الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسانِي﴾ ﴿يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾.
قالَ بَعْضُ العُلَماءِ: دَلَّ قَوْلُهُ ﴿عُقْدَةً مِن لِسانِي﴾ بِالتَّنْكِيرِ، والإفْرادِ، وإتْباعُهُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ عَلى أنَّهُ لَمْ يَسْألْ إزالَةَ جَمِيعِ ما بِلِسانِهِ مِنَ العُقَدِ، بَلْ سَألَ إزالَةَ بَعْضِها الَّذِي يَحْصُلُ بِإزالَتِهِ فَهْمُ كَلامِهِ مَعَ بَقاءِ بَعْضِها. وهَذا المَفْهُومُ دَلَّتْ عَلَيْهِ آياتٌ أُخَرُ، كَقَوْلِهِ تَعالى عَنْهُ: ﴿وَأخِي هارُونُ هو أفْصَحُ مِنِّي لِسانًا﴾ الآيَةَ [القصص: ٣٤]، وقَوْلِهِ تَعالى عَنْ فِرْعَوْنَ ﴿أمْ أنا خَيْرٌ مِن هَذا الَّذِي هو مَهِينٌ ولا يَكادُ يُبِينُ﴾ [الزخرف: ٥٢]، والِاسْتِدْلالُ بِقَوْلِ فِرْعَوْنٍ عَنْ مُوسى، فِيهِ أنَّ فِرْعَوْنَ مَعْرُوفٌ بِالكَذِبِ، والبُهْتانِ. والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
⁕ ⁕ ⁕
* قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب):
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ .
لا يَخْفى أنَّهُ مِن سُؤْلِ مُوسى الَّذِي قالَ لَهُ رَبُّهُ إنَّهُ آتاهُ إيّاهُ بِقَوْلِهِ: ﴿قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يامُوسى﴾ [طه: ٣٦]، وذَلِكَ صَرِيحٌ في حَلِّ العُقْدَةِ مِن لِسانِهِ، وقَدْ جاءَ في بَعْضِ الآياتِ ما يَدُلُّ عَلى بَقاءِ شَيْءٍ مِنَ الَّذِي كانَ بِلِسانِهِ كَقَوْلِهِ تَعالى عَنْ فِرْعَوْنَ: ﴿أمْ أنا خَيْرٌ مِن هَذا الَّذِي هو مَهِينٌ ولا يَكادُ يُبِينُ﴾ [الزخرف: ٥٢] .
وَقَوْلِهِ تَعالى عَنْ مُوسى: ﴿وَأخِي هارُونُ هو أفْصَحُ مِنِّي لِسانًا فَأرْسِلْهُ مَعِيَ﴾ الآيَةَ [ ٢٨ ] .
والجَوابُ أنَّ مُوسى عَلَيْهِ وعَلى نَبِيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ، لَمْ يَسْألْ زَوالَ ما كانَ بِلِسانِهِ بِالكُلِّيَّةِ، وإنَّما سَألَ زَوالَ القَدْرِ المانِعِ مِن أنْ يَفْقَهُوا قَوْلَهُ، كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ .
قالَ ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسانِي﴾، ما نَصُّهُ: وما سَألَ أنْ يَزُولَ ذَلِكَ بِالكُلِّيَّةِ، بَلْ بِحَيْثُ يَزُولُ العِيُّ ويَحْصُلُ لَهم فَهْمُ ما يُرِيدُ مِنهُ، وهو قَدْرُ الحاجَةِ، ولَوْ سَألَ الجَمِيعَ لَزالَ، ولَكِنَّ الأنْبِياءَ لا يَسْألُونَ إلّا بِحَسَبِ الحاجَةِ، ولِهَذا بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ، قالَ تَعالى إخْبارًا عَنْ فِرْعَوْنَ أنَّهُ قالَ: ﴿أمْ أنا خَيْرٌ مِن هَذا الَّذِي هو مَهِينٌ﴾ ﴿وَلا يَكادُ يُبِينُ﴾ [الزخرف: ٥٢]، أيْ يُفْصِحُ بِالكَلامِ.
وَقالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: ﴿واحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسانِي﴾، قالَ: حَلَّ عُقْدَةً واحِدَةً، ولَوْ سَألَ أكْثَرَ مِن ذَلِكَ أُعْطِي.
(p-٣٣٩)وَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: شَكا مُوسى إلى رَبِّهِ ما يَتَخَوَّفُ مِن آلِ فِرْعَوْنَ في القَتِيلِ، وعُقْدَةِ لِسانِهِ، فَإنَّهُ كانَ في لِسانِهِ عُقْدَةٌ تَمْنَعُهُ مِن كَثِيرٍ مِنَ الكَلامِ، وسَألَ رَبَّهُ أنْ يُعِينَهُ بِأخِيهِ هارُونَ يَكُونُ رِدْءًا لَهُ، ويَتَكَلَّمُ عَنْهُ بِكَثِيرٍ مِمّا لا يُفْصِحُ بِهِ لِسانُهُ، فَآتاهُ سُؤْلَهُ، فَحَلَّ عُقْدَةً مِن لِسانِهِ.
وَقالَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ: ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمانَ، حَدَّثَنا بَقِيَّةُ عَنْ أرْطَأةَ بْنِ المُنْذِرِ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أصْحابِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْهُ، قالَ: أتاهُ ذُو قَرابَةٍ لَهُ فَقالَ لَهُ: ما بِكَ بَأْسٌ، لَوْلا أنَّكَ تَلْحَنُ في كَلامِكَ، ولَسْتَ تُعْرِبُ في قِراءَتِكَ، فَقالَ القُرَظِيُّ: يا ابْنَ أخِي ألَسْتُ أُفْهِمُكَ إذا حَدَّثْتُكَ ؟ قالَ نَعَمْ، قالَ: فَإنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ إنَّما سَألَ رَبَّهُ أنْ يَحُلَّ عُقْدَةً مِن لِسانِهِ كَيْ يَفْقَهَ بَنُو إسْرائِيلَ قَوْلَهُ، ولَمْ يَزِدْ عَلَيْها، انْتَهى كَلامُ ابْنِ كَثِيرٍ بِلَفْظِهِ.
وَقَدْ نُقِلَ فِيهِ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ وابْنِ عَبّاسٍ ومُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ ما ذَكَرْنا مِنَ الجَوابِ، ويُمْكِنُ أنْ يُجابَ أيْضًا بِأنَّ فِرْعَوْنَ كَذَبَ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ: ﴿هُوَ أفْصَحُ مِنِّي لِسانًا﴾ [ ٢٨ ]، يَدُلُّ عَلى اشْتِراكِهِ مَعَ هارُونَ في الفَصاحَةِ، فَكِلاهُما فَصِيحٌ، إلّا أنْ هارُونَ أفْصَحُ، وعَلَيْهِ فَلا إشْكالَ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"وَٱحۡلُلۡ عُقۡدَةࣰ مِّن لِّسَانِی"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق