الباحث القرآني

﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى﴾ يكون هذا الجزاء من الله تعالى، والحسنى هاهنا على معنيين أحدهما: الجنة، وأضيف الجزاء إليها وهي الجزاء، كما قال: ﴿حَقُّ الْيَقِينِ﴾، ﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ﴾، و ﴿دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5]، وهذا قول الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 159.]]. والثاني: أن تكون الحسنى حسناته، ويكون المعنى: له جزاء الخلال الحسنة التي آتاها وعملها. وهذا القول ذكره الفراء أيضًا، واختاره أبو علي وحرره [["معاني القرآن" للفراء 2/ 159، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 170.]]. ويجوز أن يكون هذا الجزاء المذكور من ذي القرنين، وهو قول ابن عباس؛ كأنه قال: أتفضل عليه وأعطيه. وعلى هذا لا يكون معنى الحسنى: الجنة؛ لأن الجزاء بها لا يجزيه إلا الله عز ذكره، ومضى الكلام في الحسنى عند قوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى﴾ [يونس: 26] الآية. وقرأ أهل الكوفة: فله جزاءً نصبا منونًا [[قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم في رواية أبي بكر: ﴿جَزَاءً الْحُسْنَى﴾ منونًا منصوبًا. انظر: "السبعة" ص 398، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 170، "الغاية في القراءات" 312، "التبصرة" ص 251، "النشر" 2/ 315.]]. قال الفراء: (أي فله الحسنى جزاء، نصبت ﴿جَزَاءً﴾ هو على التفسير) [["معاني القرآن" للفراء2/ 159.]]. وقال الزجاج: (﴿جَزَاءً﴾ مصدر منصوب في موضع الحال، المعنى: فله الحسنى مجزيًا بها جزاء) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 309.]]. ونحو هذا قال أبو علي: (هو مصدر واقع موقع الحال، المعنى: فله الحسنى مجزية) [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 170.]]. قال الأخفش: (وهذا لا يكاد العرب تكلم به مقدما إلا في شعر) [[ذكره الفارسي في "الحجة للقراء السبعة" 5/ 170.]]. وذكر ابن الأنباري في انتصاب ﴿جَزَاءً﴾ وجهين أحدهما: (المصدر على معنى: فيجزى الحسنى جزاء، كما يقال: هو لك هبة. والآخر: أن ينتصب على التفسير بمعنى: فله الحسنى من جزاء، كما قالوا: لك أسمنها كبشا، أي: من كبش) [[ذكر بلا نسبة في "إملاء ما من به الرحمن" ص 404، "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 292، "المحرر الوجيز" 9/ 395، "الدر المصون" 7/ 543.]]. وقوله تعالى: ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ قال الكلبي: (أي خيرًا) [[ورد نحوه بلا نسبة في "جامع البيان" 16/ 13، "الكشاف" 2/ 401، "بحر العلوم" 2/ 311.]]. وقال مجاهد: (معروفًا) [["جامع البيان" 16/ 13، "معالم التنزيل" 5/ 200، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 114، "الدر المنثور" 4/ 448.]]. وقال أبو إسحاق: (أو نقول له قولا جميلاً) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 309.]]. وقال عباس: (يريد كما يحيي المؤمنون بعضهم بعضًا، مثل قول النبي -ﷺ-: يكن لك ما لنا، وعليك ما علينا) [[لم أقف عليه.]]. فجعل القول باليسر هاهنا السلم والمشاركة معه في الخير والشر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب