الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - جَلَّ وعَزَّ -: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِها﴾، اَلْقِراءَةُ: ”فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِها“، والمَعْنى: ”فَلَهُ عَشْرُ حَسَناتٍ أمْثالِها“، وكَما يَجُوزُ ”عِنْدِي خَمْسَةٌ أثْوابًا“، ويَجُوزُ ”فَلَهُ عَشْرُ مِثْلِها“، في غَيْرِ القِراءَةِ، فَيَكُونُ ”اَلْمِثْلُ“، في لَفْظِ الواحِدِ، وفي مَعْنى الجَمِيعِ، كَما قالَ: ”إنَّكم إذًا مِّثْلُهم“، ومَن قالَ: ”أمْثالِها“، فَهو كَقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لا يَكُونُوا أمْثالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨]، وإنَّما جاءَ عَلى المِثْلِ التَّوْحِيدُ، وأنْ يَكُونَ في مَعْنى الجَمِيعِ، لِأنَّهُ عَلى قَدْرِ ما يُشَبَّهُ بِهِ، تَقُولُ: ”مَرَرْتُ بِقَوْمٍ مِثْلِكم“، و”بِقَوْمٍ أمْثالِكم“ . (p-٣١٠)فَأمّا مَعْنى الآيَةِ فَإنَّهُ مِن غامِضِ المَعانِي الَّتِي عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ، لِأنَّ المُجازاةَ عَلى الحَسَنَةِ مِنَ اللَّهِ - جَلَّ ثَناؤُهُ - بِدُخُولِ الجَنَّةِ شَيْءٌ لا يُبْلَغُ وصْفُ مِقْدارِهِ، فَإذا قالَ: ”عَشْرُ أمْثالِها“، أوْ قالَ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهم في سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ [البقرة: ٢٦١]، مَعَ قَوْلِهِ: ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أضْعافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: ٢٤٥]، فَمَعْنى هَذا كُلِّهِ أنَّ جَزاءَ اللَّهِ - جَلَّ ثَناؤُهُ - عَلى الحَسَناتِ عَلى التَّضْعِيفِ لِلْمِثْلِ الواحِدِ الَّذِي هو النِّهايَةُ في التَّقْدِيرِ في النُّفُوسِ، ويُضاعِفُ اللَّهُ ذَلِكَ بِما بَيْنَ عَشْرَةِ أضْعافٍ إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إلى أضْعافٍ كَثِيرَةٍ، وأجْمَعَ المُفَسِّرُونَ عَلى قَوْلِهِ: ﴿وَمَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إلا مِثْلَها﴾، لِأنَّ ”اَلسَّيِّئَةَ“، هَهُنا: اَلشِّرْكُ بِاللَّهِ، وقالُوا: ”مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ“، هي قَوْلُ: ”لا إلَهَ إلّا اللَّهُ“، وأصْلُ الحَسَناتِ التَّوْحِيدُ، وأسْوَأُ السَّيِّئاتِ الكُفْرُ بِاللَّهِ - جَلَّ وعَزَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب