الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ﴾ يعني حين سأل ولدًا فقال: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ فاستجاب الله دعاءه، ووهب له إسحاق ولدًا. وقوله تعالى: ﴿وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً﴾ النافلة: اسم على فاعله، ليس له فعل، وهو كالنفل. ومعناه: الزيادة [على الأصل] [[ساقط من (د)، (ع).]] [["تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 355 (نفل) بنحوه. وانظر (نفل) في: "الصحاح" للجوهري 5/ 1833، "لسان العرب" لابن منظور 11/ 671 - 672، "بصائر ذوي التمييز" للفيروزآبادي 5/ 109.]]. ذكرنا [[في (د)، (ع): (وذكرنا).]] ذلك عند قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ [الأنفال: 1] وقوله: ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾ [الإسراء: 79]. والنافلة: ولد الولد؛ لأن الأصل كان الولد [فصار ولد الولد] [[ساقط من (أ).]] زيادة على الأصل [["تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 356 (نفل) بنصه.]]. قال ابن عباس: نَفَّله يعقوب. يريد: زيادة، زاده يعقوب من إسحاق [[ذكره الثعلي في "الكشف والبيان" 3/ 33 أعن ابن عباس. وقد رواه الطبري 17/ 49 بمعناه عن ابن عباس من طريق العوفي.]]. وهذا قول أبي بن كعب، وقتادة، وابن زيد [[ذكره عنهم الثعلبي 3/ 33 أ. ورواه الطبري 17/ 48 عن قتادة وابن زيد.]]، قالوا: سأل واحدًا فأعطاه الله يعقوب زيادة على ما سأل. فعلى هذا النافلة يعقوب خاصة ومعناها: الزيادة على الأصل. وقال آخرون: معنى النافلة -هاهنا- العطية، وكل عطية تبرع بها معطيها فهي نافلة. وهذا مذهب مجاهد وعطاء في هذه الآية، قالا: معنى النافلة العطية، وإسحاق ويعقوب كانا جميعًا من عطاء الله تعالى [["الكشف والبيان" للثعلبي 3/ 33 أبنصه، عن مجاهد وعطاء. وقد رواه عن مجاهد مختصرًا الطبري في "تفسيره" 17/ 48 وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 5/ 643 وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وعن عطاء رواه سفيان الثوري في "تفسيره" ص 202، والطبري 17/ 48.]]. وعلى هذا النافلة لا يختص بيعقوب. والأكثرون على القول الأول وهو اختيار الفراء والزَّجَّاج. [قال الفراء: النافلة: يعقوب خاصة؛ لأنه ولد الولد [["معاني القرآن" للفراء 2/ 207.]]. ونحو هذا قال الزجاج] [[ما بين المعقوفين ساقط من (د)، (ع).]] [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 3/ 398.]]. وقال الأزهري في هذه الآية: وهبنا لإبراهيم إسحاق، وكان كالفرض له، ثم قال: ﴿وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً﴾ فالنافلة يعقوب خاصة؛ لأنه ولد الولد، أي: وهبناه له [[في جميع النسخ: (وهبنا له)، والتصحيح من "تهذيب اللغة" للأزهري.]] زيادة على الفرض له [["تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 356 (نفل). وبقية كلامه: وذلك أن إسحاق وهب له بدعائه، وزيد يعقوب تفضلا.]]. وعلى هذا القول الحسن والضحاك [[ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" (3/ 33 أ) عن الحسن والضحاك.]] والكلبي؛ لأنهم قالوا في قوله: ﴿نَافِلَةً﴾: فضلاً. قال الكلبي: وهو ولد الولد [[روى عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 24 عن الكلبي قال: دعى بإسحاق فاستجيب له == وزيد يعقوب. قال ابن جزي الكلبي 3/ 62: واختار بعضهم الوقف على (إسحاق) لبيان المعنى، وهذا ضعيف لأنه معطوف على كل قول.]]. ويصح الوقف [[في (ع): (الولد)، وهو خطأ.]] على إسحاق في هذا القول ثم يبتدئ ﴿وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً﴾ على معنى: وزدناه [[في (أ): (وزيادة)، والصواب ما أثبتناه من (د)، (ع).]] يعقوب نافلة. واختار أبو جعفر النحاس [[هو أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس، المصري، النحوي، اللغوي، المفسير، الأديب. سمع الحديث، وأخذ عن أصحاب المبرد كالزجاج وغيره. وصنف تصانيف نافعة منها "معاني القرآن"، و"إعراب القرآن"، و"الناسخ والمنسوخ". و"القطع والآئتناف" وغيرها. توفي في ذي الحجة سنة 338 هـ. "طبقات النحويين واللغويين" ص 239، "معجم الأدباء" 4/ 224 - 230، "إنباه الرواة" 1/ 136 - 139، "سير أعلام النبلاء" 15/ 401 - 402، "البداية والنهاية" 11/ 222، "بغية الوعاء" 157، "طبقات المفسرين" للداودي 1/ 68 - 70.]] القول الثاني وقال: الظاهر [[في القطع والائتناف: البين.]] في العربية أن يكون الثاني معطوفًا على الأول، داخلًا فيما دخل فيه من غير إضمار فعل [["القطع والائتناف" للنحاس ص 476. واختار هذا القول ابن عطية لأنه أبين. انظر: "المحرر" 10/ 173. وقال عنه الرازي 22/ 191 إنه أقرب، لأنه تعالى جمع بينهما، ثم ذكر قوله (نافلة) فإذا صلح أن يكون وصفًا لهما فهو أولى. وقال الطبري 17/ 48: النافلة: الفضل من الشيء يصير إلى الرجل من أي: شيء كان كذلك، وكلا ولديه إسحاق ويعقوب كان فضلاً من الله تفضل به على إبراهيم، وهبة منه له. وجائز أن يكون عني به أنه آتاهما إياه جميعًا نافلة منه له، وأن يكون بمعنى أنه آتاه نافلة يعقوب، ولا برهان يدل على أي: ذلك المراد من الكلام، فلا شيء أولى -أن يقال في ذلك- مما قال الله: ووهب الله لإبراهيم إسحاق ويعقوب نافلة.]]. وقوله تعالى: ﴿وَكُلًّا﴾ يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب [["تفسير الطبري" 17/ 49، "الكشف والبيان" للثعلبي 3/ 33 أ. وجزم أبو حيان في "البحر" 6/ 329 أنه (وكلا) يشمل كل من ذكر: إبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب. قال الشنقيطي في "أضواء البيان" 4/ 592: وهو الظاهر. وما قاله أبو حيان واستظهره الشنقيطي ليس بظاهر، بل ما ذكره الواحدي -وهو قول الطبري والثعلبي وجماعة المفسرين- هو الأظهر، لأنه كما قال ابن عاشور 17/ 109: الحديث الأخير فيهم، وأما لوط فإنه ذكر على طريق المعية، وسيخُص بالذكر بعد هذه الآية- انتهى.]] ﴿جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾ أنبياء عاملين بطاعة الله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب