الْآيَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ:
قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74].
رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِحَارِثَةَ: يَا حَارِثَةُ، كَيْفَ أَصْبَحْت؟ قَالَ: مُؤْمِنًا حَقًّا. قَالَ: لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةٌ، فَمَا حَقِيقَةُ إيمَانِكَ؟ قَالَ: عَزَفَتْ نَفْسِي عَنْ الدُّنْيَا؛ فَاسْتَوَى عِنْدِي حَجَرُهَا وَذَهَبُهَا، وَكَأَنِّي نَاظِرٌ إلَى عَرْشِ رَبِّي. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَرَفْت فَالْزَمْ».
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَا يُدْرِكُ أَحَدُكُمْ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي النَّارِ».
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2] إلَى قَوْلِهِ: كَرِيمٌ.
وَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ حَقًّا ظَهَرَ ذَلِكَ فِي اسْتِقَامَةِ الْأَعْمَالِ بِامْتِثَالِ الْأَمْرِ.
وَاجْتِنَابِ النَّهْيِ، وَإِذَا كَانَ مَجَازًا قَصَّرَتْ الْجَوَارِحُ فِي الْأَعْمَالِ؛ إذْ لَمْ تَبْلُغْ قُوَّتُهُ إلَيْهَا.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِینَ ءَاوَوا۟ وَّنَصَرُوۤا۟ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقࣰّاۚ لَّهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِیمࣱ"}