القول في تأويل قوله تعالى: ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣) ﴾
قال أبو جعفر: ذكر أن يوسف ﷺ لما عرّف نفسه إخوته، سألهم عن أبيهم، فقالوا: ذهب بصره من الحزن! فعند ذلك أعطاهم قميصَه وقال لهم: ﴿اذهبوا بقميصي هذا﴾ .
* * *
* ذكر من قال ذلك:
١٩٨٠٠- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: قال لهم يوسف: ما فعل أبي بعدي؟ قالوا: لما فاته بنيامين عمي من الحزن. قال: ﴿اذهبوا بقميصي هذا فألقوا على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين﴾ .
* * *
وقوله: ﴿يأت بصيرًا﴾ يقول: يَعُدْ بصيرًا [[هذا معنى يقيد في معاجم اللغة، في باب" أتى"، بمعنى: عاد = وهو معنى عزيز لم يشر إليه أحد من أصحاب المعاجم التي بين أيدينا.]] = ﴿وأتوني بأهلكم أجمعين﴾ ، يقول: وجيئوني بجميع أهلكم.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما فصلت عير بني يعقوب من عند يوسف متوجهة إلى يعقوب، [[انظر تفسير" فصل" فيما سلف ٥: ٣٣٨.]] قال أبوهم يعقوب: ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾ .
ذُكر أن الريح استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف قبل أن يأتيه البشير، فأذن لها، فأتته بها.
* * *
* ذكر من قال ذلك:
١٩٨٠١- حدثني يونس، قالأخبرنا ابن وهب، قال: حدثني أبو شريح، عن أبي أيوب الهوزني حَدّثه قال، استأذنت الريح أن تأتي يعقوب بريح يوسف حين بعث بالقميص إلى أبيه قبل أن يأتيه البشير، ففعل. قال يعقوب: ﴿إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون﴾ . [[الأثر: ١٩٨٠١ -" أبو شريح"، وهو:" عبد الرحمن بن شريح بن عبد الله المعافري"، ثقة روى له الجماعة، مضى برقم: ٦١٩٩.
وأما" أبو أيوب الهوزني"، فلم أستطع أن أعرف من هو، وقد ذكره الطبري بكنيته هنا، وفي تاريخه ١: ١٨٥، وساق هذا الخبر بنصه.]]
١٩٨٠٢- حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس، في قوله: ﴿ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون﴾ ، قال: هاجت ريح، فجاءت بريح يوسف من مسيرة ثمان ليالٍ، فقال: ﴿إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون﴾ . [[الأثر: ١٩٨٠١ -" أبو سنان"، هو الشيباني الأكبر:"ضرار بن مرة"، ثقة، مضى برقم: ١٧٣٣٦، ١٧٣٣٧، وسيأتي الخبر بعد رقم: ١٩٨٠٤ وما بعده.
و" ابن أبي الهذيل"، هو" عبد الله ابن أبي الهذيل العنزي"، ثقة، مضى برقم: ١٣٩٣٢.]]
١٩٨٠٣- حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس: ﴿ولما فصلت العير﴾ قال: هاجت ريح، فجاءت بريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال.
١٩٨٠٤- حدثني أبو السائب، قال: حدثنا ابن فضيل، عن ضرار، عن ابن أبي الهذيل قال، سمعت ابن عباس يقول: وجد يعقوب ريح يوسف، وهو منه على مسيرة ثمان ليال.
١٩٨٠٥- حدثنا ابن وكيع والحسن بن محمد، قالا حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل قال، كنت إلى جنب ابن عباس، فسئل: من كم وجد يعقوب ريح القميص؟ قال: من مسيرة سبع ليالٍ أو ثمان ليال.
١٩٨٠٦- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا جرير، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل قال: قال لي أصحابي: إنك تأتي ابن عباس، فسله لنا. قال: فقلت: ما أسأله عن شيء، ولكن أجلس خلف السرير، فيأتيه الكوفيون فيسألون عن حاجتهم وحاجتي، فسمعته يقول: وجد يعقوب ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال، قال ابن أبي الهذيل: فقلت: ذاك كمكان البصرة من الكوفة.
١٩٨٠٧- حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا علي بن عاصم، عن ضرار بن مرة، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: سمعت ابن عباس يقول: وجد يعقوب ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال. قال: فقلت في نفسي: هذا كمكان البصرة من الكوفة
١٩٨٠٨- حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا أبي=، عن سفيان، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس، في قوله: ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾ قال: وجد ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال. قال: قلت له: ذاك كما بين البصرة إلى الكوفة. واللفظ لحديث أبي كريب.
١٩٨٠٩- حدثنا الحسين بن محمد، قال، حدثنا عاصم وعلي، قالا أخبرنا شعبة قال، أخبرني أبو سنان، قال، سمعت عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس في هذه الآية: ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾ ، قال: وجد ريحه من مسيرة ما بين البصرة إلى الكوفة.
١٩٨١٠- حدثني المثنى، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال، حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبو سنان، قال: سمعت عبد الله بن أبي الهذيل يحدث عن ابن عباس، مثله.
١٩٨١١- ... قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: كنا عند ابن عباس فقال: ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾ قال: وجد ريح قميصه من مسيرة ثمان ليال.
١٩٨١٢- حدثنا الحسن بن يحيى، قالأخبرنا عبد الرزاق، قالأخبرنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: سمعت ابن عباس يقول: ﴿ولما فصلت العير﴾ قال: لما خرجت العير، هاجت ريح فجاءت يعقوبَ بريح قميص يوسف، فقال: ﴿إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون﴾ قال: فوجد ريحه من مسيرة ثمان ليال.
١٩٨١٣- حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن: ذكر لنا أنه كان بينهما يومئذ ثمانون فرسخًا، يوسف بأرض مصر ويعقوب بأرض كنعان، وقد أتى لذلك زمان طويل. [[قوله:" وقد أتى لذلك زمان طويل"، يعني مدة فراق يعقوب ويوسف، كما يظهر من الأثر التالي.]]
١٩٨١٤- حدثنا القاسم، قال، حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾ قال: بلغنا أنه كان بينهم يومئذ ثمانون فرسخًا، وقال: ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾ وكان قد فارقه قبل ذلك سبعًا وسبعين سنة.
١٩٨١٥- حدثنا أحمد بن إسحاق، قال، حدثنا أبو أحمد، قال، حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس، في قوله: ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾ قال: وجد ريح القميص من مسيرة ثمانية أيام.
١٩٨١٦- ... قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس، قوله: ﴿ولما فصلت العير﴾ قال: فلما خرجت العير هبت ريح، فذهبت بريح قميص يوسف إلى يعقوب، فقال: ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾ قال: ووجد ريح قميصه من مسيرة ثمانية أيام.
١٩٨١٧- حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: لما فصلت العير من مصر استروَح يعقوب ريح يوسف، فقال لمن عنده من ولده: ﴿إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون﴾ .
* * *
وأما قوله: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، فإنه يعني: لولا أن تعنّفوني، وتعجّزوني، وتلوموني، وتكذبوني.
ومنه قول الشاعر: [[هو هانئ بن شكيم العدوي، هكذا نسبة أبو عبيدة.]]
يَا صَاحِبَيَّ دَعَا لَوْمِي وَتَفْنِيدِي ... فَلَيْسَ مَا فَاتَ مِنْ أَمْرِي بمَرْدُودِ [[مجاز القرآن ١: ٣١٨، وروايته هناك:" عن أمر"، بغير إضافة.]]
ويقال:"أفند فلانًا الدهر"، وذلك إذا أفسده، ومنه قول ابن مقبل:
دَعِ الدَّهْرَ يَفْعَلْ مَا أَرَادَ فإنَّهُ ... إِذا كُلِّفَ الإفْنَاد بالنِّاسِ أَفْنَدا [[لم أجد البيت فيما بين يدي من المراجع.]]
* * *
واختلف أهل التأويل في معناه.
فقال بعضهم: معناه: لولا أن تسفهوني.
* ذكر من قال ذلك:
١٩٨١٨- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا ابن عيينة، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس: ﴿لولا أن تفندون﴾ قال: تسفّهون.
١٩٨١٩- حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا أبي=، عن إسرائيل، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس، مثله.
١٩٨٢٠- ... وبه قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد: ﴿لولا أن تفندون﴾ قال: تسفّهون.
١٩٨٢١- حدثني المثنى وعلي بن داود قالا حدثنا عبد الله، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ﴿لولا أن تفندون﴾ يقول: تجهِّلون.
١٩٨٢٢- حدثنا أحمد بن إسحاق، قال، حدثنا أبو أحمد، قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، قال: لولا أن تسفهون.
١٩٨٢٣- حدثنا أحمد، قال، حدثنا أبو أحمد= وحدثني المثنى، قال، حدثنا أبو نعيم= قالا جميعًا: حدثنا سفيان، عن خصيف، عن مجاهد: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، قال: لولا أن تسفهون.
١٩٨٢٤- حدثني المثنى، قال، حدثنا الحماني، قال: حدثنا شريك، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وسالم عن سعيد=: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، قال أحدهما: تسفهون= وقال الآخر: تكذبون.
١٩٨٢٥- حدثني يعقوب، قال، حدثنا هشيم، قال، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، قال: لولا أن تكذبون، لولا أن تسفّهون.
١٩٨٢٦- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن عبد الملك، عن عطاء قال، تسفهون.
١٩٨٢٧- حدثنا بشر، قال، حدثنا يزيد، قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، يقول: لولا أن تسفهون.
١٩٨٢٨- حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، يقول: لولا أن تسفهون.
١٩٨٢٩- حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: سمعت ابن عباس يقول: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، يقول: تسفهّون.
١٩٨٣٠- حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، قال: ذهبَ عقله!
١٩٨٣١- حدثني محمد بن عمرو، قال، حدثنا أبو عاصم، قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿تفندون﴾ ، قال: قد ذهبَ عقله!
١٩٨٣٢- حدثني المثنى، قال، حدثنا أبو حذيفة، قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد=
١٩٨٣٣- وحدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق، قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، قال: قد ذهب عقله!
١٩٨٣٤- حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: ﴿لولا أن تفندون﴾ قال: لولا أن تقولوا: ذهب عقلك!
١٩٨٣٥- حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، يقول: لولا أن تضعِّفوني.
١٩٨٣٦- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، قالالذي ليس له عقل ذلك"المفنّد"، يقول: لا يعقل. [[في المطبوعة:" يقولون: لا يعقل"، وما في المخطوطة صواب محض، على منهاجهم.]]
* * *
وقال آخرون: معناه: لولا أن تكذبون.
* ذكر من قال ذلك:
١٩٨٣٧- حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا سويد بن عمرو الكلبي، عن شريك، عن سالم عن سعيد: ﴿لولا أن تفندون﴾ قال: تكذبون.
١٩٨٣٨- ... قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: لولا أن تهرِّمون وتكذبون.
١٩٨٣٩- ... قال: حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: بلغني عن مجاهد قال: تكذبون.
١٩٨٤٠- ... قال: حدثنا عبدة، وأبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك قال: لولا أن تكذبون.
١٩٨٤١- حدثت عن الحسين، قال، سمعت أبا معاذ، يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿لولا أن تفندون﴾ تكذبون.
١٩٨٤٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو قال، أخبرنا هشيم، عن عبد الملك، عن عطاء في قوله: ﴿لولا أن تفندون﴾ قال: تسفهون أو تكذبون.
١٩٨٤٣- حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، يقول: تكذبون.
* * *
وقال آخرون: معناه تهرِّمون.
* ذكر من قال ذلك:
١٩٨٤٤- حدثنا أحمد بن إسحاق، قال، حدثنا أبو أحمد، قال، حدثنا إسرائيل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، قال: لولا أن تهرِّمون.
١٩٨٤٥- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، مثله.
١٩٨٤٦- حدثنا بشر، قال، حدثنا يزيد، قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال: تهرِّمون.
١٩٨٤٧- حدثني يعقوب، قال، حدثنا هشيم، قال، أخبرنا أبو الأشهب، عن الحسن: ﴿لولا أن تفندون﴾ ، قال: تهرِّمون.
١٩٨٤٨- حدثني المثنى، قال، حدثنا عمرو بن عون، قال، أخبرنا هشيم، عن أبي الأشهب وغيره، عن الحسن، مثله.
* * *
قال أبو جعفر: وقد بينا أن أصل"التفنيد":الإفساد. وإذا كان ذلك كذلك فالضعف والهرم والكذب وذهاب العقل وكل معاني الإفساد تدخل في التفنيد، لأن أصل ذلك كله الفساد والفساد في الجسم: الهرمُ وذهاب العقل والضعف= وفي الفعل: الكذب واللوم بالباطل، ولذلك قال جرير بن عطية:
يا عَاذِليَّ دَعَا المَلامَ وأَقْصِرَا ... طَالَ الهَوَى وأَطَلْتُما التَّفْنيدا [[ديوانه: ١٦٩، من قصيدة له طويلة، ورواية البيت خطأ في الديوان، صوابه ما ههنا،" وأقصرا"، بالراء، من" الإقصار"، وهو الكف عن فعل الشيء.]]
يعني: الملامة= فقد تبيّن، إذ كان الأمر على ما وصفنا، أنّ الأقوال التي قالها من ذكرنا قولَه في قوله: ﴿لولا أن تفندون﴾ على اختلاف عباراتهم عن تأويله، متقاربةُ المعاني، محتملٌ جميعَها ظاهرُ التنزيل، إذ لم يكن في الآية دليلٌ على أنه معنيٌّ به بعض ذلك دون بعض.
{"ayahs_start":93,"ayahs":["ٱذۡهَبُوا۟ بِقَمِیصِی هَـٰذَا فَأَلۡقُوهُ عَلَىٰ وَجۡهِ أَبِی یَأۡتِ بَصِیرࣰا وَأۡتُونِی بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِینَ","وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلۡعِیرُ قَالَ أَبُوهُمۡ إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَۖ لَوۡلَاۤ أَن تُفَنِّدُونِ"],"ayah":"ٱذۡهَبُوا۟ بِقَمِیصِی هَـٰذَا فَأَلۡقُوهُ عَلَىٰ وَجۡهِ أَبِی یَأۡتِ بَصِیرࣰا وَأۡتُونِی بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِینَ"}