الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦) ﴾ قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه أولئك الذين أخبر عنهم أنهم يؤمنون ببعض الكتاب، فيفادون أسراهم من اليهود، ويكفرون ببعض، فيقتلون من حرم الله عليهم قتله من أهل ملتهم، ويخرجون من داره من حرم الله عليهم إخراجه من داره، نقضا لعهد الله وميثاقه في التوراة إليهم. فأخبر جل ثناؤه أن هؤلاء [هم] الذين اشتروا رياسة الحياة الدنيا على الضعفاء وأهل الجهل والغباء من أهل ملتهم، [[ما بين القوسين زيادة، لا يستقيم الكلام بطرحها.]] وابتاعوا المآكل الخسيسة الرديئة فيها بالإيمان، الذي كان يكون لهم به في الآخرة - لو كانوا أتوا به مكان الكفر - الخلود في الجنان. وإنما وصفهم الله جل ثناؤه بأنهم اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، لأنهم رضوا بالدنيا بكفرهم بالله فيها، عوضا من نعيم الآخرة الذي أعده الله للمؤمنين. فجعل حظوظهم من نعيم الآخرة بكفرهم بالله، ثمنا لما ابتاعوه به من خسيس الدنيا، [[انظر ما مضى ١: ٣١٢: - ٣١٥ في معنى"الاشتراء".]] كما:- ١٤٨٢ - حدثنا بشر، حدثنا يزيد قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة﴾ ، استحبوا قليل الدنيا على كثير الآخرة. [[الأثر: ١٤٨٢ - كان في المطبوعة: "حدثنا يزيد. . " بإسقاط: "حدثنا بشر قال"، وهذا إسناده إلى قتادة، كثير الدوران، وأقربه فيما مضى رقم: ١٤٧٥.]] * * * قال أبو جعفر: ثم أخبر الله جل ثناؤه أنهم إذْ باعوا حظوظهم من نعيم الآخرة - بتركهم طاعته، وإيثارهم الكفر به والخسيس من الدنيا عليه - لا حظ لهم في نعيم الآخرة، وأن الذي لهم في الآخرة العذاب، غير مخفف عنهم فيها العذاب. لأن الذي يخفف عنه فيها من العذاب، هو الذي له حظ في نعيمها، ولا حظ لهؤلاء، لاشترائهم - بالذي كان في الدنيا - دنياهم بآخرتهم. [[في المطبوعة: "لاشترائهم الذي كان في الدنيا ودنياهم بآخرتهم"، وهو كلام سقيم، ولعل الصواب ما أثبت.]] * * * وأما قوله: ﴿ولا هم ينصرون﴾ فإنه أخبر عنهم أنه لا ينصرهم في الآخرة أحد، فيدفع عنهم بنصرته عذاب الله - لا بقوته ولا بشفاعته ولا غيرهما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب