الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥) ﴾ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وكذلك نفصل الآيات"، وكما فصلنا لك في هذه السورة من ابتدائها وفاتحتها، يا محمد، إلى هذا الموضع، حجتَنا على المشركين من عبدة الأوثان، وأدلتَنا، وميَّزناها لك وبيَّناها، كذلك نفصِّل لك أعلامنا وأدلتنا في كل حقّ ينكره أهل الباطل من سائر أهل الملل غيرهم، فنبينها لك، حتى تبين حقه من باطله، وصحيحهُ من سقيمه. * * * واختلفت القرأة في قراءة قوله:"ولتستبين سبيل المجرمين". فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة: ﴿وَلِتَسْتَبِينَ﴾ بالتاء ﴿سَبِيلَ الْمُجِرمِينَ﴾ بنصب"السبيل"، على أن"تستبين"، خطاب للنبي ﷺ، كأن معناه عندهم: ولتستبين، أنت يا محمد، سبيل المجرمين. * * * وكان ابن زيد يتأول ذلك: ولتستبين، أنت يا محمد، سبيلَ المجرمين الذين سألوك طردَ النفر الذين سألوه طردهم عنه من أصحابه. ١٣٢٩٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن ريد:"ولتستبين سبيلَ المجرمين"، قال: الذين يأمرونك بطرد هؤلاء. * * * وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض البصرين: ﴿وَلِتَسْتَبِينَ﴾ بالتاء ﴿سَبِيلُ الْمُجِرمِينَ﴾ برفع"السبيل"، على أن القصد للسبيل، ولكنه يؤنثها = وكأن معنى الكلام عندهم: وكذلك نفصل الآيات، ولتتضح لك وللمؤمنين طريقُ المجرمين. * * * وقرأ ذلك عامة قرأة أهل الكوفة: ﴿وَلِيَسْتَبِينَ﴾ بالياء ﴿سَبِيلُ الْمُجِرمِينَ﴾ برفع"السبيل" على أن الفعل للسبيل، ولكنهم يذكرونه = ومعنى هؤلاء في هذا الكلام، ومعنى من قرأ ذلك بالتاء في:" ولتستبين" ورفع"السبيل"، واحدٌ، وإنما الاختلاف بينهم في تذكير"السبيل" وتأنيثها. [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٣٧.]] * * * قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب عندي في"السبيل" الرفع، لأن الله تعالى ذكره فصَّل آياته في كتابه وتنزيله، ليتبين الحقَّ بها من الباطل جميعُ من خوطب بها، لا بعضٌ دون بعض. ومن قرأ"السبيل" بالنصب، فإنما جعل تبيين ذلك محصورًا على النبي ﷺ. وأما القراءة في قوله:"ولتستبين"، فسواء قرئت بالتاء أو بالياء، لأن من العرب من يذكر"السبيل" = وهم تميم وأهل نجد = ومنهم من يؤنث"السبيل" = وهم أهل الحجاز. وهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، ولغتان مشهورتان من لغات العرب، وليس في قراءة ذلك بإحداهما خلافٌ لقراءته بالأخرى، ولا وجه لاختيار إحداهما على الأخرى = بعد أن يرفع"السبيل" = للعلة التي ذكرنا. [[انظر تفسير"السبيل" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل) = وتفسير"استبان" في مادة (بين) من فهارس اللغة.]] * * * وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله:"نفصل الآيات" قال أهل التأويل. ١٣٣٠٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"وكذلك نفصل الآيات"، نبين الآيات. ١٣٣٠١ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في:"نفصل الآيات"، نبين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب