﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْراهِيمَ﴾، فيه تعظيم لشأن الحديث، وتنبيه على أنه إنما عرفه بالوحي، ﴿المُكْرَمِينَ﴾: عند الله تعالى، وعند إبراهيم - عليه السلام - والضيف للواحد، والجمع؛ لأنه في الأصل مصدر والحكاية قد تقدمت في سورة ”هود“، و ”الحجر“ ﴿إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ﴾، ظرف للحديث، أو بتقدير اذكر، ﴿فَقالُوا سَلامًا﴾: نسلم عليكم سلامًا، ﴿قالَ سَلامٌ﴾ أي: عليكم سلام عدل إلى الرفع، ليدل على الثبات، فعمل بقوله تعالى: ﴿فحيوا بأحسن منها﴾ [النساء: ٨٦]، ﴿قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ أي: أنتم قوم لا نعرفكم، ﴿فراغَ﴾: ذهب، ﴿إلى أهْله﴾: بخفية، فمن أدب المضيف أن يخفي إتيانه بالضيافة عن الضيف، ﴿فَجاءَ بِعِجْلٍ﴾ مَشوي، ﴿سَمينٍ فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قالَ ألا تَأْكُلُونَ﴾: منه، ذكره بصيغة العرض تلطفًا في العبارة، ﴿فأوْجَسَ﴾: أضمر، ﴿مِنهم خِيفَةً﴾: خوفًا، لما رأى أنّهم لا يأكلون ﴿قالُوا لا تَخَفْ﴾: إنا رسل الله تعالى، ﴿وبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾، هو إسحاق، ﴿فَأقْبَلَتِ امْرَأتُهُ في صَرَّةٍ﴾ أي: جاءت صارة صائحة، أو أخذت في الصيحة كقولك: أقبل يشتمني، ولا إقبال ولا إدبار، ْ ﴿فَصَكَّتْ﴾: لطمت، ﴿وجْهَها﴾: تعجبًا كما هو عادة النساء من الأمر الغريب، ﴿وقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ أي: أنا ﴿قالُوا كَذَلِكِ قالَ ربُّكِ﴾ أي: قال الله مثل ما بشرناه فواقع ألبتَّة، فكذلك مفعول قال، ﴿إنَّهُ هو الحَكِيمُ العَلِيمُ قالَ﴾ إبراهيم: ﴿فَما خَطْبُكُمْ﴾: ما شأنكم؟ ﴿أيُّها المُرْسَلُونَ قالُوا إنّا أُرْسِلْنا إلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ﴾: قوم لوطِ، ﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِن طينٍ﴾ أي: السجيل، ﴿مُسَوَّمَةً﴾: معلمة مكتوبًا على كل حجر اسم من يهلك به، ﴿عنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ فَأخْرَجْنا مَن كانَ فِيها﴾: في قرى قوم لوط، ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾: بلوطٍ، ﴿فَما وجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ﴾: أهل بيت، ﴿مِنَ المُسْلِمِينَ﴾ هم لوط، وأهل بيته إلا امرأته، ولو قلنا إن كل مؤمن مسلم من غير عكس لصح معنى الآية، فلا يستدل عليها باتحاد مفهوميهما، ﴿وتَرَكْنا فِيها﴾: في القرى، ﴿آيَةً﴾: علامة، ﴿لِلَّذِينَ يَخافُونَ العَذابَ الألِيمَ﴾: وقد بقي فيها آثار العذاب، ﴿وفِي مُوسى﴾، عطف على فيها أي: وجعلنا في موسى آية، فهو من قبيل علفتها تبنًا وماءً باردًا وقيل: عطف على وفي الأرض، ﴿إذْ أرْسَلْناهُ إلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾: معجزة ظاهرة، ﴿فَتَوَلّى﴾: أعرض، ﴿بِرُكْنِهِ﴾، الباء للتعدية، أي: أعرض به نحو: نأى بجانبه، أو للسببية أي: بسبب جنوده وملكه، ﴿وقالَ ساحِرٌ﴾: هو ساحر لما يظهر منه خارق العادة، ﴿أوْ مَجنونٌ﴾: لما يدعي خلاف العقل، ﴿فَأخَذْناهُ وجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ﴾: طرحناهم، ﴿فِي اليَمِّ وهو مُلِيمٌ﴾: حال كونه آت بما يلام عليه من الكفر والفجور، ﴿وفِي عادٍ﴾: آية، ﴿إذْ أرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرّيحَ العَقِيمَ﴾: المفسدة التي لا تنتج نفعًا، ﴿ما تَذَرُ مِن شَيْءٍ أتَتْ﴾: مرت، ﴿عَلَيْهِ إلا جَعَلَتْهُ كالرَّمِيمِ﴾: كالشيء البالي المتفتت، ﴿وفِي ثَمُودً﴾: آية، ﴿إذْ قِيلَ لَهم تَمَتَّعُوا حَتّى حِينٍ﴾، وذلك حين عقروا الناقة قيل لهم: ﴿تمتعوا في داركم ثلاثة أيام﴾ [هود: ٦٥] وعلى هذا فالفاء في قوله: ﴿فَعَتَوْا عَنْ أمْر ربِّهِمْ﴾ مرتب على تمام القصة، كأنه قيل: وجعلنا في ذلك الزمان آية، ثم أخذ في بيانه، فقال: ﴿فعتوا﴾. فلا يرد أن ما قيل لهم: تمتعوا، مؤخر عن استكبارهم، أو المراد من قوله: ”إذ قيل لهم“ إلخ فيهم آية، إذ متعناهم في الدنيا مدة وهديناهم، فعصوا واستحبوا العمى على الهدى ﴿فَأخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ﴾ بعد ثلاثة أيام ﴿وهم يَنْظُرُونَ﴾: إليها عيانًا، ﴿فَما اسْتَطاعُوا مِن قِيامٍ﴾ فيهربوا من عذاب الله تعالى، ﴿وما كانُوا مُنْتَصِرِينَ﴾: ممتنعين منه، ﴿وقَوْمَ نُوحٍ﴾، عطف على محل في عاد، وقراءة الجر يؤيده، أو نصب بمقدر أي: أهكلنا، أو اذكر، ﴿مِن قَبْلُ﴾: من قبل هؤلاء، ﴿إنَّهم كانُوا قَوْمًا فاسِقِينَ﴾.
{"ayahs_start":24,"ayahs":["هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ضَیۡفِ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ","إِذۡ دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ فَقَالُوا۟ سَلَـٰمࣰاۖ قَالَ سَلَـٰمࣱ قَوۡمࣱ مُّنكَرُونَ","فَرَاغَ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِۦ فَجَاۤءَ بِعِجۡلࣲ سَمِینࣲ","فَقَرَّبَهُۥۤ إِلَیۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ","فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِیفَةࣰۖ قَالُوا۟ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَـٰمٍ عَلِیمࣲ","فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِی صَرَّةࣲ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِیمࣱ","قَالُوا۟ كَذَ ٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡعَلِیمُ","۞ قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَیُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ","قَالُوۤا۟ إِنَّاۤ أُرۡسِلۡنَاۤ إِلَىٰ قَوۡمࣲ مُّجۡرِمِینَ","لِنُرۡسِلَ عَلَیۡهِمۡ حِجَارَةࣰ مِّن طِینࣲ","مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِینَ","فَأَخۡرَجۡنَا مَن كَانَ فِیهَا مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","فَمَا وَجَدۡنَا فِیهَا غَیۡرَ بَیۡتࣲ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ","وَتَرَكۡنَا فِیهَاۤ ءَایَةࣰ لِّلَّذِینَ یَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِیمَ","وَفِی مُوسَىٰۤ إِذۡ أَرۡسَلۡنَـٰهُ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ بِسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینࣲ","فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَـٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونࣱ","فَأَخَذۡنَـٰهُ وَجُنُودَهُۥ فَنَبَذۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡیَمِّ وَهُوَ مُلِیمࣱ","وَفِی عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِمُ ٱلرِّیحَ ٱلۡعَقِیمَ","مَا تَذَرُ مِن شَیۡءٍ أَتَتۡ عَلَیۡهِ إِلَّا جَعَلَتۡهُ كَٱلرَّمِیمِ","وَفِی ثَمُودَ إِذۡ قِیلَ لَهُمۡ تَمَتَّعُوا۟ حَتَّىٰ حِینࣲ","فَعَتَوۡا۟ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَهُمۡ یَنظُرُونَ","فَمَا ٱسۡتَطَـٰعُوا۟ مِن قِیَامࣲ وَمَا كَانُوا۟ مُنتَصِرِینَ","وَقَوۡمَ نُوحࣲ مِّن قَبۡلُۖ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمࣰا فَـٰسِقِینَ"],"ayah":"هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ضَیۡفِ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ"}