القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أما الذين استجابوا لله فآمنوا به حين دعاهم إلى الإيمان به، وأطاعوه فاتبعوا رسوله وصدّقوه فيما جاءهم به من عند الله، [[انظر تفسير" الاستجابة" فيما سلف ١٣: ٤٦٥، تعليق: ٤، والمراجع هناك.]] = فإن لهم الحسنى، وهي الجنة، [[انظر تفسير" الحسنى" فيما سلف ٩: ٩٦ / ١٤: ٢٩١.]] كذلك:-
٢٠٣٢٦- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿للذين استجابوا لربهم الحسنى﴾ وهي الجنة.
* * *
وقوله: ﴿والذين لم يستجيبوا له لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه لافتدوا به﴾ ، يقول تعالى ذكره: وأما الذين لم يستجيبوا لله حين دعاهم إلى توحيده والإقرار بربوبيته، [[في المطبوعة:" لم يستجيبوا له"، وأثبت ما في المخطوطة.]] ولم يطيعوه فيما أمرهم به، ولم يتبعوا رسوله فيصدقوه فيما جاءهم به من عند ربهم، فلو أن لهم ما في الأرض جميعًا من شيء ومثله معه ملكًا لهم، ثم قُبِل مثل ذلك منهم، وقبل منهم بدلا من العذاب الذي أعدّه الله لهم في نار جهنم وعوضًا، [[كانت هذه العبارة في المطبوعة هكذا:" ثم مثل ذلك، وقبل ذلك منهم بدلا من العذاب"، وكان في المخطوطة هكذا:" ثم قبل مثل ذلك، وقبل ذلك منهم بدلا من العذاب". وهما عبارتان مختلفتان هالكتان، والصواب الذي رجحته هو ما أثبت.]] لافتدوا به أنفسهم منه، يقول الله: ﴿أولئك لهم سوء الحساب﴾ ، يقول: هؤلاء الذين لم يستجيبوا لله لهم سوء الحساب: يقول: لهم عند الله أن يأخذهم بذنوبهم كلها، فلا يغفر لهم منها شيئا، ولكن يعذبهم على جميعها. كما:-
٢٠٣٢٧- حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا عون، عن فرقد السبخي قال: قال لنا شهر بن حوشب: ﴿سوء الحساب﴾ أن لا يتجاوز لهم عن شيء. [[الأثر: ٢٠٣٢٧ -" الحسن بن عرفة العبدي البغدادي"، شيخ الطبري، ثقة مضى برقم: ٩٣٧٣، ١٢٨٥١، ١٥٧٦٦.
و" يونس بن محمد بن مسلم البغدادي"، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٥٠٩٠، ١٢٥٤٩
و" عون"، كأنه يعني:" عون بن سلام القرشي الكوفي"، ثقة مترجم في التهذيب.
وأما" فرقد السبخي"، فهو" فرقد بن يعقوب السبخي"،" أبو يعقوب"، كان ضعيفًا منكر الحديث، لأنه لم يكن صاحب حديث، وليس بثقة مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ١٣١، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ٨١، وميزان الاعتدال ٢: ٣٢٧.]]
٢٠٣٢٨- حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: حدثني الحجاج بن أبي عثمان قال: حدثني فرقد السبخي قال: قال إبراهيم النخعي: يا فرقد أتدري ما"سوء الحساب"؟ قلت: لا! قال: هو أن يحاسب الرّجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء. [[الأثر: ٢٠٣٢٨ -" فرقد السبخي"، ليس بثقة، مضى برقم: ٢٠٣٢٧، وسيأتي هذا الخبر بإسناد آخر رقم: ٢٠٣٣٤.]]
* * *
وقوله: ﴿ومأواهم جهنم﴾ يقول: ومسكنهم الذي يسكنونه يوم القيامة جهنم [[انظر تفسير" المأوى" فيما سلف ١٥: ٢٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] = ﴿(وبئس المهاد﴾) ، يقول: وبئس الفراش والوطاءُ جهنمُ التي هي مأواهم يوم القيامة. [[انظر تفسير" المهاد" فيما سلف ١٢: ٤٣٥، تعليق: ١، والمراجع هناك.]]
{"ayah":"لِلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِینَ لَمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡا۟ بِهِۦۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ سُوۤءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ"}