الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِن ورَقِ الجَنَّةِ﴾، مَعْنى ”طَفِقا“: أخَذا في الفِعْلِ، والأكْثَرُ ”طَفِقَ، يَطْفَقُ“، وقَدْ رُوِيَتْ ”طَفَقَ، يَطْفَقُ“، بِكَسْرِ الفاءِ، وقِيلَ: كانَ ورَقُ الجَنَّةِ ذَلِكَ ورَقَ التِّينِ، ومَعْنى يَخْصِفانِ، يَجْعَلانِ ورَقَةً عَلى ورَقَةٍ، ومِنهُ قِيلَ لِلْخَصّافِ الَّذِي يَرْقَعُ النَّعْلَ: ”هو يَخْصِفُ“، قالَ الشّاعِرُ: ؎أوْ يَخْصِفُ النَّعْلَ لَهْفِي أيَّةً صَنَعا وَيَجُوزُ ”يَخْصِفانِ“، و”يَخَصِّفانِ“، والأصْلُ الكَسْرُ في الخاءِ، وفَتْحُها وتَشْدِيدُ الصّادِ، ويَكُونُ المَعْنى: ”يَخْتَصِفانِ“، وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ أمْرَ التَّكَشُّفِ، وإظْهارِ السَّوْءَةِ قَبِيحٌ مِن لَدُنْ (p-٣٢٨)آدَمَ، ألا تَرى أنَّهُ ذَكَرَ عِظَمَ شَأْنِها في المَعْصِيَةِ، فَقالَ: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُما الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِن سَوْآتِهِما﴾ [الأعراف: ٢٠]، وأنَّهُما بادَرا يَسْتَتِرانِ لِقُبْحِ التَّكَشُّفِ؟ وَقَوْلُهُ: ﴿وُورِيَ عَنْهُما﴾ [الأعراف: ٢٠]، يَجُوزُ فِيهِ ”أُورِيَ“، لِأنَّ الواوَ مَضْمُومَةٌ، إنْ شِئْتَ أبْدَلْتَ مِنها هَمْزَةً، إلّا أنَّ القِراءَةَ تُتَّبَعُ في ذَلِكَ، والقِراءَةُ المَشْهُورَةُ، وخَطُّ المُصْحَفِ: ”وُورِيَ“، بِالواوِ، ومَعْنى ﴿إلا أنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ﴾ [الأعراف: ٢٠]، وقَوْلِهِ: ﴿ذاقا الشَّجَرَةَ﴾، يَدُلُّ عَلى أنَّهُما ذاقاها ذَوْقًا، ولَمْ يُبالِغا في الأكْلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب