الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (٢١) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنما يتعظ ويعتبر بآيات الله أولو الألباب، الذين يوفون بوصية الله التي أوصاهم بها [[انظر تفسير" الإيفاء" فيما سلف من فهارس اللغة (وفى) .]] ﴿ولا ينقضون الميثاق﴾ ، ولا يخالفون العهد الذي عاهدوا الله عليه إلى خلافه، فيعملوا بغير ما أمرهم به، ويخالفوا إلى ما نهى عنه. * * * وقد بينا معنى"العهد" و"الميثاق" فيما مضى بشواهده، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع. [[انظر تفسير" العهد" فيما سلف ١٤: ١٤١، تعليق: ١، والمراجع هناك. = وتفسير" الميثاق" فيما سلف ص: ٢٠٨، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ٢٠٣٣٠- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة قال: ﴿إنما يتذكر أولو الألباب﴾ ، فبيَّن من هم، فقال: ﴿الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق﴾ ، فعليكم بوفاء العهد، ولا تنقضوا هذا الميثاق، فإن الله تعالى قد نهى وقدَّم فيه أشد التَّقْدمة، [[" قدم فيه أشد التقدمة"، أي: أمرهم به أمرًا شديدًا، ونهاهم عن مخالفته، وقد سلف شرحها في الخبر رقم: ٤٩١٤ / ج ٥: ٩، تعليق: ٣.]] فذكره في بضع وعشرين موضعًا، نصيحةً لكم وتقدِمَةً إليكم، وحجة عليكم، وإنما يعظُمُ الأمر بما عظَّمه الله به عند أهل الفهم والعقل، فعظِّموا ما عظم الله. قال قتادة: وذكر لنا أن رسول الله ﷺ كان يقول في خطبته:"لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له". * * * وقوله: ﴿والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل﴾ ، يقول تعالى ذكره: والذين يصلون الرَّحم التي أمرهم الله بوصلها فلا يقطعونها [[انظر تفسير" الوصل" فيما سلف ١: ٤١٥.]] = ﴿ويخشون ربهم﴾ ، يقول: ويخافون الله في قطْعها أن يقطعوها، فيعاقبهم على قطعها وعلى خلافهم أمرَه فيها. * * * وقوله: ﴿ويخافون سوء الحساب﴾ ، يقول: ويحذرون مناقشة الله إياهم في الحساب، ثم لا يصفح لهم عن ذنب، فهم لرهبتهم ذلك جادُّون في طاعته، محافظون على حدوده. كما:- ٢٠٣٣١- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء في قوله: ﴿الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب﴾ قال: المقايسةُ بالأعمال. [[الأثر: ١٠٣٣١ -" عفان"، هو" عفان بن مسلم الصفار"، مضى مرارًا، آخرها رقم: ٢٠٢٢٦. و" جعفر بن سليمان الضبعي"، ثقة، كان يتشيع، مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٠٤٥٣. و" عمرو بن مالك النكري"، روى عن أبي الجوزاء، ثقة، وضعفه البخاري، مضى برقم: ٧٧٠١. و" أبو الجوزاء"، وهو" أوس بن عبد الله الربعي"، تابعي ثقة، مضى برقم: ٢٩٧٧، ٢٩٧٨، ٧٧٠١. وكان في المخطوطة والمطبوعة:" عن أبي الحفنا"، وإنما وصل الناسخ الأول"الواو" بالزاي. فصارت عند ناسخ المخطوطة إلى ما صارت إليه!! وفي المطبوعة أيضًا:" المناقشة بالأعمال"، غير ما في المخطوطة. و" المقايسة" من" القياس"،" قاس الشيء"، إذا قدره على مثاله. و" المقايسة بالأعمال"، كأنه أراد تقديرها. والذي في المطبوعة أجود عندي:" المناقشة".]] ٢٠٣٣٢- ... قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد، عن فرقد، عن إبراهيم قال: ﴿سوء الحساب﴾ أن يحاسب من لا يغفر له. ٢٠٣٣٣- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿ويخافون سوء الحساب﴾ ، قال، فقال: وما ﴿سوء الحساب﴾ ؟ قال: الذي لا جَوَاز فيه. [[" الجواز"، التساهل والتسامح.]] ٢٠٣٣٤- حدثني ابن سمان القزاز قال، حدثنا أبو عاصم، عن الحجاج، عن فرقد قال: قال لي إبراهيم: تدري ما ﴿سوء الحساب﴾ ؟ قلت: لا أدري قال: يحاسب العبد بذنبه كله لا يغفرُ له منه شيء. [[الأثر: ٢٠٣٣٤ - مضى بإسناد آخر رقم: ٢٠٣٢٨.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب