الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَأَنزلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢٧) ﴾
يقول تعالى ذكره: وأنزل الله الذين أعانوا الأحزاب من قريش وغطفان على رسول الله ﷺ وأصحابه، وذلك هو مظاهرتهم إياه، وعنى بذلك بني قريظة، وهم الذين ظاهروا الأحزاب على رسول الله ﷺ.
* * *
وقوله: ﴿مِنْ أهْلِ الكتاب﴾
يعني: من أهل التوراة، وكانوا يهود: وقوله: ﴿منْ صيَاصِيهمْ﴾ يعني: من حصونهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿وَأَنزلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ قال: قريظة، يقول: أنزلهم من صياصيهم.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَأَنزلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) وهم: بنو قُرَيظة، ظاهروا أبا سفيان وراسلوه، فنكثوا العهد الذي بينهم وبين نبيّ الله، قال: فبينا رسول الله ﷺ عند زينب بنت جحش يغسل رأسه، وقد غسلت شقه، إذ أتاه جبرائيل ﷺ، فقال: عفا الله عنك؛ ما وضعت الملائكة سلاحها منذ أربعين ليلة، فانهض إلى بني قريظة، فإني قد قطعت أوتارهم، وفتحت أبوابهم، وتركتهم في زلزال وبلبال؛ قال: فاستلأم رسول الله ﷺ، ثم سلك سكة بني غنم، فاتبعه الناس وقد عصب حاجبه بالتراب؛ قال: فأتاهم رسول الله ﷺ فحاصروهم وناداهم: "يا إخوان القردة"، فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت فحاشا، فنزلوا على حكم ابن معاذ، وكان بينهم وبين قومه حلف، فرجوا أن تأخذه فيهم هوادة، وأومأ إليهم أبو لبابة إنه الذبح، فأنزل الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم، وأن تسبى ذراريهم، وأن عقارهم للمهاجرين دون الأنصار، فقال قومه وعشيرته: آثرت المهاجرين بالعقار علينا قال: فإنكم كنتم ذوي عقار، وإن المهاجرين كانوا لا عقار لهم. وذُكر لنا أن رسول الله ﷺ كبر وقال: "قَضَى فِيكُمْ بِحُكْمِ اللهِ".
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما انصرف رسول الله ﷺ عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون، ووضعوا السلاح، فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله ﷺ.
كما:-
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري: "معتجرا بعمامة من إستبرق، على بغلة عليها رحالة، عليها قطيفة من ديباج؛ فقال: أقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم قال جبريل: ما وضعت الملائكة السلاح بعد، ما رجعت الآن إلا من طلب القوم، إن الله يأمرك يا محمد بالسير إلى بني قريظة، وأنا عامد إلى بني قريظة"، فأمر رسول الله ﷺ مناديا، فأذّن في الناس: "إن من كان سامعا مطيعا فلا يصلينّ العصر إلا في بني قريظة"، وقدّم رسول الله ﷺ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه برايته إلى بني قريظة، وابتدرها الناس، فسار عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه حتى إذا دنا من الحصون، سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله ﷺ منهم فرجع حتى لقي رسول الله ﷺ بالطريق، فقال: يا رسول الله، لا عليك ألا تدنو من هؤلاء الأخباث، قال: "لِمَ؟ أَظُنُّكَ سَمِعْتَ لي مِنْهُمْ أذًى" قال: نعم يا رسول الله، قال: "لَوْ قَدْ رأونِي لَمْ يقُولُوا مِنْ ذلكَ شَيْئا" فلما دنا رسول الله ﷺ من حصونهم قال: "يا إخْوَانَ القِرَدَة هَلْ أخْزَاكُمُ اللهُ وأنزلَ بِكُمْ نِقْمَتَهُ؟ " قالُوا: يا أبا القاسم، ما كنت جهولا؛ ومرّ رسول الله ﷺ على أصحابه بالصورين قبل أن يصل إلى بني قريظة، فقال: "هل مَرَّ بِكُمْ أحَدٌ؟ "فقالوا: يا رسول الله، قد مرّ بنا دِحية بن خليفة الكلبي على بغلة بيضاء عليها رحالة عليها قطيفة ديباج، فقال رسول الله ﷺ: "ذَاك جبْرَائيلُ بُعِثَ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ يُزَلْزلُ بِهِمْ حُصُونَهُمْ، وَيَقْذِفُ الرُّعْبَ في قُلُوبهِمْ"؛ فلما أتى رسول الله ﷺ قريظة، نزل على بئر من آبارها في ناحية من أموالهم يقال لها: بئر أنا، فتلاحق به الناس، فأتاه رجال من بعد العشاء الآخرة، ولم يصلوا العصر لقول رسول الله ﷺ: "لا يُصَلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ"، فصلوا العصر فما عابهم الله بذلك في كتابه ولا عنفهم به رسوله.
والحديث عن محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري، قال: وحاصرهم رسول الله ﷺ خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب. وقد كان حُيَيّ بن أخطب دخل على بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه؛ فلما أيقنوا بأن رسول الله ﷺ غير منصرف عنهم حتى يناجزهم؛ قال كعب بن أسد لهم: يا معشر يهود، إنه قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا أيها؛ قالوا: وما هنّ؟ قال: نبايع هذا الرجل ونصدّقه، فوالله لقد تبين لكم أنه لنبيّ مرسل، وأنه الذي كنتم تجدونه في كتابكم، فتأمنوا على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم، قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره؛ قال: فإذا أبيتم هذه عليّ، فهلمّ فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مصلتين بالسيوف، ولم نترك وراءنا ثقلا يهمنا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا شيئا نخشى عليه، وإن نظهر فلعمري لنتخذنّ النساء والأبناء، قالوا: نقتل هؤلاء المساكين، فما خير العيش بعدهم؛ قال: فإذا أبيتم هذه عليّ، فإن الليلة ليلة السبت، وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوا، فانزلوا لعلنا أن نصيب من محمد وأصحابه غرّة، قالوا: نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يكن أحدث فيه من كان قبلنا؟ أما من قد علمت فأصابهم من المسخ ما لم يخف عليك؟ قال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما، قال: ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله ﷺ: أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف، -وكانوا من حلفاء الأوس- نستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله ﷺ؛ فلما رأوه قام إليه الرجال، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرقّ لهم وقالوا له: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه، إنه الذبح؛ قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي حتى عرفت أني قد خُنت الله ورسوله؛ ثم انطلق أبو لبابة على وجهه. ولم يأت رسول الله ﷺ حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عُمده وقال: لا أبرح مكاني حتى يتوب الله عليّ مما صنعت وعاهد الله لا يطأ بني قريظة أبدا ولا يراني الله في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا، فلما بلغ رسول الله ﷺ خبره، وكان قد استبطأه، قال: "أما إنَّهُ لَوْ كَانَ جَاءَنِي لاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، أمَّا إذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ، فَمَا أنا بالَّذي أُطْلِقُهُ مِنْ مَكانِه حتى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْه"؛ ثم إن ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، وهم نفر من بني هذيل ليسوا من بني قريظة، ولا النضير، نسبهم فوق ذلك، هم بنو عمّ القوم، أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها قريظة على حكم رسول الله ﷺ، وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدى القرظي، فمرّ بحرس رسول الله ﷺ، وعليه محمد بن مسلمة الأنصاري تلك الليلة؛ فلما رآه قال: مَنْ هَذَا؟ قال: عمرو بن سعدى؛ وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله ﷺ وقال: لا أغدر بمحمد أبدا، فقال محمد بن مسلمة حين عرفه: اللهمّ لا تحرمني إقالة عثرات الكرام، ثم خلى سبيله، فخرج على وجهه حتى بات في مسجد رسول الله ﷺ بالمدينة تلك الليلة، ثم ذهب، فلا يُدرى أين ذهب من أرض الله إلى يومه هذا؛ فذُكر لرسول الله ﷺ شأنه، فقال: "ذَاكَ رَجُلٌ نَجَّاهُ اللهُ بِوَفائِه". قال: وبعض الناس كان يزعم أنه كان أُوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله ﷺ، فأصبحت رمته مُلقاة، ولا يُدرى أين ذهب، فقال رسول الله ﷺ تلك المقالة، فالله أعلم.
فلما أصبحوا، نزلوا على حكم رسول الله ﷺ، فتواثبت الأوس، فقالوا: يا رسول الله إنهم موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي الخزرج بالأمس ما قد علمت، وقد كان رسول الله ﷺ قبل بني قريظة حاصر بني قينقاع، وكانوا حلفاء الخزرج، فنزلوا على حكمه، فسأله إياهم عبد الله بن أبيّ بن سلول، فوهبهم له؛ فلما كلَّمته الأوس، قال رسول الله ﷺ: "ألا تَرْضَوْنَ يا مَعْشَرَ الأوْسِ أنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ؟ "قالوا: بلى، قال: "فَذَاكَ إلى سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ"، وكان سعد بن معاذ قد جعله رسول الله ﷺ في خيمة امرأة من أسلم يقال لها رفيدة في مسجده، كانت تداوي الجَرْحَى، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، وكان رسول الله ﷺ قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق "اجْعَلُوهُ فِي خَيْمَةِ رُفَيْدَةَ حتى أعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ" فلما حكَّمه رسول الله ﷺ في بني قريظة، أتاه قومه فاحتملوه على حمار، وقد وطئوا له بوسادة من أدم، وكان رجلا جسيما، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله ﷺ، وهم يقولون: يا أبا عمرو أحسن في مواليك، فإن رسول الله ﷺ ولاك ذلك لتُحسن فيهم، فلما أكثروا عليه قال: قد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم، فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني عبد الأشهل، فنعى إليهم رجال بني قريظة قبل أن يصل إليهم سعد بن معاذ؛ من كلمته التي سمع منه؛ فلما انتهى سعد إلى رسول الله ﷺ والمسلمين، قال: "قوموا إلى سيدكم" فقاموا إليه، فقالوا: يا أبا عمرو، إن رسول الله ﷺ ولاك مواليَك لتحكم فيهم، فقال سعد: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه، إن الحكم فيهم كما حكمت؟ قال: نعم، قال: وعلى من هاهنا؟ في الناحية التي فيها رسول الله ﷺ، وهو معرض عن رسول الله ﷺ؛ إجلالا له. فقال رسول الله ﷺ: "نَعَمْ"، قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تُقتل الرجال، وتقسّم الأموال، وتُسبى الذراري والنساء.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: فحدثني محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن علقمة بن وقاص الليثي، قال: قال رسول الله ﷺ: "لَقَدْ حَكَمْتُ فِيهِمْ بحُكمِ اللهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أرْقِعَةٍ"، ثم استنزلوا، فحبسهم رسول الله ﷺ في دار ابنة الحارث امرأة من بني النَّجار، ثم خرج رسول الله ﷺ إلى سوق المدينة، التي هي سوقها اليوم، فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق، يخرج بهم إليه أرسالا وفيهم عدوّ الله حُيَيّ بن أخطب، وكعب بن أسد رأس القوم، وهم ستّ مئة أو سبعمائة، والمكثر منهم يقول: كانوا من الثمانمائة إلى التسعمائة، وقد قالوا لكعب بن أسد وهم يُذهب بهم إلى رسول الله ﷺ أرسالا يا كعب، ما ترى ما يُصنع بنا؟ فقال كعب: أفي كلّ موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعي لا ينزع، وإنه من يُذهب به منكم فما يرجع، هو والله، القتل، فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله ﷺ، وأُتي بحُييّ بن أخطب عدو الله، وعليه حلة له فُقَّاحية قد شققها عليه من كل ناحية كموضع الأنملة، أنملة أنملة؛ لئلا يسلبها، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، فلما نظر إلى رسول الله ﷺ قال: أما والله، ما لمت نفسي في عداوتك، ولكنه من يخذل الله يُخْذَل، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس، إنه لا بأس بأمر الله، كتاب الله وقدره، وملحمة قد كُتبت على بني إسرائيل، ثم جلس فضربت عنقه، فقال جبل بن جوّال الثعلبي:
لعَمرُكَ مَا لامَ ابنُ أخْطَبَ نَفْسه ... ولكنَّهُ مَنْ يَخْذُل الله يُخْذَلِ
لجَاهَدَ حتى أبْلغَ النَّفْسَ عُذْرَها ... وقَلْقَلَ يَبغي العِزَّ كلَّ مُقَلْقَلِ [[البيتان لجبل بن جوال الثعلبي، من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، وكان يهوديًّا فأسلم، وكانت له صحبة (عن الروض الأنف للسهيلي، والاستيعاب لابن عبد البر. وانظر سيرة بن هشام طبعة الحلبي: ٣: ٢٥٢) ومعنى قلقل: أي تحرك. وقد قال البيتين عند مقتل حيي بن أخطب رأس بني قريظة.]]
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة، قالت: والله إنها لعندي تحدّث معي وتضحك ظهرا، ورسول الله ﷺ يقتل رجالهم بالسوق، إذ هتف هاتف باسمها أين فلانة؟ قالت: أنا والله. قالت: قلت: ويلك ما لك؟ قالت: أقتل؟ قلت: ولِمَ؟ قالت: لحدث أحدثته، قال: فانطلق بها، فضُربت عنقها، فكانت عائشة تقول: ما أنسى عجبي منها، طيب نفس، وكثرة ضحك وقد عرفت أنها تُقتل.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني زيد بن رومان ﴿وَأَنزلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ﴾ والصياصي: الحصون والآطام التي كانوا فيها ﴿وَقَذَفَ في قُلُوبَهَمُ الرُّعْبَ﴾ .
⁕ حدثنا عمرو بن مالك البكري، قال: ثنا وكيع بن الجرّاح، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة ﴿مِنْ صيَاصِيهِمْ﴾ قال: من حصونهم.
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿مِنْ صيَاصِيهِمْ﴾ يقول: أنزلهم من صياصيهم، قال: قصورهم.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿مِنْ صيَاصيهِمْ﴾ : أي من حصونهم وآطامهم.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَأَنزلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ﴾ قال: الصياصي: حصونهم التي ظنوا أنها مانعتهم من الله تبارك وتعالى، وأصل الصياصي: جمع صيصة، يقال: وعنى بها هاهنا: حصونهم، والعرب تقول لطرف الجبل: صيصة، ويقال لأصل الشيء: صيصة، يقال: جزّ الله صيصة فلان أي: أصله، ويقال لشوك الحاكة: صياصي، كما قال الشاعر:
كوَقْعِ الصَّياصِي فِي النَّسِيجِ المُمَدَّدِ [[هذا عجز بيت لدريد بن الصمة، وصدره * فجئت إليه والرماح تنوشه *
(لسان العرب: صيص) قال أبو عبيدة في (مجاز القرآن، الورقة ١٩٤ - أ) عند قوله تعالى: (من صياصيهم) : أي من حصونهم وأصولهم. وهي أيضًا شوكة الحاكة، قال: * كوقع الصياصي في النسيج الممدد *
وهي شوكتا الديك، وهي قرن للبقرة أيضا. اهـ. وفي (اللسان: صيص) : والصيصة: شوكة الحائك التي يسوى بها السداة واللحمة، قال دريد بن الصمة: "فجئت إليه ... " البيت. ومنه: صيصة الديك التي في رجله وصياصي البقر: قرونها. وربما كانت تركب في الرماح مكان الأسنة. والصياصي: الحصون وكل شيء امتنع به وتحصن به فهو صيصية. ومنه قيل للحصون: الصياصي.]]
وهي شوكتا الديك.
* * *
وقوله: ﴿وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾
يقول: وألقى في قلوبهم الخوف منكم ﴿فَريقا تَقْتُلُونَ﴾ يقول: تقتلون منهم جماعة، وهم الذين قتل رسول الله ﷺ منهم حين ظهر عليهم ﴿وَتَأسِرُونَ فَرِيقًا﴾ يقول: وتأسرون منهم جماعة، وهم نساؤهم وذراريهم الذين سبوا.
كما:-
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿فَرِيقا تَقْتُلُون﴾ الذين ضربت أعناقهم ﴿وتَأْسِرُونَ فَرِيقًا﴾ الذين سبوا.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان ﴿فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وتَأْسِرُونَ فَرِيقًا﴾ أي قتل الرجال وسبي الذراري والنساء ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ﴾ يقول: وملككم بعد مهلكهم أرضهم، يعني مزارعهم ومغارسهم وديارهم، يقول: ومساكنهم وأموالهم، يعني سائر الأموال غير الأرض والدور.
* * *
وقوله: ﴿وأرْضًا لَمْ تَطَئوها﴾
اختلف أهل التأويل فيها، أيّ أرض هي؟ فقال بعضهم: هي الروم وفارس ونحوها من البلاد التي فتحها الله بعد ذلك على المسلمين.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوها﴾ قال: قال الحسن: هي الروم وفارس، وما فتح الله عليهم.
وقال آخرون: هي مكة.
وقال آخرون: بل هي خيبر.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان ﴿وَأَرْضًا لَمْ تَطَئوها﴾ قال: خيبر.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ﴾ قال: قُرَيظة والنضير أهل الكتاب ﴿وَأَرْضًا لَمْ تَطَئوها﴾ قال: خيبر.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه أورث المؤمنين من أصحاب رسول الله ﷺ أرض بني قريظة وديارهم وأموالهم، وأرضا لم يطئوها يومئذ ولم تكن مكة ولا خَيبر، ولا أرض فارس والروم ولا اليمن، مما كان وطئوه يومئذ، ثم وطئوا ذلك بعد، وأورثهموه الله، وذلك كله داخل في قوله ﴿وأرْضًا لَمْ تَطَئوها﴾ لأنه تعالى ذكره لم يخصص من ذلك بعضا دون بعض. ﴿وكانَ اللَّهُ على كُلّ شَيْء قَديرًا﴾ . يقول تعالى ذكره: وكان الله على أن أورث المؤمنين ذلك، وعلى نصره إياهم، وغير ذلك من الأمور ذا قدرة، لا يتعذّر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه فعل شيء حاول فعله.
{"ayahs_start":26,"ayahs":["وَأَنزَلَ ٱلَّذِینَ ظَـٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مِن صَیَاصِیهِمۡ وَقَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِیقࣰا","وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِیَـٰرَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُمۡ وَأَرۡضࣰا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣰا"],"ayah":"وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِیَـٰرَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُمۡ وَأَرۡضࣰا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق