الباحث القرآني

أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾ فَفِيهِ مَسْألَتانِ: المَسْألَةُ الأُولى: قالَ اللَّيْثُ: وسَطْتُ النَّهَرَ والمَفازَةَ أوْسُطُها وسَطًا وسِطَةً، أيْ صِرْتُ في وسَطِها، وكَذَلِكَ وسَّطْتُها وتَوَسَّطْتُها، ونَحْوُ هَذا، قالَ الفَرّاءُ: والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿بِهِ﴾ إلى ماذا يَرْجِعُ ؟ فِيهِ وُجُوهٌ: أحَدُها: قالَ مُقاتِلٌ: أيْ بِالعَدْوِ، وذَلِكَ أنَّ العادِياتِ تَدُلُّ عَلى العَدْوِ، فَجازَتِ الكِنايَةُ عَنْهُ، وقَوْلُهُ: ﴿جَمْعًا﴾ يَعْنِي جَمْعَ العَدُوِّ، والمَعْنى صِرْنَ بَعْدُ وهُنَّ وسَطَ جَمْعِ العَدُوِّ، ومَن حَمَلَ الآياتِ عَلى الإبِلِ، قالَ: يَعْنِي جَمْعَ مِنًى. وثانِيها: أنَّ الضَّمِيرَ عائِدٌ إلى النَّقْعِ أيْ: ﴿فَوَسَطْنَ﴾ بِالنَّقْعِ الجَمْعَ. وثالِثُها: المُرادُ أنَّ العادِياتِ وسَطْنَ مُلَبَّسًا بِالنَّقْعِ جَمْعًا مِن جُمُوعِ الأعْداءِ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: قُرِئَ ”فَوَسَّطْنَ“ بِالتَّشْدِيدِ لِلتَّعْدِيَةِ، والباءُ مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ كَقَوْلِهِ: ﴿فَأْتُوا بِهِ﴾ [الأنبياء: ٦١] وهي مُبالَغَةٌ في وسَطْنَ، واعْلَمْ أنَّ النّاسَ أكْثَرُوا في صِفَةِ الفَرَسِ، وهَذا القَدْرُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ أحْسَنُ، وقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «الخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَواصِيها الخَيْرُ»، وقالَ أيْضًا: «ظَهْرُها حِرْزٌ وبَطْنُها كَنْزٌ» واعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ المُقْسَمَ بِهِ، ذَكَرَ المُقْسَمَ عَلَيْهِ وهو أُمُورٌ ثَلاثَةٌ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب