الباحث القرآني
﴿ألَمْ تَرَوْا أن الله سَخَّرَ لَكُم مّا في السَّماواتِ﴾: بأن جعله أسباب منافعكم، ﴿وما في الأرْضِ وأسْبَغَ﴾: أوفى وأتم، ﴿عَلَيْكم نِعَمَهُ ظاهِرَةً﴾: محسوسة وما تعرفونه، ﴿وباطِنَةً﴾: معقولة وما لا تعرفونه، ﴿ومِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ في اللهِ﴾ أى: مع هذا بعض الناس يجادل في صفاته وإرساله للرسل، ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ غير مستند بحجة عقلية، ﴿ولاَ هُدًى ولاَ كتابٍ منِيرٍ﴾ أي: ولا نقلية من اتباع رسول وكتاب واضح مضيء، بل قلدوا جهالهم كما قال: ﴿وإذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أنزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وجَدْنا عَلَيْهِ آباءنا أوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوَهم إلى عَذابِ السَّعِيرِ﴾: أيتبعونهم ويقلدونهم؟ ولو كان الشيطان يدعوهم إلى جهنم! ﴿ومَن يُسْلِمْ وجْهَهُ إلى اللهِ﴾: انقاد لأوامر الله وتوكل عليه، ﴿وهُوَ مُحْسِنٌ﴾: في عمله باتباع الشرع، ﴿فقَدِ استمسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى﴾: اعتصم بأوثق حبل، مثل حال المتوكل المطيع بحال من أراد أن يتدلى من شاهق فاستمسك بأوثق عروة من حبل مأمون انقطاعه، ﴿وإلى اللهِ عاقِبَةُ الأمورِ﴾: مرجعها إليه، ﴿ومَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾، فإنه بإرادتنا ولا يضرك، ﴿إلَيْنا مَرْجِعُهم فَنُنَبِّئُهم بِما عَمِلُوا﴾ يعني: لا يضرك كفرهم، ونحن ننتقم منهم فعليهم ضره، ﴿إن اللهَ عَلِيمٌ بذات الصُّدُورِ﴾: فيجازيهم عليه فضلًا عن أعمالهم الظاهرة، ﴿نمَتِّعُهُمْ﴾: زمانًا، ﴿قليلًا﴾ أو تمتيعًا قليلًا، ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ﴾: نلجئهم في الآخرة، ﴿إلى عَذابٍ غَلِيظٍ﴾: شديد ثقيل على المعذب، ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الحَمْدُ لله﴾، إذ قامت الحجة عليكم باعترافكم، ﴿بَلْ أكْثَرُهم لا يَعْلَمُونَ﴾: أن ذلك إلزام لهم، ﴿للهِ ما في السَّماواتِ والأرْضِ إنَّ اللهَ هو الغَنِيُّ﴾ المطلق لا يحتاج إلى عبادة عابد، ﴿الحَمِيدُ﴾: المستحق للحمد وإن لم يحمد، ﴿ولَوْ أنَّما في الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أقْلامٌ والبَحْرُ﴾، عطف على محل ﴿أنَّما في الأرْضِ﴾ فإنه في المعنى فاعل لثبت المقدر بعد لو، ﴿يَمُدُّهُ﴾ أي: البحر وهو حال أو البحر مبتدأ ويمده خبره، والواو للحال من غير ضعف، ﴿مِن بَعْدِهِ﴾ أي: بعد ذلك البحر، ﴿سَبْعَةُ أبْحُرٍ﴾، فاعل يمده وهى للتكثير لا للحصر، وقد نقل أن في العالم سبعة أبحر محيطة بالعالم، ﴿ما نَفِدَتْ صفحة فارغة كَلِماتُ اللهِ﴾ يعني لو ثبت أن أشجار الأرض أقلام، والبحر ممدود بسبعة أبحر وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات علم الله وحكمته لما نفدت ونفدت الأقلام والمداد وهو كقوله: ﴿نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه﴾ نزلت حين قال أحبار اليهود: يا محمد بلغنا أنك تقول، وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا أفعنيتنا أم قومك؟ فقال: كُلًّا، فقالوا: إنك تتلوا إنا قد أوتينا التوراة، وفيها تبيان كل شيء، فقال عليه السلام: هي في علم الله قليل، وقد آتاكم ما إن عملتم به انتفعتم، وهذا يقتضي أن الآية مدنية، والمشهور أنها مكية، قال بعض السلف: أمر اليهود وفد قريش أن يسألوه وهو بمكة، ﴿إذ اللهَ عَزِيزٌ﴾: لا يعجزه شيء، ﴿حَكِيمٌ﴾: في جميع شئونه، ﴿ما خَلْقُكم ولا بَعْثُكم إلّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ أي: إلا كخلق نفس واحدة وبعثها، فإنه يكفى في الكل تعلق الإرادة، ﴿إنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾: يسمع ويبصر كل مسموع ومبصر لا يشغله شأن عن شأن، ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ الله يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ﴾: فيطول النهار ويقصر الليل، ﴿ويُولِجُ النَّهارَ في اللَّيْلِ وسَخَّرَ الشمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ﴾: منهما، ﴿يَجْرِي﴾: في فلكه، ﴿إلى أجَلٍ مسَمًّى﴾: إلى وقت معين الشمس إلى آخر السنة، والقمر إلى آخر الشهر، أو الأجل المسمى يوم القيامة فحيئذ ينقطع جريهما، ﴿وأنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذَلِكَ﴾ أي: اختصاصه تعالى بسعة العلم، وشمول القدرة، وعجائب الصنع، ﴿بِأنَّ اللهَ هو الحَقُّ﴾ لسبب أنه الثابت إلاهيته، ﴿وأنَّ ما يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الباطِلُ﴾: إلاهيته، ﴿وأنَّ اللهَ هو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ مترفع ومتسلط على كل شيء أو معناه ذلك الذي أوحى إليك بسبب بيان أنه هو الحق وأن إلهًا غيره باطل وأنه على كبيرٌ أن يشرك به.
{"ayahs_start":20,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَیۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَـٰهِرَةࣰ وَبَاطِنَةࣰۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یُجَـٰدِلُ فِی ٱللَّهِ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲ وَلَا هُدࣰى وَلَا كِتَـٰبࣲ مُّنِیرࣲ","وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُوا۟ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَیۡهِ ءَابَاۤءَنَاۤۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِیرِ","۞ وَمَن یُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥۤ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنࣱ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ","وَمَن كَفَرَ فَلَا یَحۡزُنكَ كُفۡرُهُۥۤۚ إِلَیۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ","نُمَتِّعُهُمۡ قَلِیلࣰا ثُمَّ نَضۡطَرُّهُمۡ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِیظࣲ","وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَیَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ","لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ","وَلَوۡ أَنَّمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَـٰمࣱ وَٱلۡبَحۡرُ یَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرࣲ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَـٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ","مَّا خَلۡقُكُمۡ وَلَا بَعۡثُكُمۡ إِلَّا كَنَفۡسࣲ وَ ٰحِدَةٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرٌ","أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یُولِجُ ٱلَّیۡلَ فِی ٱلنَّهَارِ وَیُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِی ٱلَّیۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلࣱّ یَجۡرِیۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا یَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَـٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ"],"ayah":"وَلَوۡ أَنَّمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَـٰمࣱ وَٱلۡبَحۡرُ یَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرࣲ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَـٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق