الباحث القرآني
﴿لَتُبْلَوُنَّ في أمْوالِكم وأنْفُسِكم ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِيرًا وإنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا فَإنَّ ذَلِكَ مِن عَزْمِ الأُمُورِ﴾ ﴿وإذْ أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وراءَ ظُهُورِهِمْ واشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ﴾ ﴿لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أتَوْا ويُحِبُّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهم بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ ﴿ولِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ واللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ﴿إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الألْبابِ﴾ [آل عمران: ١٩٠] ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيامًا وقُعُودًا وعَلى جُنُوبِهِمْ ويَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هَذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ﴾ [آل عمران: ١٩١] ﴿رَبَّنا إنَّكَ مَن تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أخْزَيْتَهُ وما لِلظّالِمِينَ مِن أنْصارٍ﴾ [آل عمران: ١٩٢] ﴿رَبَّنا إنَّنا سَمِعْنا مُنادِيًا يُنادِي لِلْإيمانِ أنْ آمِنُوا بِرَبِّكم فَآمَنّا رَبَّنا فاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وكَفِّرْ عَنّا سَيِّئاتِنا وتَوَفَّنا مَعَ الأبْرارِ﴾ [آل عمران: ١٩٣] ﴿رَبَّنا وآتِنا ما وعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ ولا تُخْزِنا يَوْمَ القِيامَةِ إنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعادَ﴾ [آل عمران: ١٩٤] ﴿فاسْتَجابَ لَهم رَبُّهم أنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنكم مِن ذَكَرٍ أوْ أُنْثى بَعْضُكم مِن بَعْضٍ فالَّذِينَ هاجَرُوا وأُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وأُوذُوا في سَبِيلِي وقاتَلُوا وقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهم سَيِّئاتِهِمْ ولَأُدْخِلَنَّهم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ ثَوابًا مِن عِنْدِ اللَّهِ واللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ﴾ [آل عمران: ١٩٥] ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا في البِلادِ﴾ [آل عمران: ١٩٦] ﴿مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهم جَهَنَّمُ وبِئْسَ المِهادُ﴾ [آل عمران: ١٩٧] ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهم لَهم جَنّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِن عِنْدِ اللَّهِ وما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأبْرارِ﴾ [آل عمران: ١٩٨] ﴿وإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وما أُنْزِلَ إلَيْكم وما أُنْزِلَ إلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهم أجْرُهم عِنْدَ رَبِّهِمْ إنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسابِ﴾ [آل عمران: ١٩٩] ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وصابِرُوا ورابِطُوا واتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠] .
الجُنُوبُ: جَمْعُ جَنْبٍ وهو مَعْرُوفٌ. المُرابَطَةُ: المُلازَمَةُ في الثَّغْرِ لِلْجِهادِ، وأصْلُها مِن رَبْطِ الخَيْلِ.
﴿لَتُبْلَوُنَّ في أمْوالِكم وأنْفُسِكم ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِيرًا﴾: قِيلَ: نَزَلَتْ في قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ حِينَ قالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقَدْ قَرَأ عَلَيْهِمُ الرَّسُولُ القُرْآنَ: إنْ كانَ حَقًّا فَلا تُؤْذِنا بِهِ في مَجالِسِنا. ورَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ رَواحَةَ فَقالَ: أغْشِنا بِهِ في مَجالِسِنا يا رَسُولَ اللَّهِ. وتَسابَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ. وقِيلَ: فِيما جَرى بَيْنَ أبِي بَكْرٍ وفِنْحاصٍ. وقِيلَ: في كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ كانَ يُحَرِّضُ المُشْرِكِينَ عَلى الرَّسُولِ وأصْحابِهِ في شِعْرِهِ، وأعْلَمَهم تَعالى بِهَذا الِابْتِلاءِ والسَّماعِ لِيَكُونُوا أحْمَلَ لِما يَرِدُ عَلَيْهِمْ مِن ذَلِكَ، إذا سَبَقَ الإخْبارُ بِهِ بِخِلافِ مَن يَأْتِيهِ الأمْرُ فَجْأةً فَإنَّهُ يَكْثُرُ تَألُّمُهُ. والآيَةُ مَسُوقَةٌ في ذَمِّ أهْلِ الكِتابِ وغَيْرِهِمْ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَناسَبَتْ ما قَبْلَها مِنَ الآياتِ الَّتِي جاءَتْ في ذَمِّ أهْلِ الكِتابِ وغَيْرِهِمْ مِنَ المُشْرِكِينَ.
والظّاهِرُ في قَوْلِهِ: ”لَتُبْلَوْنَ“ أنَّهُمُ المُؤْمِنُونَ. وقالَ عَطاءٌ: المُهاجِرُونَ، أخَذَ المُشْرِكُونَ رِباعَهَمْ فَباعُوها، وأمْوالَهم فَنَهَبُوها. وقِيلَ: الِابْتِلاءُ في الأمْوالِ هو ما أُصِيبُوا بِهِ مِن نَهْبِ أمْوالِهِمْ وعَدَدِهِمْ يَوْمَ أُحُدٍ. والظّاهِرُ أنَّ هَذا خِطابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِما سَيَقَعُ مِنَ الِامْتِحانِ في الأمْوالِ بِما يَقَعُ فِيها مِنَ المَصائِبِ والذَّهابِ والإنْفاقِ في سَبِيلِ اللَّهِ وفي تَكالِيفِ الشَّرْعِ، والِابْتِلاءِ في النَّفْسِ بِالشَّهَواتِ أوِ الفُرُوضِ البَدَنِيَّةِ أوِ الأمْراضِ، أوْ فَقْدِ الأقارِبِ والعَشائِرِ، أوْ بِالقَتْلِ والجِراحاتِ والأسْرِ، وأنْواعِ المَخاوِفِ، أقْوالٌ. وقَدَّمَ الأمْوالَ عَلى الأنْفُسِ عَلى سَبِيلِ التَّرَقِّي إلى الأشْرَفِ، أوْ عَلى سَبِيلِ الكَثْرَةِ؛ لِأنَّ الرَّزايا في الأمْوالِ أكْثَرُ مِنَ الرَّزايا في الأنْفُسِ. والأذى: اسْمٌ جامِعٌ (p-١٣٦)فِي مَعْنى الضَّرَرِ، ويَشْمَلُ أقْوالَهم في الرَّسُولِ وأصْحابِهِ، وفي اللَّهِ تَعالى وأنْبِيائِهِ، والمَطاعِنِ في الدِّينِ، وتَخْطِئَةِ مَن آمَنَ، وهِجاءِ كَعْبٍ وتَشْبِيبِهِ بِنِساءِ المُؤْمِنِينَ.
﴿وإنْ تَصْبِرُوا﴾: عَلى ذَلِكَ الِابْتِلاءِ وذَلِكَ السَّماعِ.
﴿وتَتَّقُوا فَإنَّ ذَلِكَ﴾: أيْ فَإنَّ الصَّبْرَ والتَّقْوى.
﴿مِن عَزْمِ الأُمُورِ﴾: قِيلَ: مِن أشَدِّها وأحْسَنِها. والعَزْمُ: إمْضاءُ الأمْرِ المُرَوّى المُنَقَّحِ. وقالَ النَّقّاشُ: العَزْمُ هو الحَزْمُ بِمَعْنًى واحِدٍ، الحاءُ مُبْدَلَةٌ مِنَ العَيْنِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذا خَطَأٌ. الحَزْمُ جَوْدَةُ النَّظَرِ في الأمْرِ، ونَتِيجَتُهُ الحَذَرُ مِنَ الخَطَأِ فِيهِ. والعَزْمُ قَصْدُ الإمْضاءِ، واللَّهُ تَعالى يَقُولُ: ﴿وشاوِرْهم في الأمْرِ فَإذا عَزَمْتَ﴾ [آل عمران: ١٥٩] فالمُشاوَرَةُ وما كانَ في مَعْناها هو الحَزْمُ. والعَرَبُ تَقُولُ: قَدْ أحْزِمُ لَوْ أعْزِمُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ”مِن عَزْمِ الأُمُورِ“ مِن مَعْزُوماتِ الأُمُورِ، أيْ: مِمّا يَجِبُ عَلَيْهِ العَزْمُ مِنَ الأُمُورِ، أوْ مِمّا عَزَمَ اللَّهُ أنْ يَكُونَ، يَعْنِي: أنَّ ذَلِكَ عَزْمَةٌ مِن عَزَماتِ اللَّهِ لا بُدَّ لَكم أنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا. وقِيلَ: ”﴿مِن عَزْمِ الأُمُورِ﴾“ مِن جَدِّها. وقالَ مُجاهِدٌ في قَوْلِهِ: فَإذا عَزَمَ الأمْرُ، أيْ فَإذا وُجِدَ الأمْرُ.
﴿وإذْ أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ﴾: هُمُ اليَهُودُ أُخِذَ عَلَيْهِمُ المِيثاقُ في أمْرِ الرَّسُولِ ﷺ فَكَتَمُوهُ ونَبَذُوهُ. قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ، والسُّدِّيُّ، وابْنُ جُرَيْجٍ. وقالَ قَوْمٌ: هُمُ اليَهُودُ والنَّصارى. وقالَ الجُمْهُورُ: هي عامَّةٌ في كُلِّ مَن عَلَّمَهُ اللَّهُ عِلْمًا، وعُلَماءُ هَذا الأُمَّةِ داخِلُونَ في هَذا المِيثاقِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وأبُو بَكْرٍ: بِالياءِ فِيهِما عَلى الغَيْبَةِ، إذْ قَبْلَهُ ”الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ“ وبَعْدَهُ ”فَنَبَذُوهُ“ . وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ بِالتّاءِ لِلْخِطابِ، وهي كَقَوْلِهِ: ﴿لا تَعْبُدُونَ إلّا اللَّهَ﴾ [البقرة: ٨٣] قُرِئَ بِالتّاءِ والياءِ، والظّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلى الكِتابِ. وقِيلَ: هو لِلنَّبِيِّ ﷺ . وقِيلَ: لِلْمِيثاقِ. وقِيلَ: لِلْإيمانِ بِالرَّسُولِ لِقَوْلِهِ:
﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ولَتَنْصُرُنَّهُ﴾ [آل عمران: ٨١] وارْتِفاعُ ولا تَكْتُمُونَهُ لِكَوْنِهِ وقَعَ حالًا، أيْ: غَيْرَ كاتِمِينَ لَهُ، ولَيْسَ داخِلًا في المُقْسَمِ عَلَيْهِ. قالُوا ولِلْحالِ لا العَطْفِ، كَقَوْلِهِ: ﴿فاسْتَقِيما ولا تَتَّبِعانِّ﴾ [يونس: ٨٩] وقَوْلِهِ: ”ولا يَسْألُ“ في قِراءَةِ مَن خَفَّفَ النُّونَ ورَفَعَ اللّامَ. وقِيلَ: الواوُ لِلْعَطْفِ، وهو مِن جُمْلَةِ المُقْسَمِ عَلَيْهِ. ولَمّا كانَ مَنفِيًّا بِلا لَمْ يُؤَكَّدْ، تَقُولُ: واللَّهِ لا يَقُومُ زَيْدٌ، فَلا تَدْخُلُهُ النُّونُ. وهَذا الوَجْهُ عِنْدِي أعْرَبُ وأفْصَحُ؛ لِأنَّ الأوَّلَ يَحْتاجُ إلى إضْمارِ مُبْتَدَأٍ قَبْلَ لا؛ حَتّى تَكُونَ الجُمْلَةُ اسْمِيَّةً في مَوْضِعِ الحالِ، إذِ المُضارِعُ المَنفِيُّ بِلا لا تَدْخُلُ عَلَيْهِ واوُ الحالِ. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ: ”لَيُبَيِّنُونَهُ“ بِغَيْرِ نُونِ التَّوْكِيدِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وقَدْ لا تَلْزَمُ هَذِهِ النُّونَ لامُ التَّوْكِيدِ، قالَهُ سِيبَوَيْهِ. انْتَهى. وهَذا لَيْسَ مَعْرُوفًا مِن قَوْلِ البَصْرِيِّينَ، بَلْ تَعاقُبُ اللّامِ والنُّونِ عِنْدَهم ضَرُورَةٌ. والكُوفِيُّونَ يُجِيزُونَ ذَلِكَ في سِعَةِ الكَلامِ، فَيُجِيزُونَ: واللَّهِ لَأقُومُ، وواللَّهِ أقُومَنَّ. وقالَ الشّاعِرُ:
؎وعَيْشُكِ يا سَلْمى لَأُوقِنُ إنَّنِي لِما شِئْتِ مُسْتَحْلٍ ولَوْ أنَّهُ القَتْلُ
وقالَ آخَرُ:
؎يَمِينًا لَأُبْغِضُ كُلَّ امْرِئٍ ∗∗∗ يُزَخْرِفُ قَوْلًا ولا يَفْعَلُ
وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ: ”مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لِتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ“، فَيَعُودُ الضَّمِيرُ في فَنَبَذُوهُ عَلى النّاسِ؛ إذْ يَسْتَحِيلُ عَوْدُهُ عَلى النَّبِيِّينَ، أيْ: فَنَبَذَهُ النّاسُ المُبَيَّنُ لَهُمُ المِيثاقُ، وتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مَعْنى: ﴿فَنَبَذُوهُ وراءَ ظُهُورِهِمْ﴾ في قَوْلِهِ: ﴿نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وراءَ ظُهُورِهِمْ﴾ [البقرة: ١٠١] .
﴿واشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ﴾: وتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذِهِ الجُمْلَةِ والكَلامُ في إعْرابِ ما بَعْدَ بِئْسَ فَأغْنى عَنِ الإعادَةِ.
﴿لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أتَوْا ويُحِبُّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهم بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾: نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ، كانُوا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في الغَزْوِ، فَإذا جاءَ اسْتَعْذَرُوا لَهُ، فَيُظْهِرُ القَبُولَ ويَسْتَغْفِرُ لَهم، فَفَضَحَهُمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الآيَةِ. قالَهُ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ وابْنُ زَيْدٍ وجَماعَةٌ. وقالَ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ: نَزَلَتْ في أحْبارِ اليَهُودِ. وأتى تَكُونُ بِمَعْنى فَعَلَ، كَقَوْلِهِ تَعالى: (p-١٣٧)﴿إنَّهُ كانَ وعْدُهُ مَأْتِيًّا﴾ [مريم: ٦١] أيْ مَفْعُولًا. فَمَعْنى بِما أتَوْا: بِما فَعَلُوا، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قِراءَةُ أُبَيٍّ: بِما فَعَلُوا. وفي الَّذِي فَعَلُوهُ وفَرِحُوا بِهِ - أقْوالٌ. أحَدُها: كَتْمُ ما سَألَهم عَنْهُ الرَّسُولُ، وإخْبارُهم بِغَيْرِهِ، وأرَوْهُ أنَّهم قَدْ أخْبَرُوهُ بِهِ واسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إلَيْهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: ما أصابُوا مِنَ الدُّنْيا وأحَبُّوا أنْ يُقالَ: إنَّهم عُلَماءُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ أيْضًا. الثّالِثُ: قَوْلُهم: نَحْنُ عَلى دِينِ إبْراهِيمَ، وكَتْمُهم أمْرَ الرَّسُولِ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ. الرّابِعُ: كُتُبُهم إلى اليَهُودِ يَهُودِ الأرْضِ كُلِّها أنَّ مُحَمَّدًا ﷺ لَيْسَ بِنَبِيٍّ، فاثْبُتُوا عَلى دِينِكم، فاجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهم عَلى الكُفْرِ بِهِ. وقالُوا: نَحْنُ أهْلُ الصَّوْمِ والصَّلاةِ وأوْلِياءُ اللَّهِ، قالَهُ الضَّحّاكُ والسُّدِّيُّ. الخامِسُ: قَوْلُ يَهُودِ خَيْبَرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وأصْحابِهِ: نَحْنُ عَلى دِينِكم، ونَحْنُ لَكم رِدْءٌ، وهم مُسْتَمْسِكُونَ بِضَلالِهِمْ، وأرادُوا أنْ يَحْمَدَهم بِما لَمْ يَفْعَلُوا، قالَهُ السُّدِّيُّ. السّادِسُ: تَجْهِيزُ اليَهُودِ جَيْشًا إلى النَّبِيِّ ﷺ وإنْفاقُهم عَلى ذَلِكَ الجَيْشِ، قالَهُ النَّخَعِيُّ. السّابِعُ: إخْبارُ جَماعَةٍ مِنَ اليَهُودِ لِلْمُسْلِمِينَ حِينَ خَرَجُوا مِن عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ قَدْ أخْبَرَهم بِأشْياءَ عَرَفُوها، فَحَمِدَهُمُ المُسْلِمُونَ عَلى ذَلِكَ، وأبْطَنُوا خِلافَ ما أظْهَرُوا، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ. الثّامِنُ: اتِّباعُ النّاسِ لَهم في تَبْدِيلِ تَأْوِيلِ التَّوْراةِ، وأحَبُّوا حَمْدَهم إيّاهم عَلى ذَلِكَ، ولَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا نافِعًا ولا صَحِيحًا، قالَهُ مُجاهِدٌ. التّاسِعُ: تَخَلُّفُ المُنافِقِينَ عَنِ الغَزْوِ وحَلِفُهم لِلْمُسْلِمِينَ أنَّهم يُسَرُّونَ بِنَصْرِهِمْ، وكانُوا يُحِبُّونَ أنْ يُقالَ إنَّهم في حُكْمِ المُجاهِدِينَ، قالَهُ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ.
والأقْوالُ السّابِقَةُ غَيْرُ هَذا الأخِيرِ مَبْنِيَّةٌ عَلى أنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ في اليَهُودِ. قِيلَ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ شامِلًا لِكُلِّ مَن يَأْتِي بِحَسَنَةٍ فَرِحَ بِها فَرَحَ إعْجابٍ، ويُحِبُّ أنْ يَحْمَدَهُ النّاسُ ويُثْنُوا عَلَيْهِ بِالدِّيانَةِ والزُّهْدِ، وبِما لَيْسَ فِيهِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو: لا يَحْسَبُنَّ ولا يَحْسَبُنَّهم بِالياءِ فِيهِما، ورَفْعِ باءِ يَحْسَبَنَّهم عَلى إسْنادِ يَحْسَبَنَّ لِلَّذِينَ، وخُرِّجَتْ هَذِهِ القِراءَةُ عَلى وجْهَيْنِ: أحَدُهُما ما قالَهُ أبُو عَلِيٍّ: وهو أنَّ لا يَحْسَبُنَّ لَمْ يَقَعْ عَلى شَيْءٍ، والَّذِينَ رُفِعَ بِهِ. وقَدْ تَجِيءُ هَذِهِ الأفْعالُ لَغْوًا لا في حُكْمِ الجُمَلِ المُفِيدَةِ نَحْوَ قَوْلِهِ:
؎وما خِلْتُ أبْقى بَيْنَنا مِن مَوَدَّةٍ ∗∗∗ عِراضُ المَذاكِي المُشْنِقاتِ القَلائِصا
وقالَ الخَلِيلُ: العَرَبُ تَقُولُ: ما رَأيْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ إلّا زِيدٌ، وما ظَنَنْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ إلّا زِيدٌ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَتَتَّجِهُ القِراءَةُ بِكَوْنِ فَلا يَحْسَبَنَّهم بَدَلًا مِنَ الأوَّلِ، وقَدْ تَعَدّى إلى المَفْعُولَيْنِ، وهُما: الضَّمِيرُ وبِمَفازَةٍ، واسْتَغْنى بِذَلِكَ عَنِ المَفْعُولَيْنِ، كَما اسْتَغْنى في قَوْلِهِ:
؎بِأيِّ كِتابٍ أمْ بِأيَّةِ سُنَّةٍ ∗∗∗ تَرى حُبَّهم عارًا عَلَيَّ وتَحَسَبُ
أيْ: وتَحْسَبُ حُبَّهم عارًا عَلَيَّ. والوَجْهُ الثّانِي: ما قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: وهو أنْ يَكُونَ المَفْعُولُ الأوَّلُ مَحْذُوفًا عَلى لا يَحْسَبَنَّهُمُ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَفازَةٍ، بِمَعْنى: لا يَحْسَبَنَّ أنْفُسَهُمُ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ فائِزِينَ. وفَلا يَحْسَبَنَّهم تَأْكِيدٌ، وتَقَدَّمَ لَنا الرَّدُّ عَلى الزَّمَخْشَرِيِّ في تَقْدِيرِهِ لا يَحْسَبَنَّهُمُ الَّذِينَ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّما﴾ [آل عمران: ١٧٨] وإنَّ هَذا التَّقْدِيرَ لا يَصِحُّ فَيُطَّلَعُ هُناكَ. وتَعَدّى في هَذِهِ القِراءَةِ فِعْلُ الحُسْبانِ إلى ضَمِيرَيْهِ المُتَّصِلَيْنِ: المَرْفُوعِ والمَنصُوبِ، وهو مِمّا يَخْتَصُّ بِهِ ظَنَنْتُ وأخَواتُها، ومِن غَيْرِها: وجَدْتُ، وفَقَدْتُ، وعَدِمْتُ، وذَلِكَ مُقَرَّرٌ في عِلْمِ النَّحْوِ.
وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وعاصِمٌ: لا تَحْسَبَنَّ، وفَلا تَحْسَبَنَّهم بِتاءِ الخِطابِ، وفَتْحِ الباءِ فِيهِما خِطابًا لِلرَّسُولِ، وخُرِّجَتِ هَذِهِ القِراءَةُ عَلى وجْهَيْنِ: أحَدُهُما ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، وهو أنَّ المَفْعُولَ الأوَّلَ هو: الَّذِينَ يَفْرَحُونَ. والثّانِي مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ ما بَعْدَهُ عَلَيْهِ كَما قِيلَ آنِفًا في المَفْعُولَيْنِ. وحَسُنَ تَكْرارُ الفِعْلِ فَلا يَحْسَبَنَّهم لِطُولِ الكَلامِ، وهي عادَةُ العَرَبِ، وذَلِكَ تَقْرِيبٌ لِذِهْنِ المُخاطَبِ. والوَجْهُ الثّانِي ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، قالَ: وأحَدُ المَفْعُولَيْنِ ﴿الَّذِينَ يَفْرَحُونَ﴾، والثّانِي ﴿بِمَفازَةٍ﴾ . وقَوْلُهُ: فَلا يَحْسَبَنَّهم تَوْكِيدٌ تَقْدِيرُهُ لا يَحْسَبَنَّهم، فَلا يَحْسَبَنَّهم فائِزِينَ. وقُرِئَ لا تَحْسَبُنَّ فَلا تَحْسَبُنَّهم بِتاءِ الخِطابِ (p-١٣٨)وضَمِّ الباءِ فِيهِما خِطابًا لِلْمُؤْمِنِينَ. ويَجِيءُ الخِلافُ في المَفْعُولِ الثّانِي كالخِلافِ فِيهِ في قِراءَةِ الكُوفِيِّينَ. وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ: لا يَحْسَبَنَّ بِياءِ الغَيْبَةِ، وفَلا تَحْسَبَنَّهم بِتاءِ الخِطابِ، وفَتْحِ الباءِ فِيهِما، وخُرِّجَتْ هَذِهِ القِراءَةُ عَلى حَذْفِ مَفْعُولَيْ يَحْسَبَنَّ لِدَلالَةِ ما بَعْدَهُما عَلَيْهِما. ولا يَجُوزُ في هَذِهِ القِراءَةِ البَدَلُ الَّذِي جُوِّزَ في قِراءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وأبِي عَمْرٍو؛ لِاخْتِلافِ الفِعْلَيْنِ؛ لِاخْتِلافِ الفاعِلِ. وإذا كانَ (فَلا يَحْسَبَنَّهم) تَوْكِيدًا أوْ بَدَلًا، فَدُخُولُ الفاءِ إنَّما يَتَوَجَّهُ عَلى أنْ تَكُونَ زائِدَةً، إذْ لا يَصِحُّ أنْ تَكُونَ لِلْعَطْفِ، ولا أنْ تَكُونَ فاءَ جَوابِ الجَزاءِ. وأنْشَدُوا عَلى زِيادَةِ الفاءِ قَوْلَ الشّاعِرِ:
؎حَتّى تَرَكْتُ العائِداتِ يَعُدْنَهُ ∗∗∗ يَقُلْنَ فَلا تَبْعُدْ وقُلْتُ لَهُ ابْعُدِ
وقالَ آخَرُ:
؎لَمّا اتَّقى بِيَدٍ عَظِيمٌ جِرْمُها ∗∗∗ فَتَرَكْتُ ضاحِيَ كَفِّهِ يَتَذَبْذَبُ
أيْ: لا تَبْعُدْ، وأيْ تَرَكْتُ. وقَرَأ النَّخَعِيُّ ومَرْوانُ بْنُ الحَكَمِ: بِما آتَوْا بِمَعْنى: أعْطَوْا. وقَرَأ ابْنُ جُبَيْرٍ والسُّلَمِيُّ: بِما أُوتُوا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وتَقَدَّمَتِ الأقْوالُ في (أتَوْا)، وبَعْضُها يَسْتَقِيمُ عَلى هاتَيْنِ القِراءَتَيْنِ.
وفِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ: (بِما لَمْ يَفْعَلُوا بِمَفازَةٍ)، وأُسْقِطَ (فَلا يَحْسَبَنَّهم) . و(مَفازَةٍ) مَفْعَلَةٌ مِن فازَ، وهي لِلْمَكانِ، أيْ: مَوْضِعِ فَوْزٍ، أيْ: نَجاةٍ. وقالَ الفَرّاءُ: أيْ يَبْعُدُ مِنَ العَذابِ، لِأنَّ الفَوْزَ مَعْناهُ التَّباعُدُ مِنَ المَكْرُوهِ. وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ تَزَيُّنَ الإنْسانَ بِما لَيْسَ فِيهِ وحُبَّهُ المَدْحَ عَلَيْهِ مَنهِيٌّ عَنْهُ ومَذْمُومٌ شَرْعًا. وقالَ تَعالى: ﴿لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] وفي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: (المُتَشَبِّعُ بِما لَيْسَ فِيهِ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ) وقَدْ أخْبَرَ تَعالى عَنْهم بِالعَذابِ الألِيمِ في قَوْلِهِ: ﴿ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ . وناسَبَ وصْفُهُ بِألِيمٍ لِأجْلِ فَرَحِهِمْ ومَحَبَّتِهِمُ المَحْمَدَةَ عَلى ما لَمْ يَفْعَلُوا.
﴿ولِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ واللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ذَكَرَ تَعالى أنَّهم مِن جُمْلَةِ ما مَلَكَ، وأنَّهُ قادِرٌ عَلَيْهِمْ، فَهم مَمْلُوكُونَ مَقْهُورُونَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِمْ، فَلَيْسُوا بِناجِينَ مِنَ العَذابِ.
{"ayahs_start":186,"ayahs":["۞ لَتُبۡلَوُنَّ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ وَلَتَسۡمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمِنَ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ أَذࣰى كَثِیرࣰاۚ وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ذَ ٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ","وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ لَتُبَیِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَاۤءَ ظُهُورِهِمۡ وَٱشۡتَرَوۡا۟ بِهِۦ ثَمَنࣰا قَلِیلࣰاۖ فَبِئۡسَ مَا یَشۡتَرُونَ","لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ یَفۡرَحُونَ بِمَاۤ أَتَوا۟ وَّیُحِبُّونَ أَن یُحۡمَدُوا۟ بِمَا لَمۡ یَفۡعَلُوا۟ فَلَا تَحۡسَبَنَّهُم بِمَفَازَةࣲ مِّنَ ٱلۡعَذَابِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ","وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"],"ayah":"وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق