الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) ﴾ قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قول عيسى، يقول: ما قلت لهم إلا الذي أمرتني به من القول أن أقوله لهم، وهو أن قلت لهم:"اعبدوا الله ربي وربكم" ="وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم"، يقول: وكنت على ما يفعلونه وأنا بين أظهرهم شاهدًا عليهم وعلى أفعالهم وأقوالهم [[انظر تفسير: "شهيد" فيما سلف من فهارس اللغة (شهد) = وتفسير"ما دام" فيما سلف ١٠: ١٨٥/ ١١: ٧٤.]] ="فلما توفيتني"، يقول: فلما قبضتني إليك [[انظر تفسير"توفاه" فيما سلف ٦: ٤٥٥ - ٤٦١/٨: ٧٣/٩: ١٠٠.]] ="كنت أنت الرقيب عليهم"، يقول: كنت أنت الحفيظ عليهم دوني، [[انظر تفسير"الرقيب" فيما سلف ٧: ٥٢٣.]] لأني إنما شهدت من أعمالهم ما عملوه وأنا بين أظهرهم. وفي هذا تبيانُ أن الله تعالى ذكره إنما عرّفه أفعالَ القوم ومقالتهم بعد ما قبضه إليه وتوفاه بقوله:"أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله". ="وأنت على كل شيء شهيد" يقول: وأنت تشهد على كل شيء، لأنه لا يخفى عليك شيء، وأما أنا، فإنما شهدت بعض الأشياء، وذلك ما عاينت وأنا مقيم بين أظهر القوم، فإنما أنا أشهد على ذلك الذي عاينت ورأيتُ وشهدت. * * * وبنحو الذي قلنا في قوله:"كنت أنت الرقيب عليهم"، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٣٠٣٢ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدى:"كنت أنت الرقيب عليهم"، أما"الرقيب"، فهو الحفيظ. ١٣٠٣٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"كنت أنت الرقيب عليهم"، قال: الحفيظ. * * * وكانت جماعة من أهل العلم تقول: كان جواب عيسى الذي أجاب به ربَّه من الله تعالى، توقيفًا منه له فيه. [[في المطبوعة والمخطوطة: "توفيقًا" (بالفاء قبل القاف) ، في هذا الموضع وما يليه. وهو خطأ من الناسخ والناشر لا شك فيه، صوابه ما أثبت. يقال: "وقفت الرجل على الكلمة توقيفًا"، إذا علمته الكلمة لم يكن يعلمها، أو غابت عنه. أي أنها كانت من تعليم الله إياه، لم يقلها من عند نفسه.]] * ذكر من قال ذلك: ١٣٠٣٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه:"أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق"، قال: الله وقَّفَه. [[في المطبوعة والمخطوطة: "الله وفقه"، وانظر التعليق السالف، وكذلك ما سيأتي في الأثر التالي.]] ١٣٠٣٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو داود الحفري قال، قرئ على سفيان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه طاوس قال: احتج عيسى، والله وقّفه:"أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله"، الآية. ١٣٠٣٦ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن عطاء، عن ميسرة قال: قال الله تعالى ذكره:"يا عيسى أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله"؟ قال: فأُرعدت مفاصله، وخشى أن يكون قد قالها، فقال:"سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب