الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾ قل أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله"، وإن ينلهم رخاء وظفر وفتح ويصيبوا غنيمة [[انظر تفسير"الإصابة" فيما سلف: ٥١٤، ٥٣٨ وانظر تفسير"الحسنة" فيما سلف ٤: ٢٠٣-٢٠٦.]] ="يقولوا هذه من عند الله"، يعني: من قبل الله ومن تقديره [[انظر تفسير"عند" فيما سلف: ٢: ٥٠٠ / ٧: ٤٩٠، ٤٩٥.]] ="وإن تصبهم سيئة"، يقول: وإن تنلهم شدة من عيش وهزيمة من عدو وجراح وألم، [[انظر تفسير"سيئة" فيما سلف: ٢: ٢٨١، ٢٨٢، / ٧: ٤٨٢، ٤٩٠ / ٨: ٢٥٤.]] = يقولوا لك يا محمد: ="هذه من عندك"، بخطئك التدبير. وإنما هذا خبر من الله تعالى ذكره عن الذين قال فيهم لنبيه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾ . وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ٩٩٦٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد وابن أبي جعفر قالا حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: "وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك"، قال: هذه في السراء والضراء. [[الأثر: ٩٩٦٢ - انظر التعليق على الأثر السالف رقم: ٩٩٦١.]] ٩٩٦٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية مثله. ٩٩٦٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك" فقرأ حتى بلغ:"وأرسلناك للناس رسولا"، قال: إن هذه الآيات نزلت في شأن الحرب. فقرأ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ فقرأ حتى بلغ:"وإن تصبهم سيئة"، يقولوا:"هذه من عند محمد عليه السلام، أساء التدبير وأساء النظر! ما أحسن التدبير ولا النظر". * * * القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"قل كل من عند الله"، قل، يا محمد، لهؤلاء القائلين إذا أصابتهم حسنة:"هذه من عند الله"، وإذا أصابتهم سيئة:"هذه من عندك": = كل ذلك من عند الله، دوني ودون غيري، من عنده الرخاء والشدة، ومنه النصر والظفر، ومن عنده الفَلُّ والهزيمة، [[في المطبوعة: "القتل والهزيمة"، وفي المخطوطة: "العال والهزيمة" غير منقوطة، ورجحت أن صوابها"الفل"، من قولهم: "فل القوم يفلهم فلا.": هزمهم وكسرهم.]] كما:- ٩٩٦٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة:"قل كل من عند الله"، النعم والمصائب. ٩٩٦٦ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"كل من عند الله"، النصر والهزيمة. ٩٩٦٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثًا"، يقول: الحسنة والسيئة من عند الله، أما الحسنة فأنعم بها عليك، وأما السيئة فابتلاك بها. * * * القول في تأويل قوله: ﴿فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨) ﴾ قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"فمال هؤلاء القوم"، [[قال الفراء في معاني القرآن ١: ٢٧٨: " (فمال) ، كثرت في الكلام حتى توهموا أن اللام متصلة ب"ما"، وأنها حرف في بعضه".]] فما شأن هؤلاء القوم الذين إن تصبهم حسنة يقولوا:"هذه من عند الله"، وإن تصبهم سيئة يقولوا:"هذه من عندك" ="لا يكادون يفقهون حديثًا"، يقول: لا يكادون يعلمون حقيقة ما تخبرهم به، من أن كل ما أصابهم من خير أو شر، أو ضرّ وشدة ورخاء، فمن عند الله، لا يقدر على ذلك غيره، ولا يصيب أحدًا سيئة إلا بتقديره، ولا ينال رخاءً ونعمة إلا بمشيئته. وهذا إعلام من الله عبادَه أن مفاتح الأشياء كلها بيده، لا يملك شيئًا منها أحد غيره.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب