الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأهْلَكْنا أشَدَّ مِنهم بَطْشًا ومَضى مَثَلُ الأوَّلِينَ﴾ .
الضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: (مِنهم) عائِدٌ إلى القَوْمِ المُسْرِفِينَ، المُخاطَبِينَ بِقَوْلِهِ:: ﴿أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ﴾ [الزخرف: ٥] . وفِيهِ ما يُسَمِّيهِ عُلَماءُ البَلاغَةِ بِالِالتِفاتِ مِنَ الخِطابِ إلى الغَيْبَةِ.
وَقَوْلُهُ: أشَدَّ مِنهم مَفْعُولٌ بِهِ لِـ (أهْلَكَنا)، وأصْلُهُ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ، والتَّقْدِيرُ فَأهْلَكْنا قَوْمًا أشَدَّ مِنهم بَطْشًا، عَلى حَدِّ قَوْلِهِ في الخُلاصَةِ:
؎وَما مِنَ المَنعُوتِ والنَّعْتِ عُقِلْ يَجُوزُ حَذْفُهُ وفي النَّعْتِ يَقِلْ
وَقَوْلُهُ: (بَطْشًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ مِنَ الفاعِلِ عَلى حَدِّ قَوْلِهِ في الخُلاصَةِ: والفاعِلُ المَعْنى انْصَبَنْ بِأفْعَلا مُفَضِّلًا كَأنْتَ أعَلا مَنزِلا
والبَطْشُ: أصْلُهُ الأخْذُ بِعُنْفٍ وشِدَّةٍ.
والمَعْنى: فَأهْلَكْنا قَوْمًا أشَدَّ بَطْشًا مِن كُفّارِ مَكَّةَ الَّذِينَ كَذَّبُوا نَبِيَّنا بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهم، فَلْيَحْذَرِ الكُفّارُ الَّذِينَ كَذَّبُوكَ أنْ نُهْلِكَهم بِسَبَبِ ذَلِكَ كَما أهْلَكْنا الَّذِينَ كانُوا أشَدَّ مِنهم بَطْشًا، أيْ أكْثَرَ مِنهم عَدَدًا وعُدَدًا وجَلَدًا.
(p-٨٣)فَعَلى الأضْعَفِ الأقَلِّ أنْ يُتَّعَظَ بِإهْلاكِ الأقْوى الأكْثَرِ.
وَقَوْلُهُ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿وَمَضى مَثَلُ الأوَّلِينَ﴾ أيْ صِفَتُهُمُ الَّتِي هي إهْلاكُهُمُ المُسْتَأْصِلُ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمُ الرُّسُلَ.
وَقَوْلُ مَن قالَ: ﴿مَثَلُ الأوَّلِينَ﴾ أيْ عُقُوبَتُهم وسُنَّتُهُمُ - راجِعٌ في المَعْنى إلى ذَلِكَ.
وَما تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ مِن تَهْدِيدِ الكُفّارِ الَّذِينَ كَذَّبُوا مُحَمَّدًا ﷺ بِأنَّ اللَّهَ أهْلَكَ مَن هم أقْوى مِنهم، لِيَحْذَرُوا أنْ يُفْعَلَ بِهِمْ مِثْلَ ما فُعِلَ بِأُولَئِكَ - جاءَ مُوَضَّحًا في آياتٍ أُخَرَ،
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أوَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كانُوا أشَدَّ مِنهم قُوَّةً وأثارُوا الأرْضَ وعَمَرُوها أكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها﴾ الآيَةَ [الروم: ٩] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أفَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كانُوا أكْثَرَ مِنهم وأشَدَّ قُوَّةً وآثارًا في الأرْضِ﴾ الآيَةَ [غافر: ٨٢] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألَمْ يَرَوْا كَمْ أهْلَكْنا مِن قَبْلِهِمْ مِن قَرْنٍ مَكَّنّاهم في الأرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكم وأرْسَلْنا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْرارًا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَأهْلَكْناهم بِذُنُوبِهِمْ﴾ الآيَةَ [الأنعام: ٦] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهم فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ﴾ [سبإ: ٤٥] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أوَلَمْ يَسِيرُوا في الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وكانُوا أشَدَّ مِنهم قُوَّةً وما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ في السَّماواتِ ولا في الأرْضِ إنَّهُ كانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر: ٤٤] .
وَقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿وَمَضى مَثَلُ الأوَّلِينَ﴾ ما تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ مِن تَهْدِيدِ كُفّارِ مَكَّةَ الَّذِينَ كَذَّبُوا مُحَمَّدًا ﷺ بِصِفَتِهِ، إهْلاكُهم وسُنَّتُهُ فِيهِمُ الَّتِي هي العُقُوبَةُ وعَذابُ الِاسْتِئْصالِ جاءَ مُوَضَّحًا في آياتٍ أُخَرَ،
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلَمّا جاءَهم نَذِيرٌ ما زادَهم إلّا نُفُورًا﴾ ﴿اسْتِكْبارًا في الأرْضِ ومَكْرَ السَّيِّئِ ولا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلّا بِأهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلّا سُنَّةَ الأوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾ [فاطر: ٤٢ - ٤٣] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلَمّا جاءَتْهم رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ وحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ ﴿فَلَمّا رَأوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللَّهِ وحْدَهُ وكَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ﴾ ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهم إيمانُهم لَمّا رَأوْا بَأْسَنا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ في عِبادِهِ وخَسِرَ هُنالِكَ الكافِرُونَ﴾ [غافر: ٨٣ - ٨٥] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما مَنَعَ النّاسَ أنْ يُؤْمِنُوا إذْ جاءَهُمُ الهُدى ويَسْتَغْفِرُوا رَبَّهم إلّا أنْ تَأْتِيَهم سُنَّةُ الأوَّلِينَ﴾ الآيَةَ [الكهف: ٥٥] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: (p-٨٤)﴿فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنهم فَأغْرَقْناهم أجْمَعِينَ فَجَعَلْناهم سَلَفًا ومَثَلًا لِلْآخِرِينَ﴾ [الزخرف: ٥٥ - ٥٦] .
وَقَدْ قَدَّمْنا بَعْضَ الآياتِ الدّالَّةِ عَلى هَذا في سُورَةِ ”المائِدَةِ“ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن أجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إسْرائِيلَ﴾ الآيَةَ [المائدة: ٣٢] .
{"ayah":"فَأَهۡلَكۡنَاۤ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشࣰا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق