الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا (٣١) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى"الكبائر" التي وعد الله جل ثناؤه عبادَه باجتنابها تكفيرَ سائر سيئاتهم عنهم.
فقال بعضهم: الكبائر التي قال الله تبارك وتعالى:"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم"، هي ما تقدَّم الله إلى عباده بالنهي عنه من أول"سورة النساء" إلى رأس الثلاثين منها.
* ذكر من قال ذلك:
٩١٦٨ - حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله قال: الكبائر، من أول"سورة النساء" إلى ثلاثين منها.
٩١٦٩ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله بمثله.
٩١٧٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج، قال، حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود مثله.
٩١٧١ - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم قال، حدثني علقمة، عن عبد الله قال: الكبائر، من أول"سورة النساء" إلى قوله:"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه".
٩١٧٢ - حدثنا الرفاعي قال، حدثنا أبو معاوية وأبو خالد، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: الكبائر، من أول"سورة النساء" إلى قوله:"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه".
٩١٧٣ - حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: سئل عبد الله عن الكبائر، قال: ما بين فاتحة"سورة النساء" إلى رأس الثلاثين.
٩١٧٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد عن إبراهيم، عن ابن مسعود قال: الكبائر، ما بين فاتحة"سورة النساء" إلى ثلاثين آية منها:"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه".
٩١٧٥ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد الله أنه قال: الكبائر، من أول"سورة النساء" إلى الثلاثين منها:"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه".
٩١٧٦ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن إبراهيم قال: كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة"سورة النساء"، إلى هذا الموضع:"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه".
٩١٧٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا شعبة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن ابن مسعود قال: الكبائر، من أول"سورة النساء" إلى ثلاثين آية منها. ثم تلا"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مُدْخلا كريمًا".
٩١٧٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا مسعر، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش قال، قال عبد الله: الكبائر ما بين أول"سورة النساء" إلى رأس الثلاثين. [[الآثار: ٩١٦٨ -٩١٧٨ - هذه الآثار أثر واحد بأسانيد كثيرة، أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ٤، وقال: "رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح".]]
* * *
وقال آخرون:"الكبائر سبع".
* ذكر من قال ذلك:
٩١٧٩ - حدثني تميم بن المنتصر قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه قال: إني لفي هذا المسجد، مسجد الكوفة، وعليٌّ يخطب الناسَ على المنبر، [[في المطبوعة وابن كثير: "علي رضي الله عنه" وأثبت ما في المخطوطة.]] فقال:"يا أيها الناس، إن الكبائر سبعٌ"، فأصاخ الناس، فأعادها ثلاث مرّات ثم قال: ألا تسألوني عنها؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، ما هي؟ قال:"الإشراك بالله، وقتلُ النفس التي حرّم الله، وقذفُ المحصَنة، وأكلُ مال اليتيم، وأكلُ الرّبا، والفرارُ يوم الزحف، والتعرُّب بعد الهجرة". فقلت لأبي: يا أبهْ، ما التعرّب بعد الهجرة؟ [[في المطبوعة وابن كثير: "يا أبت"، وهما سواء. و"التعرب": الرجوع إلى سكنى البادية كالأعراب، يقال: "تعرب بعد هجرته"، أي: صار أعرابيًا.]] كيف لحق ههنا؟ [[في المخطوطة: "كيف نحن ههنا"، وهي مضطربة الكتابة، فتركت ما في المطبوعة على حاله لموافقته ما في تفسير ابن كثير.]] فقال: يا بنيّ، وما أعظم من أن يهاجر الرجل، حتى إذا وقع سَهمه في الفيء ووَجب عليه الجهاد، خلع ذلك من عنقه، فرجع أعرابيًّا كما كان!!. [[الأثر: ٩١٧٩ -"محمد بن سهل بن أبي حثمة الأنصاري"، روى عن أبيه وعمه. مترجم في الكبير ١ / ١ / ١٠٧، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ٢٧٧، وتعجيل المنفعة: ٣٦٥. لم يذكر فيه البخاري جرحًا، وذكره ابن حبان في الثقات.
وهذا الأثر أشار إليه البخاري في التاريخ الكبير في ترجمته، وخرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٤٢٢، فذكر ما رواه ابن مردويه من رواية ابن لهيعة، عن زياد بن أبي حبيب، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه، سمعت النبي ﷺ يقول"، وساق الخبر مرفوعًا. ثم قال: "وفي إسناده نظر، ورفعه غلط فاحش، والصواب ما رواه ابن جرير"، وساق الخبر.]]
٩١٨٠ - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن ابن إسحاق، عن عبيد بن عمير قال: الكبائر سبع، ليس منهن كبيرة إلا وفيها آية من كتاب الله: الإشراك بالله منهن: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [سورة الحج: ٣١] و ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ [سورة النساء: ١٠] ، و ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [سورة البقرة: ٢٧٥] ، و ﴿الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [سورة النور: ٢٣] ، والفرار من الزحف: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأدْبَارَ﴾ [سورة الأنفال: ١٥] ، والتعرب بعد الهجرة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى﴾ [سورة محمد: ٢٥] ، وقتل النفس.
٩١٨١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن ابن إسحاق، عن عبيد بن عمير الليثي قال: الكبائر سبع: الإشراك بالله: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ ، وقتل النفس: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ الآية، [سورة النساء: ٩٣] ، وأكل الربا: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ الآية، وأكل أموال اليتامى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ الآية، وقذف المحصنة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ الآية، والفرار من الزحف: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾ الآية، [سورة الأنفال: ١٦] والمرتدُّ أعرابيًا بعد هجرته: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى﴾ الآية. [[الأثر: ٩١٨٠، ٩١٨١ - في الأثر الأول، "محمد بن عبيد بن محمد بن واقد المحاربي"، أبو جعفر النحاس الكوفي، شيخ الطبري، روى عنه أبو داود والنسائي والترمذي وأبو حاتم وغيرهم. قال النسائي: "لا بأس به"، وذكره ابن حبان في الثقات. وقد مضت روايته عنه في مواضع كثيرة: ١٩٥٢، ٣١٦٧، ٣٣٦٦، ٤٢٩٢، ٨٧٥٦.
و"أبو الأحوص، سلام بن سليم"، مضت ترجمته برقم: ٢٠٥٨، ٣١٦٧، ٦١٧٠، ٧٢١٦.
و"ابن إسحاق" هو"محمد بن إسحاق"، مضت ترجمته مرارًا.
و"عبيد بن عمير بن قتادة بن سعيد الليثي"، روى عن أبيه، وله صحبة، وعمر، وعلي، وأبي بن كعب، وأبي موسى، وأبي هريرة. تابعي ثقة من كبار التابعين. مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة هنا: "عبيدة بن عمير"، وهو خطأ، والصواب ما في المخطوطة.
وانظر الأثر الآتي رقم: ٩١٨٩، والتعليق عليه.]]
٩١٨٢ - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد قال: سألت عبيدة عن الكبائر فقال: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها، وفرارٌ يومَ الزحف، وأكل مال اليتيم بغير حقه، وأكل الربا، والبهتان. قال: ويقولون: أعرابية بعد هجرة = قال ابن عون: فقلت لمحمد: فالسحر؟ قال: إن البهتان يجمع شرًّا كثيرًا.
٩١٨٣- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور وهشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة أنه قال: الكبائر: الإشراك، وقتل النفس الحرام، وأكل الربا، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، والفرارُ من الزحف، والمرتدّ أعرابيًّا بعد هجرته.
٩١٨٤ - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة بنحوه.
* * *
وعلة من قال هذه المقالة ما:-
٩١٨٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، أخبرني الليث قال، حدثني خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نعيم المُجْمِر قال: أخبرني صهيب مولى العُتْواريّ: أنه سمع من أبي هريرة وأبي سعيد الخدري يقولان: خطبنا رسول الله ﷺ يومًا فقال: والذي نفسي بيده = ثلاث مرات = ثم أكبَّ، فأكبَّ كل رجل، منا يبكي، [[أكب الرجل إكبابًا: نكس رأسه ونظر إلى الأرض.]] لا يدري على ماذا حلف، ثم رفع رأسه وفي وجهه البِشر، فكان أحبَّ إلينا من حُمْر النَّعم، [["النعم": الإبل والشاء وأشاههما، وأراد به الإبل هاهنا. و"حمر النعم": خير الإبل وأصبرها على الهواجر، والعرب تقول: "خير الإبل حمرها وصهبها"، وهي التي لم يخالط حمرتها شيء.]] فقال: ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رَمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبعَ، إلا فتحت له أبواب الجنة، ثم قيل: ادخل بسلام". [[الحديث: ٩١٨٥ - هذا إسناد صحيح.
خالد: هو ابن يزيد المصري. مضى توثيقه: ٥٤٦٥. نعيم بن عبد الله المجمر - بضم الميم الأولى وكسر الثانية بينهما جيم ساكنة - المدني، مولى آل عمر بن الخطاب: تابعي ثقة معروف. أخرج له الجماعة. صهيب مولى العتواري: تابعي مدني ثقة. ترجمه البخاري في الكبير ٢ / ٢ / ٣١٧. وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٤٤.
و"العتواري": بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة. نسبته إلى"عتوارة"، بطن من كنانة، كما قال ابن الأثير. ووقع في مطبوعة ابن كثير في هذا الحديث"الصواري"! وهو تصحيف مطبعي سخيف. والحديث رواه البخاري في الكبير - في ترجمة صهيب - موجزًا كعادته، من طريق الليث، وهو ابن سعد، بهذا الإسناد.
ورواه النسائي ١: ٣٣٢، من طريق شعيب، عن الليث، به.
وذكره ابن كثير ٢: ٤١٥، عن هذا الموضع. وقال: "وهكذا رواه النسائي، والحاكم في مستدركه، من حديث الليث بن سعد، به. ورواه الحاكم أيضًا، وابن حبان في صحيحه - من حديث عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، به. ثم قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وذكره السيوطي ٢: ١٤٥، وزاد نسبته لابن ماجه، وابن خزيمة، والبيهقي في سننه.]]
٩١٨٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء قال: الكبائر سبع: قتل النفس، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، ورمي المحصنة، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، والفرار يوم الزحف.
* * *
وقال آخرون هي تسع.
* ذكر من قال ذلك:
٩١٨٧ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا زياد بن مخراق، عن طيسلة بن مياس قال: كنت مع النَّجَدات، فأصبت ذنوبًا لا أراها إلا من الكبائر! فلقيت ابن عمر فقلت: أصبتُ ذنوبًا لا أراها إلا من الكبائر! [[في المطبوعة والمخطوطة: "إني أصيب ذنوبا"، "أصيب" في المواضع الثلاثة في المخطوطة وفي الأول من المخطوطة: "أصبت"، وأنا أرجح أن هذه هي الصواب، فأجريت عليها المواضع الثلاثة، فجعلتها"أصبت"، فإنها أوفق لمعنى الخبر، وهي موافقة لما في ابن كثير.]] قال: وما هي؟ قلت: أصبت كذا وكذا. [[أسقط في المطبوعة من هذا الموضع قوله: "أصبت"، فأثبتها في المخطوطة.]] قال: ليس من الكبائر = قال: لشيء لم يسمِّه طيسلة [[في المطبوعة: "أشيء لم يسمعه طيسلة"، والصواب المحض في المخطوطة. يعني أن هذا الذنب، أو هذه الذنوب، لم يسمها، ولم يذكرها طيسلة، وهي ليست من الكبائر.]] = قال: هي تسع، وسأعدُّهن عليك: الإشراك بالله، وقتل النَّسَمة بغير حِلِّها، والفرار من الزحف، وقذفُ المحصنة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ظلمًا، وإلحادٌ في المسجد الحرام، والذي يستسحر، [[في المطبوعة والأدب المفرد للبخاري وابن كثير: "والذي يستسخر" بالخاء، وإنما معنى"يستسخر"، أن يسخر ويستهزئ، وليس ذلك من الكبائر، ولم أجده مذكورًا في خبر من الأخبار.
وفي المخطوطة والدر المنثور ٢: ١٤٦"يستسحر"، وهي غير منقوطة الحاء، وقراءتها بالحاء المهملة هو الصواب المحض فيما أرجح، وإن كان"استسحر، يستسحر" غير مذكور في شيء من كتب اللغة التي تحت أيدينا اليوم. وأنا أرجح أنه صواب، لأن المذكور في الآثار والأحاديث أنه من الكبائر هو"السحر"، وبناء"استسحر" من"السحر" صحيح في الاشتقاق، صحيح في معناه، وأرجح أن معناه: طلبك من الساحر أن يعمل لك بالسحر، أو أن تطلب منه علم السحر. وهذا موافق لما جاء في حديث طيسلة الذي يلي هذا الأثر وفيه: "والسحر". وهذا وقد جاء في بعض الآثار: "وتعلم السحر" (ابن كثير ٢: ٤١٨) ، وجاء في خبر ابن عباس عن رسول الله ﷺ، فيمن يغفر له: "ولم يكن ساحرًا يتبع السحرة" (مجمع الزوائد ١: ١٠٤) ، وغيرها.
وصحته من جهة الاشتقاق، أنهم قالوا في"الطرق"، وهو الضرب بالحصا، وهو نوع من الكهانة: "استطرق": طلب من الكاهن أن يطرق له الحصى، وأن ينظر له فيه. وأشباه ذلك كثير لا معنى لاستقصائه ههنا.]] وبكاء الوالدين من العقوق = قال زياد: وقال طيسلة: لما رأى ابن عمر فَرَقِي قال [[الفرق: شدة الفزع والخوف.]] أتخاف النار أن تدخلها؟ قلت: نعم! قال: وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: نعم! قال: أحيٌّ والداك؟ قلت: عندي أمي. قال: فوالله لئن أنت ألَنْت لها الكلام، وأطعمتها الطعامَ، لتدخلنّ الجنة ما اجتَنَبْتَ الموجِبات. [[الحديث: ٩١٨٧ - هذا إسناد صحيح.
زياد بن مخراق المزني البصري: ثقة، وثقه ابن معين والنسائي وغيرهما. مترجم في التهذيب. وترجمه البخاري في الكبير ٢ / ٢ / ٣٣٩، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٥٤٥.
طيسلة بن مياس، وسيأتي في الإسناد التالي"طيسلة بن علي النهدي" - وهما واحد. أبوه اسمه"علي"، ولقبه"مياس". وقد جزم البخاري في الكبير ٢ / ٢ / ٣٦٨ بأنهما واحد، وذكر أن صواب نسبته"البهدلي"، وقال: "وبهدلة من بني سعد - و"النهدي، لا يصح". وكذلك جزم ابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٥٠١ بأنهما واحد، وبأنه"البهدلي" ويقال: السلمي. وروى عن يحيى بن معين، قال: "طيسلة بن علي البهدلي اليمامي: ثقة".
والحديث رواه البخاري في الأدب المفرد، ص: ٤، عن مسدد، عن إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن علية - بهذا الإسناد.
وذكره ابن كثير ٢: ٤١٧، عن هذا الموضع.
وذكره السيوطي ٢: ١٤٦ مختصرًا، وفي متنه تحريف. وزاد نسبته لابن راهويه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والقاضي إسماعيل في أحكام القرآن.
وقوله: "مع النجدات": هم قوم من الخوارج، من الحرورية، ينسبون إلى"نجدة بن عامر الحروي الحنفي"، رجل منهم، يقال: "هؤلاء النجدات" قاله في اللسان. وكان في المطبوعة"الحدثان"! وهو تصحيف صرف. ورسمت في المخطوطة دون نقط بما يقارب لفظ"النجدات". وثبت على الصواب في الأدب المفرد والمخطوطة الأزهرية من تفسير ابن كثير.]]
٩١٨٨ - حدثنا سليمان بن ثابت الخراز الواسطي قال، أخبرنا سلم بن سلام قال، أخبرنا أيوب بن عتبة، عن طيسلة بن علي النهدي قال: أتيت ابن عمر وهو في ظلّ أراكٍ يوم عرفة، وهو يصب الماء على رأسه ووجهه، قال قلت: أخبرني عن الكبائر؟ قال: هي تسع. قلت: ما هن؟ قال: الإشراك بالله، وقذف المحصنة = قال قلت: قبل القتل؟ قال: نعم، ورَغْمًا = وقتل النفس المؤمنة، والفرار من الزحف، والسحر، وأكلُ الربا، وأكل مال اليتيم، وعقوق الوالدين المسلمين، وإلحادٌ بالبيت الحرام، [[في المطبوعة: "والإلحاد" بالتعريف، وفي المخطوطة: "والحلا". وظاهر أن الناسخ شبك الدال في الألف من عند مثنى الدال بقلم واحد في الخط. وانظر مثله في الأثر السالف.]] قبلتِكم أحياء وأمواتًا. [[الحديث: ٩١٨٨ - وهذا إسناد آخر للحديث السابق، بنحوه.
سليمان بن ثابت الخراز الواسطي - شيخ الطبري: لم أعرف من هو؟ ولم أجد له ترجمة. وثبت في ابن كثير"الجحدري" بدل"الخراز"!
سلم بن سلام: هو أبو المسيب الواسطي. مترجم في التهذيب ٤: ١٣١، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢٦٨، ولم يذكر فيه جرحًا.
أيوب بن عتبة، أبو يحيى قاضي اليمامة: ضعيف، ضعفه أحمد، والبخاري، وغيرهما.
وهذا الحديث ذكره ابن كثير ٢: ٤١٧، عن هذا الموضع. ثم ذكر أنه رواه علي بن الجعد، عن أيوب بن عتبة - وساقه مطولا - وقال: "وهكذا رواه الحسن بن موسى الأشيب، عن أيوب بن عتبة اليمامي، وفيه ضعف".
وأشار الحافظ في التهذيب ٥: ٣٦-٣٧، في ترجمة طيسلة، إلى أنه"أخرجه البغوي في الجعديات، عن علي بن الجعد، عن أيوب بن عتبة، عن طيسلة بن علي. وأخرجه الخطيب في الكفاية، والخرائطي في مساوئ الأخلاق، والبرديجي في الأسماء المفردة -: من طريق أخرى، عن أيوب بن عتبة، عن طيسلة بن مياس".
ولكن أيوب بن عتبة لم ينفرد به عن طيسلة. فقد رواه عنه أيضًا عكرمة بن عمار العجلي، وهو ثقة:
فأشار إليه البخاري - كعادته - إشارة موجزة، في ترجمة طيسلة ٢ / ٢ / ٣٦٨، قال: "وقال النضر بن محمد: حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني طيسلة بن علي البهدلي، سمع ابن عمر. وقال وكيع، عن عكرمة: طيسلة بن علي النهدي، أن ابن عمر كان ينزل الأراك يوم عرفة". وهذه قطعة من هذا الحديث.
وهذه القطعة رواها أبو داود في (مسائل الإمام أحمد) ، ص: ١١٨، "حدثنا أحمد، قال حدثنا وكيع، عن عكرمة بن عمار، عن طيسلة بن علي: أن ابن عمر نزل الأراك يوم عرفة".
وقد قصر السيوطي جدًا، حيث ذكر هذا الحديث ٢: ١٤٦، ولم ينسبه لغير"علي بن الجعد في الجعديات".]]
٩١٨٩ - حدثنا سليمان بن ثابت الخراز قال، أخبرنا سلم بن سلام قال، أخبرنا أيوب بن عتبة، عن يحيى، عن عبيد بن عمير، عن أبيه، عن النبي ﷺ بمثله = إلا أنه قال: بدأ بالقتل قبل القذف. [[الحديث: ٩١٨٩ - يحيى: هو ابن أبي كثير. ووقع هنا في المخطوطة والمطبوعة"يحيى بن عبيد بن عمير"! بتحريف"عن" إلى"بن". وهو تصحيف من الناسخين. ثم قد سقط من الإسناد هنا"عبد الحميد بن سنان" بين"يحيى بن أبي كثير" و"عبيد بن عمير". وليس هذا من الناسخين، بل هو خطأ من أيوب بن عتبة.
عبيد بن عمير الليثي: تابعي معروف من كبار التابعين. مضى مرارًا.
أبوه"عمير بن قتادة الليثي": صحابي، شهد الفتح وحجة الوداع.
والحديث رواه الحاكم في المستدرك ١: ٥٩، مطولا، من طريق حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الحميد بن سنان، عن عبيد بن عمير، عن أبيه. وقال الحاكم: "قد احتجا [يعني الشيخين] برواة هذا الحديث، غير عبد الحميد بن سنان. فأما عمير بن قتادة فإنه صحابي. وابنه عبيد متفق على إخراجه والاحتجاج به". وتعقبه الذهبي في مختصره بأنهما لم يحتجا بعبد الحميد"لجهالته، ووثقه ابن حبان".
ثم رواه الحاكم مرة أخرى ٤: ٢٥٩-٢٦٠، من طريق حرب بن شداد أيضًا - مطولا. ثم قال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". وهنا وافقه الذهبي على تصحيحه، ولم يتعقبه بشيء.
وقد رواه الحافظ المزي في تهذيب الكمال، ص: ٧٦٩ (مخطوط مصور) مطولا، بإسنادين، من طريق حرب بن شداد، عن يحيى.
ورواه أبو داود: ٢٨٧٥، من طريق حرب بن شداد، ولم يذكر لفظه كله.
ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب، في ترجمة عمير بن قتادة، ص: ٤٣٩ بإسناده من طريق أبي داود. وساق لفظه، ولكنه موجز من روايتي الحاكم. ورواه النسائي ٢: ١٦٥، مختصرًا، من طريق حرب بن شداد. ولكن فيه"هن سبع" بدل"تسع". وذكره ابن كثير ٢: ٤١٦، عن رواية الحاكم الأولى. ثم قال: "وقد أخرجه أبو داود، والنسائي، مختصرًا ... وكذا رواه ابن أبي حاتم، من حديثه مبسوطًا. ثم قال الحاكم: رجاله كلهم محتج بهم في الصحيحين، إلا عبد الحميد بن سنان. قلت: وهو حجازي لا يعرف إلا بهذا الحديث، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. وقال البخاري: في حديثه نظر".
ثم أشار ابن كثير إلى رواية الطبري هذه. ثم قال: "ولم يذكر في الإسناد عبد الحميد بن سنان". وهذا يدل على أن حذف"عبد الحميد بن سنان" من الإسناد - ليس خطأ من الناسخين، إنما هو من تخليط أيوب بن عتبة.
وعبد الحميد بن سنان: ترجمه ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ١٣، ولم يذكر فيه جرحًا. فهذا توثيق منه له. والحديث ذكره السيوطي ٢: ١٤٦، وزاد نسبته للطبراني، وابن مردويه.]]
* * *
وقال آخرون: هي أربع.
* ذكر من قال ذلك:
٩١٩٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام بن سلم، عن عنبسة، عن مطرف، عن وبرة، عن ابن مسعود قال: الكبائر: الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، والإياس من رَوْح الله، والأمن من مكر الله.
٩١٩١ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مطرف، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن أبي الطفيل، قال، قال عبد الله بن مسعود: أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والإياسُ من رَوْح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله.
٩١٩٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن وبرة بن عبد الرحمن قال، قال عبد الله: إن الكبائر: الشرك بالله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، والإياس من رَوْح الله.
٩١٩٣ - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس قال، سمعت مطرفًا، عن وبرة، عن أبي الطفيل قال، قال عبد الله: الكبائر أربع: الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من رَوْح الله، والأمن من مكر الله.
٩١٩٤ - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا عبد الله قال، أخبرنا شيبان، عن الأعمش، عن وبرة، عن أبي الطفيل قال: سمعت ابن مسعود يقول: أكبر الكبائر: الإشراك بالله.
٩١٩٥ - حدثني محمد بن عمارة قال، حدثنا عبد الله قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن وبرة، عن أبي الطفيل، عن عبد الله بنحوه:
٩١٩٦ - حدثني ابن المثنى قال، حدثني وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن عبد الملك، عن أبي الطفيل، عن عبد الله قال: الكبائر أربع: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والإياس من رَوْح الله، والقنوط من رحمة الله. [[الأثر: ٩١٩٦ -"عبد الملك" هو عبد الملك بن سعيد بن حبان بن أبجر، ويعرف بابن أبجر. كان ثقة ثبتًا في الحديث صاحب سنة. يروي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عبد الملك بن أبي الطفيل" وهو خطأ ظاهر.]]
٩١٩٧ - وبه قال، حدثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل، عن عبد الله بمثله.
٩١٩٨ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل، عن عبد الله بن مسعود بنحوه.
٩١٩٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي الطفيل، عن ابن مسعود قال: الكبائرُ أربع: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله، والأمن لمكر الله، والإياسُ من رَوْح الله.
٩٢٠٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن المسعودي، عن فُرات القزاز، عن أبي الطفيل، عن عبد الله قال: الكبائر: القنوط من رحمة الله، والإياس من رَوح الله، والأمن لمكر الله، والشرك بالله. [[الآثار: ٩١٩٠ - ٩٢٠٠ -"فرات القزاز" في الأثر الأخير، هو: "فرات بن أبي عبد الرحمن القزاز التميمي". روى عن أبي الطفيل وغيره، وروى عنه ابنه الحسن بن الفرات، وشعبة والمسعودي وغيرهم. ثقة. مترجم في التهذيب. وهذا الخبر عن ابن مسعود، قد ساقه الطبري من طرق كثيرة، ذكر واحدًا منها ابن كثير في تفسيره ٢: ٤٢٢، وقال: "ثم رواه من عدة طرق، عن أبي الطفيل، عن ابن مسعود، وهو صحيح إليه بلا شك". وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٤٧، ونسبه أيضًا لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والطبراني، وابن أبي الدنيا في التوبة.
وخرجه ابن كثير أيضًا في تفسيره ٢: ٤٢١، ٤٢٢، من حديث ابن عباس مرفوعًا وقال: "في إسناده نظر، والأشبه أن يكون موقوفًا".]]
* * *
وقال آخرون: كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة.
* ذكر من قال ذلك:
٩٢٠١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن منصور، عن ابن سيرين، عن ابن عباس قال: ذكرت عنده الكبائر فقال: كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة.
٩٢٠٢ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب، عن محمد قال: أنبئت أن ابن عباس كان يقول: كل ما نهى الله عنه كبيرة = وقد ذُكرت الطَّرْفة، قال: هي النظرة.
٩٢٠٣ - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا معتمر، عن أبيه، عن طاوس قال، قال رجل لعبد الله بن عباس: أخبرني بالكبائر السبع. قال، فقال ابن عباس: هي أكثر من سبع وسبع = [[في المخطوطة وابن كثير ٢: ٤٢٥: "من سبع وسبع"، وفي المطبوعة: "من سبع وتسع"، وأثبت ما في المخطوطة. وانظر الأثر رقم: ٩٢٠٤.]] فما أدري كم قالها من مرة.
٩٢٠٤ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن سليمان التيمي، [[في المطبوعة: "سليمان التميمي"، خطأ، صوابه من المخطوطة.]] عن طاوس قال: ذكروا عند ابن عباس الكبائر فقالوا: هي سبع. قال: هي أكثر من سبع وَسبع! قال سليمان: فلا أدري كم قالها من مرّة.
٩٢٠٥ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي، عن عوف قال: قام أبو العالية الرّياحي على حَلْقةٍ أنا فيها فقال: إن ناسًا يقولون:"الكبائر سبع"، وقد خفت أن تكون الكبائر سبعين أو يزدن على ذلك.
٩٢٠٦ - حدثنا علي قال، حدثنا الوليد قال، سمعت أبا عمرو يخبر، عن الزهري، عن ابن عباس: أنه سئل عن الكبائر: أسبع هي؟ قال: هي إلى السبعين أقرب.
٩٢٠٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن قيس بن سعد، عن سعيد بن جبير، أن رجلا قال لابن عباس: كم الكبائر؟ أسبع هي؟ قال: إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار.
٩٢٠٨ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن طاوس قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: أرأيت الكبائرَ السبع التي ذكرهن الله؟ ما هن؟ قال: هن إلى السبعين أدنى منها إلى سبع.
٩٢٠٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: قيل لابن عباس: الكبائر سبع؟ قال: هي إلى السبعين أقرب.
٩٢١٠ - حدثنا أحمد بن حازم قال، أخبرنا أبو نعيم قال، حدثنا عبد الله بن سعدان، عن أبي الوليد قال: سألت ابن عباس عن الكبائر، قال: كل شيء عُصيِ الله فيه فهو كبيرة. [[الأثر: ٩٢١٠ -"عبد الله بن سعدان" لم أعرفه ولم أجده = و"أبو الوليد"، كذلك لم أجده. وأخشى أن يكون فيهما تحريف أو سقط. وأما في ابن كثير ٢: ٤٢٥، فقد كتب"عبد الله بن معدان"، ولم أجده أيضًا.]]
* * *
وقال آخرون: هي ثلاث.
* ذكر من قال ذلك:
٩٢١١ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن مسعود قال: الكبائر ثلاث: اليأسُ من رَوْح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله. [[الأثر: ٩٢١١ - انظر الآثار السالفة عن ابن مسعود من ٩١٩٠ - ٩٢٠٠.]]
* * *
وقال آخرون: كل موجِبة، وكل ما أوعد الله أهلَه عليه النار، فكبيرة.
* ذكر من قال ذلك:
٩٢١٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه"، قال:"الكبائر"، كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعْنة، أو عذاب.
٩٢١٣ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا هشام بن حسان، عن محمد بن واسع قال، قال سعيد بن جبير: كل موجبة في القرآن كبيرة.
٩٢١٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن محمد بن مِهْزَم الشعاب، عن محمد بن واسع الأزدي، عن سعيد بن جبير قال: كل ذنب نسبه الله إلى النار، فهو من الكبائر. [[الأثر: ٩٢١٤ -"محمد بن مهزم الشعاب"، ويقال"الرمام" لأنه كان يرم القصاع ويشعبها. وثقه ابن معين وابن حبان، وقال أبو حاتم: "ليس به بأس". مترجم في الكبير ١ / ١ / ٢٣٠، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ١٠٢، وتعجيل المنفعة: ٣٧٩. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "مهرم"
وأما "مهزم" (بكسر الميم وسكون الهاء وفتح الزاي) فقال المعلق على التاريخ الكبير: "هكذا شكله في (قط) ، وهكذا ضبط عبد الغني في المؤتلف: ٤٢١، وغيره. وشكله في (كو) كمعلم".
وهذا الأثر أخرجه البخاري في ترجمته في التاريخ الكبير.]]
٩٢١٥ - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم، عن سالم: أنه سمع الحسن يقول: كل موجبة في القرآن كبيرة.
٩٢١٦ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه"، قال: الموجبات.
٩٢١٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٩٢١٨ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا جويبر، عن الضحاك قال: الكبائر: كل موجبة أوجبَ الله لأهلها النار. وكل عمل يقام به الحدُّ، فهو من الكبائر.
* * *
قال أبو جعفر: والذي نقول به في ذلك، ما ثبتَ به الخبرُ عن رسول الله ﷺ، وذلك ما:-
٩٢١٩ - حدثنا به أحمد بن الوليد القرشي قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، حدثني عبيد الله بن أبي بكر قال: سمعت أنس بن مالك قال: ذكر رسول الله ﷺ الكبائر = أو: سئل عن الكبائر = فقال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوقُ الوالدين. فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال: قول الزور = أو قال: شهادة الزور = قال شعبة: وأكبر ظني أنه قال: شهادة الزور. [[الحديث: ٩٢١٩ - عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك: تابعي ثقة. يروي عن جده، ويروي أيضًا عن أبيه عن جده. و"عبيد الله" - بالتصغير. ووقع في ابن كثير في نقل هذا الحديث"عبد الله"؛ وهو خطأ صرف.
والحديث رواه أحمد في المسند: ١٢٣٦٣ (٣: ١٣١ حلبي) عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
ورواه البخاري ١٠: ٣٤٥-٣٤٦ (فتح) . ومسلم ١: ٣٧- كلاهما من طريق محمد بن جعفر، به.
ورواه البخاري أيضًا ٥: ١٩٢ (فتح) ، من طريق وهب بن جرير، وعبد الملك بن إبراهيم، كلاهما عن شعبة، به.
وذكره ابن كثير ٢: ٤١٨، عن رواية المسند. ثم نسبه للصحيحين.
وذكره السيوطي ٢: ١٤٦-١٤٧، وزاد نسبته لعبد بن حميد، والترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم.
وسيأتي عقبة، بإسنادين - بنحوه - من طريق شعبة.]]
٩٢٢٠ - حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال، حدثنا خالد بن الحارث قال، حدثنا شعبة قال، أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس، عن النبي ﷺ في الكبائر قال:"الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتلُ النفس، وقول الزور.
٩٢٢١ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يحيى بن كثير قال، حدثنا شعبة، عن عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس قال: ذكروا الكبائرَ عند رسول الله ﷺ، فقال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس. ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قولُ الزور.
٩٢٢٢ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن فراس، عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ قال: أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين = أو: قتلُ النفس، شعبة الشاكّ = واليمينُ الغَمُوس.
٩٢٢٣ - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، حدثنا شيبان، عن فراس، عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيّ ﷺ فقال: ما الكبائر؟ قال: الشرك بالله. قال: ثم مَهْ؟ = قال: وعقوق الوالدين. قال: ثم مَهْ؟ قال: واليمين الغَموس = قلت للشعبي: ما اليمين الغَمُوس؟ قال: الذي يقتطع مالَ امرئ مسلم بيمينه وهو فيها كاذب. [[الحديثان: ٩٢٢٢، ٩٢٢٣ - هما إسنادان لحديث واحد، بمعناه.
و"فراس" - بكسر الفاء وتخفيف الراء: هو ابن يحيى الهمداني الخارفي. وهو ثقة، أخرج له الجماعة.
عبيد الله بن موسى، في الإسناد الثاني: هو العبسي الحافظ. مضت ترجمته: ٢٠٩٢. ووقع في المطبوعة"عبد الله" بالتكبير، وهو خطأ.
وشيخه"شيبان": هو النحوي أبو معاوية، وهو ابن عبد الرحمن. مضت ترجمته: ٢٣٤٠.
والحديث رواه أحمد في المسند: ٦٨٨٤، عن محمد بن جعفر، عن شعبة - كالإسناد الأول هنا.
ورواه البخاري ١٢: ١٧٠ (فتح) ، عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، به.
ورواه أيضًا ١١: ٤٨٢-٤٨٣، من طريق النضر بن شميل، عن شعبة.
والرواية الثانية هنا - رواية عبيد الله بن موسى - أشار إليها الحافظ في الفتح ١١: ٤٨٣ من رواية ابن حبان في صحيحه.
والحديث رواه أيضًا الترمذي ٤: ٨٧-٨٨، والنسائي ٢: ١٦٥، ٢٥٤، وأبو نعيم في الحلية ٧: ٢٠٢. وذكره ابن كثير ٢: ٤١٩، من رواية المسند. ونسبه للبخاري، والترمذي، والنسائي.
وذكره السيوطي ١: ١٤٧، ونسبه لهؤلاء، ولأحمد، والطبري.]]
٩٢٢٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا ابن أبي السري محمد بن المتوكل العسقلاني قال، حدثنا يحيى بن سعد، عن خالد بن معدان، عن أبي رُهْم، عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله ﷺ: من أقام الصلاة، وأتى الزكاة، وصام رمضان، واجتنب الكبائر، فله الجنة. قيل: وما الكبائر؟ قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، والفرار يوم الزحف. [[الحديث: ٩٢٢٤ - ابن أبي السرى، محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن، الحافظ العسقلاني: ثقة، وثقه ابن معين وغيره. مات سنة ٢٣٨. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ١٠٥، وتذكرة الحفاظ ٢: ٥٣-٥٤.
يحيى بن سعيد: هو العطار الأنصاري الحمصي، مضت ترجمته في: ٥٧٥٣. وكان في المطبوعة بدله"محمد بن سعد"، وهو تحريف على اليقين. وما أثبتنا هو الذي في المخطوطة، على أن كلمة"يحيى" فيها غير واضحة تمامًا. وكان من المحتمل هنا أن يكون الاسم"بحير بن سعد"، لأنه روى هذا الحديث - كما سيأتي. ولكني لم أجد ذكرًا لبحير بن سعد في شيوخ ابن أبي السرى، الذين حصرهم الحفاظ المزي في تهذيب الكمال، كعادته. ولكنه ذكر في شيوخه"يحيى بن سعيد العطار".
خالد بن معدان الكلاعي: مضى في: ٢٠٧٠.
أبو رهم - بضم الراء وسكون الهاء - أحزاب بن أسيد السمعي: تابعي قديم ثقة. وذكره بعضهم في الصحابة. والراجح الأول.
والحديث رواه أحمد في المسند ٥: ٤١٣ (حلبي) ، عن المقرئ، عن حيوة بن شريح: "حدثنا بقية، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان ... " - فذكره.
ثم رواه ٥: ٤١٣-٤١٤، عن زكريا بن عدي، أخبرنا بقية، عن بحير، عن خالد بن معدان ... ".
وبقية: هو ابن الوليد. وهو ثقة، وتكلم فيه من تكلم بأنه يدلس، ولكنه صرح بالتحديث في الإسناد الأول عند أحمد. فزالت شبهة التدليس.
و"بحير بن سعد الحمصي": ثقة. وثقه أحمد، وابن سعد، وغيرهما. و"بحير": بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة وآخره راء. وأبوه"سعد": بفتح السين وسكون العين. وقد ثبت على الصواب في تهذيب الكمال للمزي (مخطوط مصور) ، والكبير للبخاري ١ / ٢ / ١٣٧-١٣٨، وابن أبي حاتم ١ / ١ / ٤١٢، والمشتبه للذهبي، والمسند، وغير ذلك. ورسم في تهذيب التهذيب والتقريب والخلاصة"سعيد". وهو خطأ لا شك فيه.
والحديث نقله ابن كثير ٢: ٤١٧-٤١٨، عن الرواية الثانية للمسند. ووقع فيه"يحيى بن سعيد" بدل"بحير بن سعد"! وهو خطأ ناسخ أو طابع، ثم نسبه أيضًا للنسائي.
وذكره السيوطي ٢: ١٤٦، وزاد نسبته لابن المنذر، وابن حبان، والحاكم"وصححه".
وسيأتي عقب هذا بإسناد آخر، من وجه آخر.]]
٩٢٢٥ - حدثني عباس بن أبي طالب قال، حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر، عن ابن أبي جعفر، عن ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن سلمان الأغر، عن أبيه أبي عبد الله سلمان الأغر قال، قال أبو أيوب خالد بن أيوب الأنصاري عقبيٌّ بدريٌّ قال: قال رسول الله ﷺ: ما من عبد يعبد الله لا يشرك به شيئًا، ويقيم الصلاةَ، ويؤتي الزكاة، ويصوم رمضان، ويجتنب الكبائر، إلا دخل الجنة. فسألوه: ما الكبائر؟ قال: الإشراك بالله، والفرار من الزحف، وقتل النفس. [[الحديث: ٩٢٢٥ - وهذا إسناد آخر من وجه آخر للحديث السابق.
عباس بن أبي طالب: مضت ترجمته في: ٨٨٠. سعد بن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري: مضت ترجمته في: ٣٩٥٩. وقد رجحنا توثيقه هناك. ووقع في المطبوعة (والمخطوطة) "سعد بن عبد الحميد عن جعفر"! وهو خطأ. وضعت كلمة"عن" بدل"بن".
وقوله"عن ابن أبي جعفر": هكذا ثبت هنا، فإن يكن صوابًا يكن"عبد الله بن أبي جعفر الرازي"، الماضية ترجمته في: ٧٠٣٠. ولكني أرجح أنه مزيد في الإسناد تخليطًا من الناسخين. فإن"سعد بن عبد الحميد" معروف بالرواية عن ابن أبي الزناد.
وابن أبي الزناد: هو"عبد الرحمن بن أبي الزناد". مضت ترجمته في: ١٦٩٤.
"عبد الله بن سلمان الأغر": هكذا ثبت هنا"عبد الله" بالتكبير. وهو ثقة يروي عن أبيه. ولكني أرجح أن يكون صوابه"عبيد الله" بالتصغير. فإنهم لم يذكروا رواية لموسى بن عقبة عن"عبد الله". وإنما عرف بالرواية عن أخيه"عبيد الله".
و"عبيد الله بن سلمان الأغر": ثقة معروف، يروي عنه مالك، وموسى بن عقبة، وغيرهما.
أبوه"سلمان الأغر، أبو عبد الله المدني": تابعي ثقة معروف، أخرج له الجماعة.
والحديث سبق تخريجه. أما من هذا الوجه - من رواية سلمان الأغر عن أبي أيوب -: فلم أجده في غير هذا الموضع.]]
٩٢٢٦- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال، حدثنا عباد بن عباد، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة: أن ناسًا من أصحاب رسول الله ﷺ ذكروا الكبائر وهو متكئ، فقالوا: الشرك بالله، وأكل مال اليتيم، وفرارٌ من الزحف، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين، وقول الزور، والغُلول، والسحر، وأكل الربا: فقال رسول الله ﷺ: فأين تجعلون: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ ؟ إلى آخر الآية، [سورة آل عمران: ٧٧] . [[الحديث: ٩٢٢٦ - هذا إسناد ضعيف منهار.
جعفر بن الزبير الدمشقي: ضعيف جدًا. روى عن القاسم عن أبي أمامة نسخة موضوعة، كما بينا فيما مضى: ١٩٣٩.
والحديث نقله ابن كثير ٢: ٤٢٣ عن هذا الموضع. وذكره السيوطي ٢: ١٤٧، ولم ينسبه لغير الطبري. وذكر أنه"بسند حسن"! وهو في هذا مخطئ. فما هو إلا إسناد ضعيف لا تقوم له قائمة.]]
٩٢٢٧ - حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي قال، حدثنا سفيان، عن أبي معاوية، عن أبي عمرو الشيباني، عن عبد الله قال: سألت النبي ﷺ: ما الكبائر؟ قال: أن تدعو لله نِدًّا وهو خلقك، وأن تقتل ولدك من أجل أن مأكلٍ معك، أو تزني بحليلة جارك. وقرأ علينا رسول الله ﷺ: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ﴾ [سورة الفرقان: ٦٨] . [[الحديث: ٩٢٢٧ - عبيد الله بن محمد الفريابي - شيخ الطبري - مضت ترجمته في رقم: ١٧، وسيأتي، ص: ٢٥٤، س: ٣، أن الطبري يرى أنه غلط في هذا الحديث. يريد غلطًا في المعنى! ولكنا لا نوافقه على ذلك. فمعنى هذا الحديث والذي بعده واحد. وإنما هو اختلاف في اللفظ.
"سفيان": هو ابن عيينة.
وانظر الإسناد التالي لهذا.]]
٩٢٢٨ - حدثني هذا الحديث عبد الله بن محمد الزهري فقال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو معاوية النخعي = وكان على السجن = سمعه من أبي عمرو، عن عبد الله بن مسعود: سألتُ رسول الله ﷺ فقلت: أيّ العمل شر؟ قال: أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك، وأن تقتل ولدك من أن يأكل معك، أو تزني بجارتك. وقرأ علي: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [[الحديث: ٩٢٢٨ - عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري - شيخ الطبري: ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ١٦٣.
أبو معاوية النخعي - في هذا الإسناد والذي قبله: هو عمرو بن عبد الله بن وهب. وهو ثقة، وثقه ابن معين وغيره. مترجم في التهذيب، وترجمه ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٢٤٣-٢٤٤.
أبو عمر الشيباني: هو سعد بن إياس، التابعي الكبير. مضت ترجمته في: ٥٥٢٤.
والحديث سيأتي في الطبري، عند تفسير الآية: ٧١ من سورة الفرقان (١٩: ٢٦ بولاق) ، عن عبد الله بن محمد الفريابي، عن سفيان، بهذا الإسناد، ثم رواه هناك بأسانيد أخر.
ورواه أحمد في المسند، من رواية أبي وائل شقيق بن سلمة، عن عبد الله - وهو ابن مسعود - مرارًا بأسانيد: ٣٦١٢، ٤١٠٢، ٤١٣١ - ٤١٣٤، ٤٤١١، ٤٤٢٣.
وكذلك رواه البخاري مرارًا، منها ٨: ١٢٤، ١٢: ١٠١-١٠٣، و ١٣: ٤١٣ (فتح) .
وكذلك رواه مسلم ١: ٣٦-٣٧.
وفي بعض الروايات عندهم زيادة"عمرو بن شرحبيل" في الإسناد، بين أبي وائل وابن مسعود والظاهر عندي أن أبا وائل سمعه من ابن مسعود، ومن عمرو بن شرحبيل عن ابن مسعود، فحدث به على الوجهين. ويكون من المزيد في متصل الأسانيد. وفصل الحافظ القول في ذلك في ١٢: ١٠١-١٠٣.
وذكره ابن كثير ٦: ١٩٤-١٩٥، من إحدى روايات المسند، وإحدى روايات الطبري الآتية.
وذكره السيوطي ٥: ٧٧، وزاد نسبته للفريابي، وعبد بن حميد، والترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان.]]
* * *
قال أبو جعفر: وأولى ما قيل في تأويل"الكبائر" بالصحة، ما صحَّ به الخبر، عن رسول الله ﷺ، دون ما قاله غيره، وإن كان كل قائل فيها قولا من الذين ذكرنا أقوالهم، قد اجتهد وبالغ في نفسه، ولقوله في الصحة مذهبٌ. فالكبائر إذن: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس المحرّم قتلها، وقول الزور = وقد يدخل في"قول الزور"، شهادة الزور = وقذف المحصنة، واليمين الغموسُ، والسحر = ويدخل في قتل النفس المحرَّم قتلها، قتل الرجل ولده من أجل أن يطعم معه = والفرارُ من الزحف، والزنا بحليلة الجار.
وإذْ كان ذلك كذلك، صحَّ كل خبر رُوي عن رسول الله ﷺ في معنى الكبائر، وكان بعضه مصدِّقًا بعضًا. وذلك أن الذي روي عن رسول الله ﷺ أنه قال:"هي سبع" يكون معنى قوله حينئذ:"هي سبع" على التفصيل = ويكون معنى قوله في الخبر الذي روي عنه أنه قال:"هي الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقول الزور" على الإجمال، إذ كان قوله:"وقول الزور" يحتمل معاني شتى، وأن يجمعَ جميعَ ذلك"قول الزور".
وأما خبر ابن مسعود الذي حدثني به الفريابي على ما ذكرت، فإنه عندي غلط من عبيد الله بن محمد، لأن الأخبار المتظاهرة من الأوجه الصحاح عن ابن مسعود عن النبي ﷺ، [[في المطبوعة: "من الأوجه الصحيحة"، ولا أدري لم غير ما كان في المخطوطة!!]] بنحو الرواية التي رواها الزهري عن ابن عيينة. ولم يقل أحد منهم في حديثه عن ابن مسعود،"أن النبي ﷺ: سئل عن الكبائر"، فنقلهم ما نقلوا من ذلك عن ابن مسعود عن النبي ﷺ، أولى بالصحة من نقل الفريابي.
* * *
قال أبو جعفر: فمن اجتنب الكبائر التي وعد الله مجتنبَها تكفيرَ ما عداها من سيئاته، وإدخاله مُدخلا كريمًا، وأدَّى فرائضه التي فرضها الله عليه، وجد الله لما وعده من وعدٍ منجزًا، وعلى الوفاء له ثابتًا. [[في المطبوعة: "وعلى الوفاء به دائبا" حرف ما في المخطوطة وكان فيها"وعلى الوفاء له دائبا" غير منقوطة، وهذا صواب قراءتها إن شاء الله.]]
* * *
وأما قوله:"نكفر عنكم سيئاتكم"، فإنه يعني به: نكفر عنكم، أيها المؤمنون، باجتنابكم كبائر ما ينهاكم عنه ربكم، صغائر سيئاتكم [[انظر تفسير"التكفير" فيما سلف: ٧: ٤٨٢، ٤٩٠ = وتفسير"السيئات" فيما سلف ٢: ٢٨١-٢٨٣ / ٧: ٤٨٢، ٤٩٠.]] = يعني: صغائر ذنوبكم، كما:-
٩٢٢٩ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"نكفر عنكم سيئاتكم"، الصغائر. [[الأثر: ٩٢٢٩ - في المطبوعة والمخطوطة"محمد بن الحسن"، والصواب ما أثبت، وهو إسناد دائر في التفسير، أقربه: ٩١٣٣.]]
٩٢٣٠ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن الحسن: أن ناسًا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر، فقالوا: نرى أشياء من كتاب الله، أمرَ أن يُعمل بها، لا يُعمل بها، [[في المخطوطة: "أمر أن يعمل بها لا نعمل بها" بالنون في الثانية، وما في المطبوعة وابن كثير هو الصواب، لأنه جاءوا في شكاة عاملهم في مصر، كما هو ظاهر من آخر الأثر.]] فأردنا أن نلقَى أمير المؤمنين في ذلك؟ فقدم وقدموا معه، فلقيه عمر رضي الله عنه فقال: متى قدمت؟ قال: منذ كذا وكذا. قال: أبإذن قدمت؟ قال: فلا أدري كيف ردّ عليه، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ ناسًا لقوني بمصر فقالوا:"إنا نرى أشياءَ من كتاب الله تبارك وتعالى، أمر أن يعمل بها ولا يعمل بها"، فأحبُّوا أن يلقوك في ذلك. فقال: اجمعهم لي. قال: فجمعتهم له = قال ابن عون: أظنه قال: في بَهْوٍ [[في المطبوعة والمخطوطة: "في نهر"، والصواب من تفسير ابن كثير. و"البهو": البيت المقدم أمام البيوت. وكل هواء أو فجوة، فهو عند العرب"بهو".]] = فأخذ أدناهم رجلا فقال: أنشدكم بالله وبحق الإسلام عليك، أقرأت القرآن كله؟ قال: نعم. قال، فهل أحصيته في نفسك؟ [["أحصى الشيء": أحاط به وحفظه، يعني: هل استوفيتم القيام بكل أمر به في ذلك وحفظتموه وضبطتم العمل به، ومنه قوله تعالى: "عَلَم أنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ"
أي: أن تطيقوا القيام به.]] قال، اللهم لا! = قال: ولو قال:"نعم" لخصَمَه [["خاصمت الرجل فخصمته": أي غلبته بالحجة.]] = قال: فهل أحصيته في بصرك؟ هل أحصيته في لفظك؟ هل أحصيته في أثرك؟ [["الأثر": ما تتركه في الأرض من ثقل خطاك عليها، وأراد به هنا: السعي في الأرض. كالذي في قوله تعالى: "ونكتب ما قدموا وآثارهم"، أي خطاهم حيث سعوا في الأرض.]] قال: ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم، فقال: ثكلتْ عمر أمُّه! أتكلِّفونه أن يقيمَ الناس على كتاب الله؟ قد علم ربنا أن ستكون لنا سيئات. قال: وتلا"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريمًا". هل علم أهل المدينة = أو قال هل علم أحدٌ = بما قَدِمتم؟ قالوا، لا! قال: لو علموا لوعَظْت بكم. [[الأثر: ٩٢٣٠- خرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٤٢٣، ٤٢٤، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٤٥، وقال ابن كثير: "إسناد صحيح ومتن حسن، وإن كانت رواية الحسن عن عمر، وفيها انقطاع، إلا أن مثل هذا اشتهر، فتكفي شهرته". وقال السيوطي: "أخرج ابن جرير بسند حسن".
وقوله: "لوعظت بكم"، أي: لأنزلت بكم من العقوبة، ما يكون عظة لغيركم من الناس. وذلك أنهم جاءوا في شكاة عاملهم على مصر، وتشددوا ولم ييسروا، وأرادوا أن يسير في الناس بما لا يطيقون هم في أنفسهم من الإحاطة بكل أعمال الإسلام، وما أمرهم الله به. وذلك من الفتن الكبيرة. ولم يريدوا ظاهر الإسلام وأحكامه، وإنما أرادوا بعض ما أدب الله به خلقه. وعمر أجل من أن يتهاون في أحكام الإسلام. وإنما قلت هذا وشرحته، مخافة أن يحتج به محتج من ذوي السلطان والجبروت، في إباحة ترك أحكام الله غير معمول بها، كما هو أمر الطغاة والجبابرة من الحاكمين في زماننا هذا.]]
٩٢٣١ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا زياد بن مخراق، عن معاوية بن قرة قال: أتينا أنس بن مالك، فكان فيما حدثنا قال: لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال! [[ليس في المخطوطة"ثم"، وتركتها لأنها في الدر المنثور، وتفسير ابن كثير.]] ثم سكت هنيهة، ثم قال: والله لقد كلفنا ربنا أهون من ذلك! لقد تجاوز لنا عما دون الكبائر! فما لنا ولها؟ ثم تلا"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه" الآية. [[الأثر: ٩٢٣١- ابن كثير ٢: ٤٢٥، والدر المنثور، ٢: ١٤٥، ونسبه أيضًا لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد.]]
٩٢٣٢- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه" الآية، إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنبَ الكبائر. وذكر لنا أن نبي الله ﷺ قال:" اجتنبوا الكبائر، وسدّدوا، وأبشروا".
٩٢٣٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن رجل، عن ابن مسعود قال: في خمس آيات من"سورة النساء": لَهُنَّ أحب إليَّ من الدنيا جميعًا: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا﴾ [سورة النساء: ٤٠] ، وقوله: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [سورة النساء: ٤٨، ١١٦] ، وقوله: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [سورة النساء: ١١٠] ، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [سورة النساء: ١٥٢] . [[الأثر: ٩٢٣٣ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٤٥، ونسبه أيضًا لأبي عبيد القاسم بن سلام، وسعيد بن منصور في فضائله، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والطبراني، والحاكم، والبيهقي في الشعب.]]
٩٢٣٤ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني أبو النضر، عن صالح المرّي، عن قتادة، عن ابن عباس قال: ثمانِ آيات نزلت في"سورة النساء"، هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت، أولاهن: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [سورة النساء: ٢٦] ، والثانية: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا﴾ [سورة النساء: ٢٧] ، والثالثة: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [سورة النساء: ٢٨] ، = ثم ذكر مثل قول ابن مسعود سواء، وزاد فيه: ثم أقبل يفسرها في آخر الآية: وكان الله للذين عملوا الذنوب غفورًا رحيمًا. [[الأثر: ٩٢٣٤ -"أبو النضر"، كأنه: "إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الدمشقي الفراديسي"، من شيوخ البخاري وأبي زرعة، أدركه ولم يكتب عنه، ولد سنة ١٤١، وتوفي سنة ٢٢٧، ثقة. مترجم في التهذيب، وقد مضى في رقم: ٨٧٨٨.
"وصالح المري"، هو: صالح بن بشير بن وداع المري"، القاص. روى عن الحسن، وابن سيرين، وقتادة، وغيرهم. كان رجلا صالحًا، ولكنه يروي أحاديث مناكير تنكرها الأئمة عليه. وهو متروك الحديث. مات سنة ١٧٢، أو سنة ١٧٦، مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٢ / ٢ / ٢٧٤.]]
وأما قوله:"وندخلكم مدخلا كريمًا"، فإن القرأة اختلفت في قراءته. فقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض الكوفيين: ﴿وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا﴾ بفتح"الميم"، وكذلك الذي في"الحج": ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلا يَرْضَوْنَهُ﴾ [سورة الحج: ٥٩] ، فمعنى:"وندخلكم مَدخلا"، فيدخلون دُخُولا كريمًا. وقد يحتمل على مذهب من قرأ هذه القراءة، أن يكون المعنى في"المدخل": المكان والموضع. لأن العرب رُبما فتحت"الميم" من ذلك بهذا المعنى، كما قال الراجز: [[لم أعرف قائله.]]
بِمَصْبَح الْحَمْدِ وَحَيْثُ نُمْسٍي [[معاني القرآن للفراء ١: ٢٦٤، اللسان (صبح) .]]
وقد أنشدني بعضهم سماعًا من العرب: [[هو أمية بن أبي الصلت.]]
الْحَمْدُ لِلِه مَمْسَانَا ومَصْبَحَنَا ... بِالْخَيْرِ صَبَّحَنَا رَبِّي وَمَسَّانَا [[ديوانه: ٦٢، معاني القرآن للفراء ١: ٢٦٤، الخزانة ١: ١٢٠، اللسان (مسى) ، وهو فاتحة هذه القصيدة.]]
وأنشدني آخر غيره:
الْحَمْدُ لِلِه مُمْسَانا وَمُصْبَحَنَا
لأنه من"أصبح""وأمسى". وكذلك تفعل العرب فيما كان من الفعل بناؤه على أربعة، تضم ميمه في مثل هذا فتقول:"دحرجته أدحرجه مُدحرجًا، فهو مُدحرَج". [[في المخطوطة: "دحرجته فهو مدحرج"، وبينهما بياض بقدر كلمات، فزاد في المطبوعة: "مدحرجًا"، وزدت"أدحرجه"، لأن السياق فيما يلي يقتضي ذكرها.]] ثم تحمل ما جاء على"أفعل يُفعل" على ذلك. [[في المطبوعة: "فعل يفعل"، والصواب من المخطوطة.]] لأن"يُفعِل"، من"يُدْخِل"، وإن كان على أربعة، فإن أصله أن يكون على"يؤفعل"،"يؤدخل" و"يؤخرج"، فهو نظير"يدحرج". [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٩٣، ٢٩٤.]]
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين والبصريين:"مُدْخَلا" بضم"الميم"، يعني: وندخلكم إدخالا كريمًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب، قراءة من قرأ ذلك: ﴿وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا﴾ بضم"الميم"، لما وصفنا، من أن ما كان من الفعل بناؤه على أربعة في"فَعَل"، [[يعني بقوله: "فعل" هنا في الموضعين، الفعل الماضي، ولا يعني الوزن الصرفي.]] فالمصدر منه"مُفْعَل". وأن"أدخل" و"دحرج""فَعَل" منه على أربعة. [[يعني بقوله: "فعل" هنا، الفعل الماضي، ولا يعني الوزن الصرفي.]] ف"المُدخل" مصدره أولى من"مَفعل"، مع أن ذلك أفصح في كلام العرب في مصادر ما جاء على"أفعل"، كما يقال:"أقام بمكان فطاب له المُقام"، إذ أريد به الإقامة = و"قام في موضعه فهو في مَقام واسع"، كما قال جل ثناؤه: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ﴾ [سورة الدخان: ٥١] ، من"قام يقوم". ولو أريد به"الإقامة" لقرئ:"إن المتقين في مُقام أمين" كما قرئ: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾ [سورة الإسراء: ٨٠] ، بمعنى"الإدخال" و"الإخراج". ولم يبلغنا عن أحد أنه قرأ:"مَدخل صدق"، ولا"مَخْرج صدق" بفتح"الميم".
* * *
وأما"المدخل الكريم"، فهو: الطيب الحسن، المكرَّم بنفي الآفات والعاهات عنه، وبارتفاع الهموم والأحزان ودخول الكدر في عيش من دَخله، فلذلك سماه الله كريمًا، كما:-
٩٢٣٥ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وندخلكم مدخلا كريمًا"، قال:"الكريم"، هو الحسن في الجنة. [[الأثر: ٩٢٣٥- في المطبوعة: "محمد بن الحسن"، وهو خطأ، وانظر التعليق على الأثر السالف رقم: ٩٢٢٩.]]
{"ayah":"إِن تَجۡتَنِبُوا۟ كَبَاۤىِٕرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَیِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلࣰا كَرِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق