﴿مَثلُ الذِينَ يُنفِقُونَ أموالَهم في سَبِيلِ اللهِ﴾: في طاعته أو الجهاد أو هو والحج، ﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ حث على الخير بعد أدلة التوحيد، وتقديره: مثل نفقتهم كمثل، أو مثلهم كمثل باذر حبة، ﴿أنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ أي: يخرج منها ساق له سبع شعب لكل منها سنبلة فيها مائة حبة، وهذا تمثيل لا يجب وجوده ﴿واللهُ يُضاعِفُ﴾: تلك المضاعفة، أو على تلك المصاعفة ويزيد عليها ﴿لِمَن يَشاءُ﴾، بحسب الإخلاص ﴿واللهُ واسِعٌ﴾: لا يضيق عليه الإنفاق ﴿عَلِيمٌ﴾: بقدر الإنفاق ونياتهم ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهم في سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أنْفَقُوا مَنًّا﴾: لا بقول ولا بفعل على من أعطوه ﴿ولاَ أذًى﴾: لا يفعلون مع من أحسنوا إليه مكروها، ثم للتفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى ﴿لهم أجْرُهم عِندَ ربهِمْ﴾: بلا منة أحد ﴿ولاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾: من أهوال القيامة، ﴿ولاَ هم يَحْزنونَ﴾، على ما فات منهم، ﴿قوْلٌ معْرُوفٌ﴾: كلام حسن ورد جميل، ﴿ومَغْفِرَةٌ﴾: عفو عن ظلم، أو تجاوز عن استطالة السائل، ﴿خَيْرٌ مِّن صَدَقَة يَتْبَعُها أذًى واللهُ غَنِيٌ﴾؛ عن إنفاق كل منفق، ﴿حَليمٌ﴾: لا يعجل في العقوبة، ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا﴾، ثواب ﴿صَدَقاتِكم بِالمَنِّ والأذى كالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ﴾، أي: كإبطال المنافق الذي ينفق، ﴿رِئاءَ النّاسِ﴾، نصب على المفعول له أي: كمن يتصدق لأجل مدحة الناس وشهرته بالصفات الجميلة، مظهرًا أنه يريد وجه الله، ﴿ولاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ﴾ أي: مثل المرائي، أو مثل من أتبع إنفاقه منًّا أو أذى، ﴿كَمَثَلِ صَفْوانٍ﴾: حجر أملس، ﴿عَلَيْهِ تُرابٌ فَأصابَهُ وابِلٌ﴾: مطر كبير القطر، ﴿فَتَرَكَهُ صَلْدًا﴾: أملس نقيًّا من التراب، كذلك أعمال المرائين تضمحل عند الله، وإن ظهر لهم أعمال مما يرى الناس
كالتراب ﴿لا يَقْدِرُون﴾، الضمير للذي ينفق، باعتبار المعنى فإنهم كثيرون ﴿عَلى شَيْءٍ مما كسَبوا﴾، لا ينتفعون بما فعلوا ﴿واللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكافرِينَ﴾، الخير وفيه إيماء إلى أن الرياء من صفة الكفار، فعلى المؤمن أن يحذر عنها ﴿ومَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وتَثْبِيتًا مِن أنْفُسِهِمْ﴾: تصديقًا وتيقنًا من أصل أنفسهم أن الله سيجزيهم على ذلك، أو يثبتون أين يضعون صدقاتهم ﴿كَمَثَلِ جَنَّةٍ﴾، أي: مثلهم في الزكاة [[في الأصل ”الزكاء“.]] كمثل بستان، ﴿بِرَبْوَةٍ﴾: بموضع مرتفع، زاد ابن عباس والضحاك: فيها الأنهار ﴿أصابَها وابِلٌ﴾: مطر شديد ﴿فَئاتَتْ﴾: أعطت، ﴿أُكُلَها﴾: ثمرتها، ﴿ضِعْفَيْنِ﴾، بالنسبة إلى غيرها من البساتين ﴿فَإنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ﴾ أي: فيصيبها طل وهو المطر الصغير القطر، يعني: نفقاتهم زاكية عند الله، وإن كانت تتفاوت بسبب أحوالهم، كما أن الجنة تثمر قَلَّ المطر أو كَثُرَ، أو يضعف ثواب صدقاتهم قلَّت النفقة أو كثرت ﴿واللهُ بما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، تحذير عن الرياء وترغيب في الإخلاص ﴿أيَوَدُّ﴾، الهمزة للإنكارَ ﴿أحَدُكم أنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِن نَخِيلٍ وأعْنابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ لَهُ فِيها مِن كُلِّ الثَّمَراتِ﴾، هما لما كان أشرف وأنفع الأشجار جعل الجنة منهما تغليبًا لهما، ثم ذكر سائر الأشجار ليدل على التغليب ﴿وأصابَهُ الكِبَرُ﴾: كبر السن، فإن الفقر فيه أصعب، والواو للحال بتقدير: قد ﴿ولَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ﴾: صغار ونسوان ﴿فَأصابَها إعْصارٌ﴾: ريح عاصف ﴿فِيهِ نارٌ فاحْتَرَقَتْ﴾، فصار أحوج ما كان إليها عند الشيخوخة وكثرة ضعاف الأولاد، والمثل لرجل غني يعمل بطاعة الله، ثم نكص على عقبيه فعمل آخر عمره بالمعاصي، حتى أغرق أعماله، أو للمنافق والمرائي فإنهم إذا ماتوا واحتاجوا غاية الاحتياج إلى أعمالهم، فقدوها بمرة، ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكم تَتَفَكَّرُونَ﴾، لكي تتفكروا فتعتبروا.
{"ayahs_start":261,"ayahs":["مَّثَلُ ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِی كُلِّ سُنۢبُلَةࣲ مِّا۟ئَةُ حَبَّةࣲۗ وَٱللَّهُ یُضَـٰعِفُ لِمَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمٌ","ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا یُتۡبِعُونَ مَاۤ أَنفَقُوا۟ مَنࣰّا وَلَاۤ أَذࣰى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ","۞ قَوۡلࣱ مَّعۡرُوفࣱ وَمَغۡفِرَةٌ خَیۡرࣱ مِّن صَدَقَةࣲ یَتۡبَعُهَاۤ أَذࣰىۗ وَٱللَّهُ غَنِیٌّ حَلِیمࣱ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُبۡطِلُوا۟ صَدَقَـٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ كَٱلَّذِی یُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَاۤءَ ٱلنَّاسِ وَلَا یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۖ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ صَفۡوَانٍ عَلَیۡهِ تُرَابࣱ فَأَصَابَهُۥ وَابِلࣱ فَتَرَكَهُۥ صَلۡدࣰاۖ لَّا یَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَیۡءࣲ مِّمَّا كَسَبُوا۟ۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ","وَمَثَلُ ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمُ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِیتࣰا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلࣱ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَیۡنِ فَإِن لَّمۡ یُصِبۡهَا وَابِلࣱ فَطَلࣱّۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرٌ","أَیَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةࣱ مِّن نَّخِیلࣲ وَأَعۡنَابࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ لَهُۥ فِیهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلۡكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّیَّةࣱ ضُعَفَاۤءُ فَأَصَابَهَاۤ إِعۡصَارࣱ فِیهِ نَارࣱ فَٱحۡتَرَقَتۡۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ"],"ayah":"مَّثَلُ ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِی كُلِّ سُنۢبُلَةࣲ مِّا۟ئَةُ حَبَّةࣲۗ وَٱللَّهُ یُضَـٰعِفُ لِمَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمٌ"}