الباحث القرآني
﴿وقالَ الَّذِي آمَنَ﴾ مؤمن آل فرعون: ﴿يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أهْدِكم سَبِيلَ الرَّشادِ﴾: أدلكم عليه، ﴿يا قَوْمِ إنَّما هَذِهِ الحَياةُ الدُّنيا﴾ أي: ما هذه الحياة، إلا ﴿مَتاعٌ﴾: تمتع قليل تذهب عن قريب، ﴿وإنَّ الآخِرَةَ هي دارُ القَرارِ﴾: فإنها لا تزول، ﴿مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إلّا مِثْلَها ومَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أوْ أُنْثى وهو مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ﴾: بغير تقدير لا كالسيئة فإنها بموازنة العمل وما هذا إلا من سعة فضله ورحمته ﴿ويا قَوْمِ ما لِي أدْعُوكم إلى النَّجاةِ﴾: إلى ما هو سبب لها ﴿وتَدْعُونَنِي إلى النّارِ﴾، وهذا المنادى عطف على قوله يا قوم اتبعوني لا على يا قوم إنما هذه؛ لأن الثاني كالبيان للأول ولهذا تراه بغير عطف بخلاف الثالث ﴿تَدْعُونَنِي لِأكْفُرَ بِاللهِ﴾، بيان للثاني، والدعاء كالهداية في التعدية بإلى واللام ﴿وأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾: شيئًا ليس لي بربوبيته حجة وبرهان أي ما ليس بإله ﴿وأنا أدْعُوكم إلى العَزِيزِ﴾: الغالب القادر المطلق ﴿الغَفّارِ لا جَرَمَ أنَّما تَدْعُونَنِي إلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ في الدُّنْيا ولا في الآخِرَةِ﴾: لا ردّ لما دعوه إليه وجَرَمَ فعل بمعنى حق وما بعده فاعله أي: حق، وثبت أن الذي تدعونني إليه باطل ليس له ثبوت أصلًا في زمان، أو بمعنى كسب، وفاعله ضمير إلى ما قبله وما بعده مفعول أي: كسب ذلك الدعاء إليه بطلان دعوة ما تدعونني إليه، أي: ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته، أو اسم بمعنى القطع ولا لنفي الجنس وما بعده خبره أي لا قطع ولا انقطاع لبطلان دعوة الأصنام، ومعنى ليس له دعوة أنا ليس له دعوة إلى نفسه ومن شأن المعبود الحق أن يدعو العباد إلى طاعته أو معناه ليس له استجابة دعوة فيكون من تسمية أثر الشيء وثمرته باسم ذلك الشيء ﴿وأنَّ مَرَدَّنا إلى الله﴾: مرجعنا إليه، ﴿وأنَّ المُسْرِفِينَ﴾: المشركين، ﴿هم أصْحابُ النّارِ فَسَتَذْكُرُونَ ما أقُولُ لَكُمْ﴾: من النصح وتتحسرون على عدم القبول ﴿وأُفَوِّضُ أمْرِي إلى اللهِ﴾: فيعصمني عن كل سوء، ﴿إنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالعِبادِ﴾، وذلك حين أوعدوه بمخالفة دينهم ﴿فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا﴾، فما وصل إليه آثار مكرهم، ونَجا مع موسى ﴿وحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ﴾: بفرعون وقومه واستغنى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه أولى بذلك ﴿سُوءُ العَذابِ﴾ الغرق في الدنيا ثم النقلة منه إلى النار ﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وعَشِيًّا﴾ مبتدأ وخبر أو النار بدل من سوء العذاب، ويعرضون حال، ﴿ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ﴾، قيل لهم، ﴿أدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدَّ العَذابِ﴾، في الصحيحين ”إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة، فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار، فمن أهل النار فيقال: هذا مقعدك حتي يبعثك الله إليه يوم القيامة“، وهذه الآية أصل في استدلال عذاب القبر وعليه سؤال وهو أن الآية لا شك في أنها مكية، وفي مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين أن يهودية في المدينة كانت تعيذ عائشة عن عذاب القبر، فسألت عنه رسول الله ﷺ فقال: ”كذب يهود لا عذاب دون يوم القيامة“، فلما مضى بعض أيام نادى عليه السلام محمرًا عيناه بأعلى صوته: ”أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر، فإنه حق“ فقيل في جوابه: إن الآية دلت على عذاب الأرواح في البرزخ وما نفاه أولًا ثم أثبته عليه السلام عذاب الجسد فيه، والأولى أن يقال الآية دلت على عذاب الكفار فيه وما نفاه ثم أثبته عذاب القبر للمؤمنين ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية قالت: أشعرت أنكم تفتنون في القبور فلما سمع عليه الصلاة والسلام قولها ارتاع وقال: ”إنما يفتن اليهود“ ثم قال بعد ليال: ”أشعرت أنه أوحي إليَّ أنكم تفتنون في القبور“، ثم كان بعده يستعيذ من عذاب القبر ﴿وإذْ يَتَحاجُّونَ﴾، واذكر وقت تخاصمهم ﴿فِي النّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُنّا لَكم تَبَعًا﴾: في الدنيا جمع تابع كخدم ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيبًا مِنَ النّارِ﴾: نصيبًا مفعول اسم الفاعل بتضمين مغنون معنى دافعون ﴿قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُلٌّ فِيها﴾: نحن وأنتم وكفانا ما علينا ﴿إنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العِبادِ﴾ فأعطى كلًّا ما يستحقه ﴿وقالَ الَّذِينَ في النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ﴾، وعذاب جهنم غير منحصر في النار، ﴿ادْعُوا رَبَّكم يُخَفِّفْ عَنّا يَوْمًا مِنَ العَذابِ﴾ أي: قدر يوم، ومن العذاب بيانه، أو بعضًا من العذاب في يوم من الأيام ﴿قالُوا أوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكم رُسُلُكم بِالبَيِّناتِ﴾ أي: أكنتم غفلتم عن هذا ولم تك تأتيكم؟ إلخ، ﴿قالُوا بَلى﴾: جاءوا بها، ﴿قالُوا﴾ الخزنة: ﴿فادْعُوا﴾: أنتم لأنفسكم فنحن لا ندعوا لكم وفيه إقناط لهم، ﴿وما دُعاءُ الكافِرِينَ إلّا في ضَلالٍ﴾: ضياع لا نفع له.
{"ayahs_start":38,"ayahs":["وَقَالَ ٱلَّذِیۤ ءَامَنَ یَـٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُونِ أَهۡدِكُمۡ سَبِیلَ ٱلرَّشَادِ","یَـٰقَوۡمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا مَتَـٰعࣱ وَإِنَّ ٱلۡـَٔاخِرَةَ هِیَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ","مَنۡ عَمِلَ سَیِّئَةࣰ فَلَا یُجۡزَىٰۤ إِلَّا مِثۡلَهَاۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ یُرۡزَقُونَ فِیهَا بِغَیۡرِ حِسَابࣲ","۞ وَیَـٰقَوۡمِ مَا لِیۤ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ وَتَدۡعُونَنِیۤ إِلَى ٱلنَّارِ","تَدۡعُونَنِی لِأَكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشۡرِكَ بِهِۦ مَا لَیۡسَ لِی بِهِۦ عِلۡمࣱ وَأَنَا۠ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡغَفَّـٰرِ","لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدۡعُونَنِیۤ إِلَیۡهِ لَیۡسَ لَهُۥ دَعۡوَةࣱ فِی ٱلدُّنۡیَا وَلَا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَاۤ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ هُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ","فَسَتَذۡكُرُونَ مَاۤ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِیۤ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ","فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَیِّـَٔاتِ مَا مَكَرُوا۟ۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوۤءُ ٱلۡعَذَابِ","ٱلنَّارُ یُعۡرَضُونَ عَلَیۡهَا غُدُوࣰّا وَعَشِیࣰّاۚ وَیَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوۤا۟ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ","وَإِذۡ یَتَحَاۤجُّونَ فِی ٱلنَّارِ فَیَقُولُ ٱلضُّعَفَـٰۤؤُا۟ لِلَّذِینَ ٱسۡتَكۡبَرُوۤا۟ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعࣰا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا نَصِیبࣰا مِّنَ ٱلنَّارِ","قَالَ ٱلَّذِینَ ٱسۡتَكۡبَرُوۤا۟ إِنَّا كُلࣱّ فِیهَاۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ حَكَمَ بَیۡنَ ٱلۡعِبَادِ","وَقَالَ ٱلَّذِینَ فِی ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُوا۟ رَبَّكُمۡ یُخَفِّفۡ عَنَّا یَوۡمࣰا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ","قَالُوۤا۟ أَوَلَمۡ تَكُ تَأۡتِیكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِۖ قَالُوا۟ بَلَىٰۚ قَالُوا۟ فَٱدۡعُوا۟ۗ وَمَا دُعَـٰۤؤُا۟ ٱلۡكَـٰفِرِینَ إِلَّا فِی ضَلَـٰلٍ"],"ayah":"قَالَ ٱلَّذِینَ ٱسۡتَكۡبَرُوۤا۟ إِنَّا كُلࣱّ فِیهَاۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ حَكَمَ بَیۡنَ ٱلۡعِبَادِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق