الباحث القرآني

وأشارَ بِالمَصْدَرِ الجارِي عَلى غَيْرِ الفِعْلِ في قَوْلِهِ: ﴿تَنْـزِيلا﴾ إلى أنَّهُ يَتَمَهَّلُ عَلَيْهِمْ تَرَفُّقًا بِهِمْ، ولا يُنْزِلُ هَذا القُرْآنَ إلّا تَدْرِيجًا، إزالَةً لِشُبَهِهِمْ، وشَرْحًا لِصُدُورِهِمْ، وتَسْكِينًا لِنُفُوسِهِمْ، ومَدًّا لِمُدَّةِ البَرَكَةِ فِيهِمْ بِتَرَدُّدِ المَلائِكَةِ الكِرامِ إلَيْهِمْ، كَما أنَّهُ لَمْ يُهْلِكْهم بِمَعاصِيهِمُ اكْتِفاءً بِبَيِّنَةِ ما في الصُّحُفِ الأُولى، بَلْ أرْسَلَ إلَيْهِمْ رَسُولًا لِئَلّا يَقُولُوا: رَبَّنا لَوْلا - كَما اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ وتَمَّتْ بِهِ كَلِمَتُهُ، ولَمّا كانَ رُجُوعُهم إلى الدِّينِ عَلى ما يُشاهَدُ مِنهم مِنَ الشِّدَّةِ والأنَفَةِ والشَّماخَةِ الَّتِي سَمّاهُمُ اللَّهُ بِها قَوْمًا لُدًّا في غايَةِ البُعْدِ، شَرَعَ سُبْحانَهُ يُذَكِّرُ بِقُدْرَتِهِ إشارَةً إلى أنَّ القُلُوبَ بِيَدِهِ يُقَلِّبُها كَيْفَ شاءَ كَما صَوَّرَها كَيْفَ شاءَ، وأنَّ شَأْنَهُ الرِّفْقُ والأناةُ، فَقالَ مُلْتَفِتًا مِنَ التَّكَلُّمِ إلى الغَيْبَةِ لِيَدُلَّ عَلى ما اقْتَضَتْهُ النُّونُ مِنَ العَظَمَةِ (p-٢٦٨)[مُقَدِّمًا ما اقْتَضى الحالُ تَقْدِيمَهُ مِن سَكَنِ المَدْعُوِّينَ المُعْتَنى بِتَذْكِرَتِهِمْ وهِدايَةِ مَن أُرِيدَ مِنهم -]: ﴿مِمَّنْ خَلَقَ الأرْضَ﴾ المُنْخَفِضَةَ. ولَمّا قَدَّمَ الأرْضَ إعْلامًا بِالِاعْتِناءِ بِرُحْمِها بِالتَّرَفُّقِ بِسُكّانِها لِيَمْلَأها بِالإيمانِ مِنهم تَحْقِيقًا لِمَقْصُودِ السُّورَةِ تَشْرِيفًا [لِلْمُنْزَلِ عَلَيْهِ -]، أتْبَعَها مَحَلَّ الإنْزالِ عَلى سَبِيلِ التَّرَقِّي مِن بَيْتِ العِزَّةِ إلى ما كَنَزَهُ في خِزانَةِ العَرْشِ فَقالَ: ﴿والسَّماواتِ العُلا﴾ في سِتَّةِ أيّامٍ، ولَوْ شاءَ كانَتا في لَحْظَةٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب