الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (٧٨) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال فرعون وملأه لموسى: ﴿أجئتنا لتلفتنا﴾ ، يقول: لتصرفنا وتلوينا = ﴿عمّا وجدنا عليه آباءنا﴾ ، من قبل مجيئك، من الدين. * * * = يقال منه: "لفت فلانٌ [عنق فلان" إذا لواها، كما قال رؤبة] : [[كان في المخطوطة والمطبوعة: " كما قال ذو الرمة "، وهو خطأ لا شك فيه، صوابه ما أثبت، كما دل عليه مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٨٠، وأنا أرجح أن ذلك من الناسخ، لا من أبي جعفر، لأنه نقل عن أبي عبيدة. وانظر مثل هذا فيما سلف ص: ١٥٠، تعليق: ١: فوضعت الصواب بين القوسين.]] *لَفْتُا وَتْهِزِيعًا سَواءَ اللَّفْتِ* [[ديوانه ٢٤، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٨٠، اللسان (هزع) ، من رجز ذكر فيه نفسه، يقول قبله، مشبها نفسه بالأسد: فَإنْ تَرَيْنِي أَحْتَمِي بِالسَّكْتِ فَقَدْ أَقُومُ بِالْمَقَامِ الثَّبْتِ أشْجَعَ مِنْ ذي لِبَدٍ بِخَبْتِ يَدُقُّ صُلْباتِ العِظَامِ رَفْتِي و" الرفت "، الدق والكسر. وقوله " سواء اللفت "، أي " سوى اللفت " " سواء " (بفتح السين) و " سوى " (بكسر السين) ، بمعنى: غير.]] "التهزيع": الدق، و"اللفت"، اللّي، كما:- ١٧٧٦٥- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿لتلفتنا﴾ ، قال: لتلوينا عما وجدنا عليه آباءنا. * * * وقوله: ﴿وتكون لكما الكبرياء في الأرض﴾ ، يعني العظمة، وهي "الفعلياء" من "الكبر". ومنه قول ابن الرِّقاع: سُؤْدَدًا غَيْرَ فَاحِش لا يُدَا ... نِيهِ تِجِبَّارَةٌ وَلا كِبْرِياءُ [[لم أجد البيت في مكان آخر، وكان في المطبوعة: " تجباره "، ومثله في المخطوطة، أما ضبطه فقد شغلني، لأن أصحاب اللغة لم يذكروا في مصادر " الجبروت " سوى " التجبار " (بفتح فسكون) بمعنى الكبر. فكأن قارئه يقرؤه كما في المطبوعة والمخطوطة " تجباره " (بفتح فسكون) ، مضافا إلى الهاء. وظني أن الضبط الذي ذهبت إليه أجود، وإن لم يذكروه في المصادر في كتب اللغة التي بين أيدينا. ومصدر " تِفِعَّال " (بكسر التاء والفاء وتشديد العين) ، هو قياس التصدير في " تَفَعَّل " لكنها صارت مسموعة لا يقاس على ما جاء منها الشافية ١: ١٦٦) ، نحو " تِمِلَّاق " ودخول التاء في مثله في المصادر جائز في العربية. وبالضبط الذي ضبطته يستقيم وزن الشعر، فأخشى أن يكون هذا المصدر على هذا الميزان، مما أغفلته كتب اللغة.]] * * * ١٧٧٦٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وتكون لكما الكبرياء في الأرض﴾ ، قال: الملك. ١٧٧٦٧-. . . . قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد: ﴿وتكون لكما الكبرياء في الأرض﴾ ، قال: السلطان في الأرض. ١٧٧٦٨-. . . . قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: بلغني، عن مجاهد قال: الملك في الأرض. ١٧٧٦٩-. . . . قال، حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: ﴿وتكون لكما الكبرياء في الأرض﴾ ، قال: الطاعة. ١٧٧٧٠- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وتكون لكما الكبرياء في الأرض﴾ قال: الملك. ١٧٧٧١-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. ١٧٧٧٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. ١٧٧٧٣- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد قال: السلطان في الأرض. * * * قال أبو جعفر: وهذه الأقوال كلها متقارباتُ المعاني، وذلك أن الملك سلطان، والطاعة ملك، غير أن معنى "الكبرياء"، هو ما ثبت في كلام العرب، ثم يكون ذلك عظمة بملك وسلطان وغير ذلك. * * * وقوله: ﴿وما نحن لكما بمؤمنين﴾ ، يقول: "وما نحن لكما" يا موسى وهارون "بمؤمنين"، يعني بمقرِّين بأنكما رسولان أرسلتما إلينا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب