الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨) ﴾
يقول تعالى ذكره: لأصحاب نبيّ الله ﷺ: واعلموا أيها المؤمنون بالله ورسوله، ﴿أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ فاتقوا الله أن تقولوا الباطل، وتفتروا الكذب، فإن الله يخبره أخباركم، ويعرّفه أنباءكم، ويقوّمه على الصواب في أموره.
* * *
وقوله ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾
يقول تعالى ذكره: لو كان رسول الله ﷺ يعمل في الأمور بآرائكم ويقبل منكم ما تقولون له فيطيعكم ﴿لَعَنِتُّمْ﴾ يقول: لنالكم عنت، يعني الشدّة والمشقة في كثير من الأمور بطاعته إياكم لو أطاعكم لأنه كان يخطئ في أفعاله كما لو قبل من الوليد بن عقبة قوله في بني المصطلق: إنهم قد ارتدّوا، ومنعوا الصدقة، وجمعوا الجموع لغزو المسلمين، فغزاهم فقتل منهم، وأصاب من دمائهم وأموالهم، كان قد قتل، وقتلتم من لا يحلّ له ولا لكم قتله، وأخذ وأخذتم من المال ما لا يحلّ له ولكم أخذه من أموال قوم مسلمين، فنالكم من الله بذلك عنت ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ﴾ بالله ورسوله، فأنتم تطيعون رسول الله، وتأتمون به فيقيكم الله بذلك من العنت ما لو لم تطيعوه وتتبعوه، وكان يطيعكم لنالكم وأصابكم.
* * *
وقوله ﴿وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾
يقول: وحسن الإيمان في قلوبكم فآمنتم ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ﴾ بالله ﴿وَالْفُسُوقَ﴾ يعني الكذب، ﴿وَالْعِصْيَانَ﴾ يعني ركوب ما نهى الله عنه في خلاف أمر رسول الله ﷺ، وتضييع ما أمر الله به ﴿أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ يقول: هؤلاء الذين حبَّب الله إليهم الإيمان، وزيَّنه في قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون السالكون طريق الحق.
* * *
وقوله ﴿فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً﴾
يقول: ولكن الله حبَّب إليكم الإيمان، وأنعم عليكم هذه النعمة التي عدّها فضلا منه، وإحسانا ونعمة منه أنعمها عليكم ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ يقول: والله ذو علم بالمحسن منكم من المسيء، ومن هو لنعم الله وفضله أهل، ومن هو لذلك غير أهل، وحكمة في تدبيره خلقه، وصرفه إياهم فيما شاء من قضائه.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾ قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ ... حتى بلغ ﴿لَعَنِتُّمْ﴾ هؤلاء أصحاب نبيّ الله ﷺ، لو أطاعهم نبيّ الله في كثير من الأمر لعنتم، فأنتم والله أسخف رأيا، وأطيش عقولا اتهم رجل رأيه، وانتصح كتاب الله، وكذلك كما قلنا أيضا في تأويل قوله ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ﴾ قالوا.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ قال: حببه إليهم وحسَّنه في قلوبهم.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً﴾ قالوا أيضا.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ﴾ قال: الكذب والعصيان؛ قال: عصيان النبيّ ﷺ ﴿أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ من أين كان هذا؟ قال: فضل من الله ونعمة؛ قال: والمنافقون سماهم الله أجمعين في القرآن الكاذبين؛ قال: والفاسق: الكاذب في كتاب الله كله.
{"ayahs_start":7,"ayahs":["وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ فِیكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ یُطِیعُكُمۡ فِی كَثِیرࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَیۡكُمُ ٱلۡإِیمَـٰنَ وَزَیَّنَهُۥ فِی قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَیۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡیَانَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلرَّ ٰشِدُونَ","فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعۡمَةࣰۚ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"],"ayah":"فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعۡمَةࣰۚ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق