الباحث القرآني

﴿ويسألونك عَن الرّوح﴾ تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ بَعَثُوا رُسُلًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا لَهُمْ: سَلُوا الْيَهُودَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَصِفُوا لَهُمْ نَعْتَهُ وَقَوْلَهُ، ثُمَّ ائْتُونَا فَأَخْبِرُونَا. فَانْطَلَقُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَوَجَدُوا بِهَا عُلَمَاءَ الْيَهُودِ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ قَدِ اجْتَمَعُوا فِيهَا لِعِيدٍ لَهُمْ فَسَأَلُوهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَنَعَتُوا لَهُمْ نَعْتَهُ، فَقَالَ لَهُمْ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ: إِنَّ هَذَا لَنَعْتُ النَّبِيِّ الَّذِي يَتَحَدَّثُ أَنَّ اللَّهَ بَاعِثُهُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ. فَقَالَتْ لَهُ رُسُلُ قُرَيْشٍ: إِنَّهُ فَقِيرٌ عَائِلٌ يَتِيمٌ لَمْ يَتْبَعُهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ أَحَدٌ، وَلَا مِنْ ذَوِي الْأَسْنَانِ فَضَحِكَ الْحَبْرُ. وَقَالَ: كَذَلِكَ نَجِدُهُ. قَالَتْ لَهُ رُسُلُ قُرَيْشٍ: إِنَّهُ يَقُولُ قَوْلًا عَظِيمًا؛ يَدْعُو إِلَى الرَّحْمَنِ بِالْيَمَامَةِ السَّاحِرُ الْكَذَّابُ يَعْنُونَ: مُسَيْلِمَةَ. فَقَالَت لَهُم الْيَهُود: اذْهَبُوا (ل ١٨٩) فَسَلُوا صَاحِبَكُمْ عَنْ خِلَالٍ ثَلَاثٍ؛ فَإِنَّ الَّذِي بِالْيَمَامَةِ قَدْ عَجَزَ عَنْهُنَّ هُمَا اثْنَانِ مِنَ الثَّلَاثِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُهُمَا إِلَّا نَبِيٌّ، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِمَا فَقَدْ صَدَقَ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَا يَجْتَرِئُ عَلَيْهَا أَحَدٌ، فَقَالَتْ لَهُمْ رُسُلُ قُرَيْشٍ: أَخْبِرُونَا بِهِنَّ. فَقَالَتْ لَهُمُ الْيَهُودُ: سَلُوهُ عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ وَقَصُّوا عَلَيْهِمْ قِصَّتَهُمْ وَسَلُوهُ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَحَدِّثُوهُمْ بِأَمْرِهِ وَسَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ فِيهِ بِشَيْءٍ، فَهُوَ كَاذِبٌ. فَرَجَعَتْ رُسُلُ قُرَيْشٍ إِلَيْهِمْ، فَأَخْبَرُوهُمْ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ فَلَقِيَهُمْ فَقَالُوا: يَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّا سَائِلُوكَ عَنْ خِلَالٍ ثَلَاثٍ، فَإِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهِنَّ فَأَنْتَ صَادِقٌ، وَإِلَّا فَلَا تَذْكُرَنَّ آلِهَتِنَا بِشَيْءٍ. فَقَالَ لَهُم رَسُول الله ﷺ: وَمَا هُنَّ؟ قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ؛ فَإِنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا عَنْهُمْ بِآيَةٍ بَيِّنَةٍ، وَأَخْبِرْنَا عَنْ ذِي الْقَرَنَيْنِ؛ فِإِنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا عَنْهُ بَأَمْرٍ بَيِّنٍ، وَأَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: انْظِرُونِي حَتَّى أَنْظُرَ مَا يُحْدِثُ إِلَيَّ فِيهِ رَبِّي؟ قَالُوا: فَإِنَّا نَاظِرُوكَ فِيهِ ثَلَاثًا. فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ، ثُمَّ أَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَاسْتَبْشَرَ بِهِ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، قَدْ رَأَيْتَ مَا سَأَلَ عَنْهُ قَوْمِي ثُمَّ لَمْ تَأْتِنِي! قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبك نسيا﴾ فَإِذَا شَاءَ رَبُّكَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ. ثُمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾: ثُمَّ قَالَ لَهُ: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم﴾ فَذَكَرَ قِصَّتَهُمْ، وَقَالَ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي القرنين﴾ فَذَكَرَ قِصَّتَهُ، ثُمَّ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ قُرَيْشًا فِي آخِرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَقَالُوا: مَا أَحْدَثَ إِلَيْكَ رَبُّكَ فِي الَّذِي سَأَلْنَاكَ عَنْهُ؟ فَقَصَّهُ عَلَيْهِمْ فَعَجِبُوا، وَغَلَبَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُصَدِّقُوهُ. قَالَ قَتَادَةُ: وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ يَعْنِي بِهِ: الْيَهُود؛ أَي: أَنهم لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ. قَالَ يَحْيَى: وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ؛ أَنَّهُ قَالَ: الرُّوحُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الله لَهُم أيد وأرجل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب