الباحث القرآني

﴿وإن كَذَّبُوكَ﴾ أصروا عَلى تكذيبك، ﴿فَقُل لِّي عَمَلِي ولَكم عَمَلُكُمْ﴾ أي: لي الإيمان ولكم الشرك أو لكل جزاء عمله، يعني تبرأ منهم فقد أعذرت، ﴿أنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمّا أعْمَلُ﴾ من الطاعة، ﴿وأنا بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ﴾ من المعاصي أو لا تؤخذون بعملي ولا أوخذ بعملكم، قال بعضهم: الآية منسوخة بآية السيف، ﴿ومِنهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ﴾ إذا قرأت القرآن لكن لا يقبلون، ﴿أفَأنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ﴾ يعني: أتطمع أن تسمع الأُطْرُوشُ فإنهم بمنزلته في عدم وحيه، ﴿ولَوْ كانُوا لاَ يَعْقِلُون﴾ أي: ولو انضم إلى صممهم عدم العقل فإن الأصم العاقل ربما يتفرس، ﴿ومِنهُم مَّن يَنظُرُ إلَيْكَ﴾ ويعاينون أدلة صدقك لكن لا يصدقون، ﴿أفَأنْتَ تَهْدِي العُمْيَ﴾ أتطمع أنك تقدر على هداية فاقد البصر، ﴿ولَوْ كانُوا لاَ يُبْصِرُونَ﴾ وإن انضم إليه عدم البصيرة فإن العمى مع الحمق جهد البلاء، والآية كالتعليل للأمر بالتبري، ﴿إنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النّاسَ شَيْئًا﴾، من الظلم بأن يشقيهم وهم مصلحون، ﴿ولَكِنَّ النّاسَ أنفسَهم يَظْلِمُونَ﴾ بارتكاب أسباب الشقوة وتفويت منافع العقول أو معناه ما يحيق بهم في الآخرة عدل من الله تعالى لأنّهُم ظلموا أنفسهم باقتراف أسبابه فعلى هذا يكون وعيدًا لهم، ﴿ويَوْمَ يَحْشُرهم كَأن لَمْ﴾ أي: كأنه لم، ﴿يَلْبَثُوا إلّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ﴾، يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا أو في القبر لهول المحشر وكأن لم يلبثوا حال أي: مشبهين بمن لم يلبث إلا ساعة، ﴿يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾ يعرف بعضهم بعضًا كأنهم لم يتفارقوا إلا قليلًا وهو متعلق الظرف أعني يوم نحشرهم أو تقديره اذكر يوم نحشرهم وعلى هذا يتعارفون بيان لقوله لم يلبثوا، ﴿قَدْ خَسِرَ الذِينَ كَذبوا بِلِقاءِ اللهِ﴾ هي شهادة من الله على خسرانهم، ﴿وما كانوا مهْتَدِينَ﴾ لرعاية مصالح هذه التجارة، ﴿وإمّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ أي: ننتقم في حياتك لتقر عينك وجوابه محذوف، أي: فذاك، ﴿أوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ قبل أن نريكه، ﴿فَإلَيْنا مَرْجِعُهُمْ﴾ فنريكه في الآخرة وهو جواب نتوفينك، ﴿ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ﴾ فيعاقبهم ويجازيهم إن لم ننتقم في الدنيا ننتقم منهم في الآخرة، ﴿ولِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ﴾ يدعوهم إلى الحق، ﴿فَإذا جاءَ رَسُولُهم قُضِيَ بَيْنَهم بِالقِسْطِ﴾ بالعدل وهو هلاك من كذبه ونجاة من تبعه أو لكل أمة يوم القيامة رسول فإذا جاء رسولهم الموقف قضي بينهم بالعدل، ﴿وهم لا يُظْلَمُونَ﴾، فلا ينقص ثوابهم ولا نأخذهم بغير ذنب، ﴿ويَقُولُونَ﴾، أي: المشركون استهزاء واستبعادًا، ﴿مَتى هَذا الوَعْدُ﴾ الذي تعدوننا من العذاب، ﴿إنْ كُنْتُمْ﴾ أيها الرسول وأتباعه، ﴿صادِقِينَ قُل لا أمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا ولا نَفْعًا﴾ فكيف أملك لكم فأستعجل في عذابكم، ﴿إلا ما شاءَ اللهُ﴾ أن أملكه أو منقطع، أي: لكن ما شاء الله من ذلك كائن، ﴿لكُلّ أُمَّةٍ أجَلٌ﴾ مضروب لهلاكهم، ﴿إذا جاءَ أجَلُهم فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ لا يتأخرون ولا يتقدمون، ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ﴾ أي: أعلمتم أو أخبروني، ﴿إنْ أتاكم عَذابُهُ بَياتًا﴾ وقت بيات، ﴿أوْ نَهارًا﴾ وقت اشتغالكم بطلب المعاش، ﴿ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنهُ المُجْرِمُونَ﴾ متعلق بـ أرأيتم ومعناه التعجب والتهويل يعني أعلمتم إن أتاكم عذابه في حين غفلة أي شيء هول شديد يستعجلون من الله تعالى وإذا كان ضمير منه للعذاب فمن للبيان وهذا كقولك: أعلمت ماذا جنيت؟ وجواب الشرط محذوف يدل عليه أعلمتم أي شيء يستعجلون، وعدل عن الخطاب في يستعجلون إلى ذكر فاعله لإفادة أن تعلق الحكم باعتبار وصف الإجرام أو ماذا يستعجل جواب كقولك: إن لقيت أسدًا ماذا تصنع؟ ومجموع الشرط والجزاء متعلق بـ أرأيتم أو الاستفهام ليس للتعجب فحاصله أن العذاب كله مكروه فأي شيء يستعجلون منه وليس شيء منه يوجب الاستعجال، ﴿أثُمَّ إذا ما وقَعَ آمَنتُمْ بِهِ﴾ الهمزة للتوبيخ والتقريع يعني إذا نزل العذاب آمنتم به، ﴿آلْآنَ﴾ بتقدير القول أي: قيل لهم بعدما نزل العذاب وآمنوا الآن آمنتم فهو استئناف أو بدل من آمنتم أو من إذا ما وقع إلى آخره، ﴿وقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) ثمَّ قِيلَ﴾، عطف على قيل المقدر، ﴿لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إلّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾، في الدنيا فلا ظلم، ﴿ويَسْتَنْبِئونَكَ﴾، يستخبرونك، ﴿أحَقٌّ هُوَ﴾، ما تقول من البعث والقيامة أو العذاب وفي إعرابه وجهان كـ أقائم زيد قيل الهمزة للإنكار والسخرية، ﴿قُلْ إي﴾، بمعنى نعم ويلزمها القسم، ﴿ورَبِّي إنَّهُ لَحَقٌّ﴾، كائن ثابت، ﴿وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾، أي: ليس صيرورتكم ترابًا بمعجز الله تعالى عن إعادتكم أو بفائتين العذاب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب