الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ إنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّي﴾، (p-٢٥٦)أيْ: عَلى أمْرٍ بَيِّنٍ، لا مُتَّبَعُ هَوًى، ﴿وَكَذَّبْتُمْ بِهِ﴾، هَذِهِ الهاءُ كِنايَةٌ عَنِ البَيانِ، أيْ: وكَذَّبْتُمْ بِالبَيانِ، لِأنَّ البَيِّنَةَ والبَيانَ في مَعْنًى واحِدٍ، ويَكُونُ ”وَكَذَّبْتُمْ بِهِ“، أيْ: بِما أتَيْتُكم بِهِ، لِأنَّهُ هو البَيانُ. وَقَوْلُهُ: ﴿ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾، والَّذِي اسْتَعْجَلُوا بِهِ الآياتُ الَّتِي اقْتَرَحُوها عَلَيْهِ، فَأعْلَمَ ﷺ أنَّ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ، فَقالَ: ”إنِ الحُكْمُ إلّا لِلَّهِ يَقْضِ الحَقَّ وهو خَيْرُ الفاصِلِينَ“، هَذِهِ كُتِبَتْ هَهُنا بِغَيْرِ ياءٍ عَلى اللَّفْظِ، لِأنَّ الياءَ أُسْقِطَتْ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، كَما كَتَبُوا: ﴿سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ﴾ [العلق: ١٨]، بِغَيْرِ واوٍ، وقُرِئَتْ: ”يَقُصُّ الحَقَّ“، وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ ”يَقْضِي بِالحَقِّ“، إلّا أنَّ القُرّاءَ لا يَقْرَؤُونَ ”يَقْضِي بِالحَقِّ“، لِمُخالَفَةِ المُصْحَفِ، و”يَقْضِي الحَقَّ“، فِيهِ وجْهانِ، جائِزٌ أنْ يَكُونَ ”اَلْحَقَّ“، صِفَةً لِلْمَصْدَرِ، المَعْنى: يَقْضِي القَضاءَ الحَقَّ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”يَقْضِي الحَقَّ“: يَصْنَعُ الحَقَّ، أيْ: كُلُّ ما صَنَعَهُ - عَزَّ وجَلَّ - فَهو حَقٌّ، وحِكْمَةٌ، إلّا أنَّ ﴿وَهُوَ خَيْرُ الفاصِلِينَ﴾، يَدُلُّ عَلى مَعْنى القَضاءِ الَّذِي هو الحُكْمُ، فَأمّا ”قَضى“، في مَعْنى ”صَنَعَ“، فَمِثْلُهُ قَوْلُ الهُذَلِيِّ: ؎وَعَلَيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضاهُما ∗∗∗ داوُدُ أوْ صَنَعَ السَّوابِغَ تُبَّعُ (p-٢٥٧)أيْ: صَنَعَهُما داوُدُ، ومَن قَرَأ: ”يَقُصُّ الحَقَّ“، فَمَعْناهُ أنَّ جَمِيعَ ما أنْبَأ بِهِ، وأمَرَ بِهِ، فَهو مِن أقاصِيصِ الحَقِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب