القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين أنزلنا إليهم الكتاب ممَّن آمن بك واتبعك، يا محمد، ﴿يفرحون بما أنزل إليك﴾ منه= ﴿ومن الأحْزاب من ينكر بعضه﴾ ، يقول: ومن أهل الملل المتحزِّبين عليك، وهم أهل أدْيان شَتَّى، [[انظر تفسير" الأحزاب" فيما سلف ١٥: ٢٧٨، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] من ينكر بعضَ ما أنزل إليك. فقل لهم: ﴿إنَّما أمرتُ﴾ ، أيها القوم ﴿أن أعبد الله﴾ وحده دون ما سواه= ﴿ولا أشرك به﴾ ، فأجعل له شريكًا في عبادتي، فأعبدَ معه الآلهةَ والأصنامَ، بل أخلِص له الدين حَنِيفًا مسلمًا = ﴿إليه أدعو﴾ ، يقول: إلى طاعته وإخلاص العبادة له أدعو الناسَ= ﴿وإليه مآب﴾ ، يقول: وإليه مصيري=
* * *
=وهو"مَفْعَل"، من قول القائل:"آبَ يَؤُوب أوْبًا ومَآبًا". [[انظر تفسير" المآب" فيما سلف: ٤٤٤، تعليق: ١، والمراجع هناك.]]
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٤٥٤- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك﴾ ، أولئك أصحابُ محمدٍ ﷺ، فرحوا بكتاب الله وبرسوله وصدَّقُوا به
* * *
قوله: ﴿ومن الأحزاب من ينكر بعضه﴾ ، يعني اليهودَ والنصارى.
٢٠٤٥٥- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ﴿ومن الأحزاب من ينكر بعضه﴾ ، قال: من أهل الكتاب.
٢٠٤٥٦- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
٢٠٤٥٧- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: ﴿والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه﴾ ، من أهل الكتاب، و"الأحزاب" أهل الكتب يقرّبهم تحزُّبهم. [[في المطبوعة:" تفريقهم لحربهم، والذي أثبت هو ما في المخطوطة، وإن كان قد أساء في كتابة الكلمة الأولى بعض الإساءة.]] قوله: ﴿وَإنْ يَأْتِ الأحْزَابُ﴾ [سورة الأحزاب:٢٠] قال: لتحزبهم على النبي ﷺ= قال ابن جريج، وقال عن مجاهد: ﴿ينكِرُ بعضه﴾ ، قال: بعض القرآنِ.
٢٠٤٥٨- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿وإليه مآب﴾ :، وإليه مَصِيرُ كلّ عبْدٍ.
٢٠٤٥٩- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ﴿والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك﴾ ، قال: هذا مَنْ آمنَ برسول الله ﷺ من أهل الكتاب فيفرحون بذلك. وقرأ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ﴾ [سورة يونس:٤٠] . وفي قوله: ﴿ومن الأحزاب من ينكر بعضه﴾ ، قال:"الأحزاب": الأممُ، اليهودُ والنصارى والمجوس منهم من آمنَ به، ومنهم من أنكره.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَفۡرَحُونَ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَۖ وَمِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ مَن یُنكِرُ بَعۡضَهُۥۚ قُلۡ إِنَّمَاۤ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَلَاۤ أُشۡرِكَ بِهِۦۤۚ إِلَیۡهِ أَدۡعُوا۟ وَإِلَیۡهِ مَـَٔابِ"}