لَمْ تُبْسَطْ يَدُهُ قَطُّ بِالنَّوالِ أوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ رَأْسًا قِيلَ فِيهِ يَدُهُ مَبْسُوطَةٌ؛ لِأنَّهُ لا فَرْقَ عِنْدَهم بَيْنَهُ وبَيْنَ قَوْلِهِ جَوادٌ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أيْدِيهِمْ﴾ [المائدة: ٦٤] أيْ هو بَخِيلٌ ﴿بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ﴾ [المائدة: ٦٤] أيْ هو جَوادٌ مِن غَيْرِ تَصَوُّرِ يَدٍ ولا غُلٍّ ولا بَسْطٍ، والتَّفْسِيرُ بِالنِّعْمَةِ والتَّمَحُّلُ بِالتَّسْمِيَةِ مِن ضِيقِ العَطَنِ. وأقُولُ: إنّا لَوْ فَتَحْنا هَذا البابَ لانْفَتَحَتْ تَأْوِيلاتُ الباطِنِيَّةِ فَإنَّهم أيْضًا يَقُولُونَ المُرادُ مِن قَوْلِهِ: ﴿فاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾ [طه: ١٢] الِاسْتِغْراقُ في خِدْمَةِ اللَّهِ تَعالى مِن غَيْرِ تَصَوُّرِ فِعْلٍ، وقَوْلُهُ: ﴿قُلْنا يانارُ كُونِي بَرْدًا وسَلامًا عَلى إبْراهِيمَ﴾ (p-٨)[الأنبياء: ٦٩] المُرادُ مِنهُ تَخْلِيصُ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مِن يَدِ ذَلِكَ الظّالِمِ مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ هُناكَ نارٌ وخِطابٌ البَتَّةَ، وكَذا القَوْلُ في كُلِّ ما ورَدَ في كِتابِ اللَّهِ تَعالى، بَلِ القانُونُ أنَّهُ يَجِبُ حَمْلُ كُلِّ لَفْظٍ ورَدَ في القُرْآنِ عَلى حَقِيقَتِهِ إلّا إذا قامَتْ دَلالَةٌ عَقْلِيَّةٌ قَطْعِيَّةٌ تُوجِبُ الِانْصِرافَ عَنْهُ، ولَيْتَ مَن لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا لَمْ يَخُضْ فِيهِ، فَهَذا تَمامُ الكَلامِ في هَذِهِ الآيَةِ، ومَن أرادَ الِاسْتِقْصاءَ في الآياتِ والأخْبارِ المُتَشابِهاتِ فَعَلَيْهِ بِكِتابِ تَأْسِيسِ التَّقْدِيسِ وبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ وما بَيْنَهُما وما تَحْتَ الثَّرى﴾ فاعْلَمْ أنَّهُ سُبْحانَهُ لَمّا شَرَحَ مُلْكَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿الرَّحْمَنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى﴾ والمُلْكُ لا يَنْتَظِمُ إلّا بِالقُدْرَةِ والعِلْمِ، لا جَرَمَ عَقَّبَهُ بِالقُدْرَةِ ثُمَّ بِالعِلْمِ. أمّا القُدْرَةُ فَهي هَذِهِ الآيَةُ والمُرادُ أنَّهُ سُبْحانَهُ مالِكٌ لِهَذِهِ الأقْسامِ الأرْبَعَةِ فَهو مالِكٌ لِما في السَّماواتِ مِن مَلَكٍ ونَجْمٍ وغَيْرِهِما، ومالِكٌ لِما في الأرْضِ مِنَ المَعادِنِ والفِلِزّاتِ ومالِكٌ لِما بَيْنَهُما مِنَ الهَواءِ، ومالِكٌ لِما تَحْتَ الثَّرى، فَإنْ قِيلَ الثَّرى هو السَّطْحُ الأخِيرُ مِنَ العالَمِ فَلا يَكُونُ تَحْتَهُ شَيْءٌ فَكَيْفَ يَكُونُ اللَّهُ مالِكًا لَهُ، قُلْنا: الثَّرى في اللُّغَةِ التُّرابُ النَّدِيُّ فَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ تَحْتَهُ شَيْءٌ وهو إمّا الثَّوْرُ أوِ الحُوتُ أوِ الصَّخْرَةُ أوِ البَحْرُ أوِ الهَواءُ عَلى اخْتِلافِ الرِّواياتِ، أمّا العِلْمُ فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنْ تَجْهَرْ بِالقَوْلِ فَإنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وأخْفى﴾ وفِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّ قَوْلَهُ: ﴿وأخْفى﴾ بِناءُ المُبالَغَةِ، وعَلى هَذا القَوْلِ نَقُولُ إنَّهُ تَعالى قَسَّمَ الأشْياءَ إلى ثَلاثَةِ أقْسامٍ: الجَهْرِ، والسِّرِّ، والأخْفى.
فَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنَ الجَهْرِ القَوْلَ الَّذِي يُجْهَرُ بِهِ، وقَدْ يُسَرُّ في النَّفْسِ وإنْ ظَهَرَ البَعْضُ، وقَدْ يُسَرُّ ولا يَظْهَرُ عَلى ما قالَ بَعْضُهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِالسِّرِّ وبِالأخْفى ما لَيْسَ بِقَوْلٍ، وهَذا أظْهَرُ فَكَأنَّهُ تَعالى بَيَّنَ أنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ الَّذِي لا يُسْمَعُ وما هو أخْفى مِنهُ فَكَيْفَ لا يَعْلَمُ الجَهْرَ، والمَقْصُودُ مِنهُ زَجْرُ المُكَلَّفِ عَنِ القَبائِحِ ظاهِرَةً كانَتْ أوْ باطِنَةً، والتَّرْغِيبُ في الطّاعاتِ ظاهِرَةً كانَتْ أوْ باطِنَةً، فَعَلى هَذا الوَجْهِ يَنْبَغِي أنْ يُحْمَلَ السِّرُّ والأخْفى عَلى ما فِيهِ ثَوابٌ أوْ عِقابٌ، والسِّرُّ هو الَّذِي يُسِرُّهُ المَرْءُ في نَفْسِهِ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي عَزَمَ عَلَيْها، والأخْفى هو الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ العَزِيمَةِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يُفَسَّرَ الأخْفى بِما عَزَمَ عَلَيْهِ وما وقَعَ في وهْمِهِ الَّذِي لَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِ، ويَحْتَمِلُ ما لَمْ يَقَعْ في سِرِّهِ بَعْدُ فَيَكُونُ أخْفى مِنَ السِّرِّ، ويَحْتَمِلُ أيْضًا ما سَيَكُونُ مِن قِبَلِ اللَّهِ تَعالى مِنَ الأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَظْهَرْ، وإنْ كانَ الأقْرَبَ ما قَدَّمْناهُ مِمّا يَدْخُلُ تَحْتَ الزَّجْرِ والتَّرْغِيبِ.
القَوْلُ الثّانِي: أنَّ أخْفى فِعْلٌ يَعْنِي أنَّهُ يَعْلَمُ أسْرارَ العِبادِ وأخْفى عَنْهم ما يَعْلَمُهُ وهو كَقَوْلِهِ: ﴿يَعْلَمُ ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهم ولا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِن عِلْمِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] فَإنْ قِيلَ كَيْفَ يُطابِقُ الجَزاءُ الشَّرْطَ ؟ قُلْنا مَعْناهُ إنْ تَجْهَرْ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعالى مِن دُعاءٍ أوْ غَيْرِهِ، فاعْلَمْ أنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ جَهْرِكَ، وإمّا أنْ يَكُونَ نَهْيًا عَنِ الجَهْرِ كَقَوْلِهِ: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وخِيفَةً ودُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ﴾ [الأعراف: ٢٠٥] وإمّا تَعْلِيمًا لِلْعِبادِ أنَّ الجَهْرَ لَيْسَ لِاسْتِماعِ اللَّهِ تَعالى، وإنَّما هو لِغَرَضٍ آخَرَ.
واعْلَمْ أنَّ اللَّهَ تَعالى لِذاتِهِ عالِمٌ، وأنَّهُ عالِمٌ بِكُلِّ المَعْلُوماتِ في كُلِّ الأوْقاتِ بِعِلْمٍ واحِدٍ، وذَلِكَ العِلْمُ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ، وذَلِكَ العِلْمُ مِن لَوازِمِ ذاتِهِ مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالحُدُوثِ أوِ الإمْكانِ والعَبْدُ لا يُشارِكُ الرَّبَّ إلّا في السُّدُسِ الأوَّلِ، وهو أصْلُ العِلْمِ ثُمَّ هَذا السُّدُسُ بَيْنَهُ وبَيْنَ عِبادِهِ أيْضًا نِصْفانِ فَخَمْسَةُ دَوانِيقَ ونِصْفُ جُزْءٍ مِنَ العِلْمِ مُسَلَّمٌ لَهُ، والنِّصْفُ الواحِدُ لِجُمْلَةِ عِبادِهِ، ثُمَّ هَذا الجُزْءُ الواحِدُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الخَلائِقِ كُلِّهِمْ مِنَ المَلائِكَةِ الكَرُوبِيَّةِ (p-٩)والمَلائِكَةِ الرُّوحانِيَّةِ وحَمَلَةِ العَرْشِ وسُكّانِ السَّماواتِ ومَلائِكَةِ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةِ العَذابِ وكَذا جَمِيعُ الأنْبِياءِ الَّذِينَ أوَّلُهم آدَمُ وآخِرُهم مُحَمَّدٌ ﷺ وعَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - وكَذا جَمِيعُ الخَلائِقِ كُلِّهِمْ في عُلُومِهِمُ الضَّرُورِيَّةِ والكَسْبِيَّةِ والحِرَفِ والصِّناعاتِ، وجَمِيعُ الحَيَواناتِ في إدْراكاتِها وشُعُوراتِها والِاهْتِداءِ إلى مَصالِحِها في أغْذِيَتِها ومَضارِّها ومَنافِعِها، والحاصِلُ لَكَ مِن ذَلِكَ الجُزْءِ أقَلُّ مِنَ الذَّرَّةِ المُؤَلَّفَةِ، ثُمَّ إنَّكَ بِتِلْكَ الذَّرَّةِ عَرَفْتَ أسْرارَ إلَهِيَّتِهِ وصِفاتِهِ الواجِبَةَ والجائِزَةَ والمُسْتَحِيلَةَ. فَإذا كُنْتَ بِهَذِهِ الذَّرَّةِ عَرَفْتَ هَذِهِ الأسْرارَ فَكَيْفَ يَكُونُ عِلْمُهُ بِخَمْسِ دَوانِيقَ ونِصْفٍ، أفَلا يَعْلَمُ بِذَلِكَ العِلْمِ أسْرارَ عُبُودِيَّتِكَ ؟ فَهَذا تَحْقِيقُ قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تَجْهَرْ بِالقَوْلِ فَإنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وأخْفى﴾ بَلِ الحَقُّ أنَّ الدِّينارَ بِتَمامِهِ لَهُ؛ لِأنَّ الَّذِي عَلِمْتَهُ فَإنَّما عَلِمْتَهُ بِتَعْلِيمِهِ عَلى ما قالَ: ﴿أنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ [النساء: ١٦٦] وقالَ: ﴿ألا يَعْلَمُ مَن خَلَقَ﴾ [الملك: ١٤] ولِهَذا مِثالٌ وهو الشَّمْسُ فَإنَّ ضَوْءُها يَجْعَلُ العالَمَ مُضِيئًا، ولا يَنْتَقِصُ البَتَّةَ مِن ضَوْئِها شَيْءٌ، فَكَذا هَهُنا فَكَيْفَ لا يَكُونُ عالِمًا بِالسِّرِّ والأخْفى، فَإنَّ مِن تَدْبِيراتِهِ في خَلْقِ الأشْجارِ وأنْواعِ النَّباتِ أنَّها لَيْسَ لَها فَمٌ ولا سائِرُ آلاتِ الغِذاءِ فَلا جَرَمَ أُصُولُها مَرْكُوزَةٌ في الأرْضِ تَمْتَصُّ بِها الغِذاءَ فَيَتَأدّى ذَلِكَ الغِذاءُ إلى الأغْصانِ ومِنها إلى العُرُوقِ ومِنها إلى الأوْراقِ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى جَعَلَ عُرُوقَها كالأطْنابِ الَّتِي بِها يُمْكِنُ ضَرْبُ الخِيامِ.
وكَما أنَّهُ لا بُدَّ مِن مَدِّ الطُّنُبِ مِن كُلِّ جانِبٍ لِتَبْقى الخَيْمَةُ واقِفَةً، كَذَلِكَ العُرُوقُ تَذْهَبُ مِن كُلِّ جانِبٍ لِتَبْقى الشَّجَرَةُ واقِفَةً، ثُمَّ لَوْ نَظَرْتَ إلى كُلِّ ورَقَةٍ وما فِيها مِنَ العُرُوقِ الدَّقِيقَةِ المَبْثُوثَةِ فِيها لِيَصِلَ الغِذاءُ مِنها إلى كُلِّ جانِبٍ مِنَ الوَرَقَةِ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَقْوِيَةً لِجِرْمِ الوَرَقَةِ فَلا يَتَمَزَّقُ سَرِيعًا، وهي شِبْهُ العُرُوقِ المَخْلُوقَةِ في بَدَنِ الحَيَوانِ لِتَكُونَ مَسالِكَ لِلدَّمِ والرُّوحِ فَتَكُونَ مُقَوِّيَةً لِلْبَدَنِ، ثُمَّ انْظُرْ إلى الأشْجارِ فَإنَّ أحْسَنَها في المَنظَرِ الدُّلْبُ والخِلافُ، ولا حاصِلَ لَهُما، وأقْبَحَها شَجَرَةُ التِّينِ والعِنَبِ، و[ لَكِنْ ] انْظُرْ إلى مَنفَعَتِهِما، فَهَذِهِ الأشْياءُ وأشْباهُها تُظْهِرُ أنَّهُ لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ في السَّماواتِ ولا في الأرْضِ.
{"ayahs_start":4,"ayahs":["تَنزِیلࣰا مِّمَّنۡ خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ وَٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ ٱلۡعُلَى","ٱلرَّحۡمَـٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ","لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا وَمَا تَحۡتَ ٱلثَّرَىٰ","وَإِن تَجۡهَرۡ بِٱلۡقَوۡلِ فَإِنَّهُۥ یَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخۡفَى"],"ayah":"تَنزِیلࣰا مِّمَّنۡ خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ وَٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ ٱلۡعُلَى"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق