الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾، اَلْمَعْنى: ”وَلَكم تِجارَةٌ أُخْرى تُحِبُّونَها، وهي نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وفَتْحٌ قَرِيبٌ“، وإنْ شِئْتَ كانَ رَفْعًا عَلى البَدَلِ مِن ”أُخْرى“، اَلْمَعْنى: ”يُدْخِلْكم جَنّاتٍ ولَكم نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وفَتْحٌ قَرِيبٌ“. وَقَوْلُهُ: ﴿إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكم مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ﴾ [الصف: ٦]، ”مُصَدِّقًا“، مَنصُوبٌ عَلى الحالِ، أيْ: ”إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكم في حالِ (p-١٦٧)تَصْدِيقٍ لِما تَقَدَّمَنِي مِنَ التَّوْراةِ، وفي حالِ تَبْشِيرٍ بِرَسُولٍ، ﴿يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أحْمَدُ﴾ [الصف: ٦]، قُرِئَتْ بِفَتْحِ الياءِ:“مِن بَعْدِيَ”، وبِإسْكانِ الياءِ، وحَذْفِها مِنَ اللَّفْظِ، لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وأمّا في الكِتابِ فَهي ثابِتَةٌ،“مِن بَعْدِي اسْمُهُ أحْمَدُ”، والِاخْتِيارُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ والخَلِيلِ تَحْرِيكُ هَذِهِ الياءِ بِالفَتْحِ، فَأمّا مَن قَرَأ:“يَغْفِر لَّكُمْ”، بِإدْغامِ الرّاءِ في اللّامِ، فَغَيْرُ جائِزٍ في القِراءَةِ عِنْدَ الخَلِيلِ وسِيبَوَيْهِ، لِأنَّهُ لا تُدْغَمُ الرّاءُ في اللّامِ في قَوْلِهِما، وقَدْ رُوِيَتْ عَنْ إمامٍ عَظِيمِ الشَّأْنِ في القِراءَةِ، وهو أبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ، ولا أحْسَبُهُ قَرَأ بِها إلّا وقَدْ سَمِعَها عَنِ العَرَبِ، زَعَمَ سِيبَوَيْهِ والخَلِيلُ وجَمِيعُ البَصْرِيِّينَ - ما خَلا أبا عَمْرٍو - أنَّ اللّامَ تُدْغَمُ في الرّاءِ، وأنَّ الرّاءَ لا تُدْغَمُ في اللّامِ، وحُجَّةُ الَّذِينَ قالُوا: إنَّ الرّاءَ لا تُدْغَمُ في اللّامِ أنَّ الرّاءَ حَرْفٌ مُكَرَّرٌ قَوِيٌّ، فَإذا أُدْغِمَتِ الرّاءُ في اللّامِ ذَهَبَ التَّكْرِيرُ مِنها، ودَلِيلُهم عَلى أنَّ لَها فَضْلَةً عَلى غَيْرِها في التَّمَكُّنِ أنَّكَ لا تُمِيلُ ما كانَ عَلى مِثالِ“فاعِلٌ”، إذا كانَ في أوَّلِهِ حَرْفٌ مِن حُرُوفِ الإطْباقِ، أوِ المُسْتَعْلِيَةِ، وهي سَبْعَةُ أحْرُفٍ، مِنها أرْبَعَةٌ مُطْبَقَةٌ، وهِيَ: اَلصّادُ، والضّادُ، والطّاءُ، والظّاءُ، وثَلاثَةٌ مُسْتَعْلِيَةٌ، وهِيَ: اَلْخاءُ، والغَيْنُ، والقافُ، لا تَقُولُ:“هَذا صالِحٌ”، بِإمالَةِ الصّادِ إلى الكَسْرِ، فَإنْ كانَ في مَوْضِعِ اللّامِ راءٌ جازَ الكَسْرُ، تَقُولُ:“هَذا صارِمٌ”، ولا تَقُولُ:“مَرَرْتُ بِضابِطٍ”، بِإمالَةِ الضّادِ، ولَكِنْ تَقُولُ:“مَرَرْتُ بِضارِبٍ"، فَتُسْفِلُ الرّاءَ المَكْسُورَةَ كَسْرَةَ الصّادِ، والضّادِ، المُطْبَقَتَيْنِ، وهَذا البابُ انْفَرَدَ بِهِ البَصْرِيُّونَ في النَّحْوِ، ولَيْسَ لِلْكُوفِيِّينَ ولا المَدَنِيِّينَ فِيهِ شَيْءٌ، وهو بابُ الإمالَةِ. (p-١٦٨)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب