الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"أم كنتم شهداء"، أكنتم. ولكنه استفهم ب"أم"، إذ كان استفهاما مستأنفا على كلام قد سبقه، كما قيل: ﴿الم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [سورة السجدة: ١-٣] وكذلك تفعل العرب في كل استفهام ابتدأته بعد كلام قد سبقه، تستفهم فيه ب"أم". [[استوفى الطبري حديث"أم" فيما سلف ٢: ٤٩٢-٤٩٤ وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٥٦.]]
* * *
"والشهداء" جمع"شهيد"، كما"الشركاء" جمع"شريك" و"الخصماء" جمع"خصيم". [[مضى تفسير"الشهداء" في ١: ٣٧٦-٣٧٨.]]
* * *
قال أبو جعفر وتأويل الكلام: أكنتم -يا معشر اليهود والنصارى، المكذبين بمحمد ﷺ، الجاحدين نبوته-، حضورَ يعقوبَ وشهودَه إذ حضره الموت، أي إنكم لم تحضروا ذلك، فلا تدعوا على أنبيائي ورسلي الأباطيل، وتَنحلوهم اليهوديةَ والنصرانية، فإني ابتعثت خليلي إبراهيم -وولده إسحاق وإسماعيل وذريتهم- بالحنيفية المسلمة، وبذلك وصَّوْا بنيهم، وبه عهدوا إلى أولادهم من بعدهم. فلو حضرتموهم فسمعتم منهم، علمتم أنهم على غير ما نحلتموهم من الأديان والملل من بعدهم [[في المطبوعة: "علىغير ما تنحلوهم"، والصواب ما أثبت".]] .
* * *
وهذه آيات نزلت، تكذيبا من الله تعالى لليهود والنصارى في دعواهم في إبراهيم وولده يعقوب: أنهم كانوا على ملتهم، فقال لهم في هذه الآية:"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت"، فتعلموا ما قال لولده وقال له ولده؟ ثم أعلمهم ما قال لهم وما قالوا له. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٨٨- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:"أم كنتم شهداء"، يعني أهل الكتاب.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"إذ قال لبنيه"، إذ قال يعقوب لبنيه".
* * *
و"إذ" هذه مكررة إبدالا من"إذ" الأولى، بمعنى: أم كنتم شهداء يعقوب، إذ قال يعقوب لبنيه حين حضور موته.
* * *
ويعني بقوله:"ما تعبدون من بعدي" - أي شيء تعبدون،"من بعدي"؟ أي من بعد وفاتي؟ قالوا:"نعبد إلهك"، يعني به: قال بنوه له: نعبد معبودك الذي تعبده، ومعبود آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق،"إلها واحدا" أي: ن خلص له العبادة، ونوحد له الربوبية، فلا نشرك به شيئا، ولا نتخذ دونه ربا.
* * *
ويعني بقوله:"ونحن له مسلمون"، ونحن له خاضعون بالعبودية والطاعة.
ويحتمل قوله:"ونحن له مسلمون"، أن تكون بمعنى الحال، كأنهم قالوا: نعبد إلهك مسلمين له بطاعتنا وعبادتنا إياه. ويحتمل أن يكون خبرا مستأنفا، فيكون بمعنى: نعبد إلهك بعدك، ونحن له الآن وفي كل حال مسلمون.
* * *
وأحسن هذين الوجهين -في تأويل ذلك- أن يكون بمعنى الحال، وأن يكون بمعنى: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، مسلمين لعبادته.
* * *
وقيل: إنما قدم ذكر إسماعيل على إسحاق، لأن إسماعيل كان أسن من إسحاق.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٨٩- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق" قال، يقال: بدأ بإسماعيل لأنه أكبر.
* * *
وقرأ بعض المتقدمين:"وإله أبيك إبراهيم"، ظنا منه أن إسماعيل، إذ كان عما ليعقوب، فلا يجوز أن يكون فيمن تُرجم به عن الآباء، وداخلا في عدادهم. وذلك من قارئه كذلك، قلة علم منه بمجاري كلام العرب. والعرب لا تمتنع من أن تجعل الأعمام بمعنى الآباء، والأخوال بمعنى الأمهات. [[وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٥٧، وقوله: "والعرب تجعل العم والخال أبا".]] فلذلك دخل إسماعيل فيمن تُرجم به عن الآباء. وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ترجمةٌ عن الآباء في موضع جر، ولكنهم نصبوا بأنهم لا يجرون [["الترجمة" وما اشتق منها: هي"البدل"، كما سلف آنفًا ٢: ٣٤٠، ٤٢٠، وهذا الجزء ٣: ٥٢ وقوله: "ولكنهم نصبوا بأنهم لا يجرون"، بمعنى أنها أسماء ممنوعة من الصرف، كما هو بين، ولكنه تعبير مليح.]] .
* * *
والصواب من القراءة عندنا في ذلك:"وإله آبائك"، لإجماع القراء على تصويب ذلك، وشذوذ من خالفه من القراء ممن قرأ خلاف ذلك.
* * *
ونصب قوله:"إلها"، على الحال من قوله:"إلهك".
{"ayah":"أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَاۤءَ إِذۡ حَضَرَ یَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِیهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِیۖ قَالُوا۟ نَعۡبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ ءَابَاۤىِٕكَ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ إِلَـٰهࣰا وَ ٰحِدࣰا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق