الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ تَعالَوْا أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكم عَلَيْكُمْ﴾، فَـ ”ما“، في مَوْضِعِ نَصْبٍ، إنْ شِئْتَ بِـ ”أتْلُ“، والمَعْنى: ”تَعالَوْا أتْلُ الَّذِي حَرَّمَ رَبُّكم عَلَيْكم“، وجائِزٌ أنْ تَكُونَ ”ما“، مَنصُوبَةً بِـ ”حَرَّمَ“، لِأنَّ التِّلاوَةَ بِمَنزِلَةِ القَوْلِ، كَأنَّهُ قالَ: ”أقُولُ: أيَّ شَيْءٍ حَرَّمَ رَبُّكم عَلَيْكُمْ؟ أهَذا، أمْ هَذا؟“، فَجائِزٌ أنْ يَكُونَ الَّذِي تَلاهُ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُ: ﴿إلا أنْ يَكُونَ مَيْتَةً أوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ [الأنعام: ١٤٥]، ويَكُونَ ”ألّا تُشْرِكُوا“، مَنصُوبَةً بِمَعْنى طَرْحِ اللّامِ، أيْ: أُبَيِّنُ لَكُمُ الحَرامَ لِئَلّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، لِأنَّهم (p-٣٠٤)إذا حَرَّمُوا ما أحَلَّ اللَّهُ فَقَدْ جَعَلُوا غَيْرَ اللَّهِ - في القَبُولِ مِنهُ - بِمَنزِلَةِ اللَّهِ - جَلَّ وعَزَّ -، فَصارُوا بِذَلِكَ مُشْرِكِينَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”ألّا تُشْرِكُوا“، مَحْمُولًا عَلى المَعْنى، فَيَكُونَ ”أتْلُ عَلَيْكم ألّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا“، فالمَعْنى: ”أتْلُ عَلَيْكم تَحْرِيمَ الشِّرْكِ بِهِ“، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ عَلى مَعْنى ”أُوصِيكم ألّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا“، لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَبِالوالِدَيْنِ إحْسانًا﴾، مَحْمُولٌ عَلى مَعْنى ”أُوصِيكم بِالوالِدَيْنِ إحْسانًا“ . وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكم مِن إمْلاقٍ﴾، أيْ: لا تَقْتُلُوا أوْلادَكم مِن فَقْرٍ، أيْ: مِن خَوْفِ فَقْرٍ، ﴿وَلا تَقْرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ﴾، بَدَلٌ مِن ”اَلْفَواحِشَ“، في مَوْضِعِ نَصْبٍ، المَعْنى: ”لا تَقْرَبُوا ما ظَهَرَ مِنَ الفَواحِشِ وما بَطَنَ“، جاءَ في التَّفْسِيرِ أنَّ ما بَطْنَ مِنها: اَلزِّنا، وما ظَهَرَ: اِتِّخاذُ الأخْدانِ، والأصْدِقاءِ، عَلى جِهَةِ الرِّيبَةِ، وظاهِرُ الكَلامِ أنَّ الَّذِي جَرى مِنَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ -، وقَتْلِ الأوْلادِ، وجَمِيعِ ما حَرَّمُوهُ مِمّا أحَلَّ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -، فَواحِشُ، فَقالَ: ”وَلا تَقْرَبُوا هَذِهِ الفَواحِشَ مُظْهِرِينَ، ولا مُبْطِنِينَ“، واللَّهُ أعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكم وصّاكم بِهِ﴾، يَدُلُّ عَلى مَعْنى ﴿ألا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وبِالوالِدَيْنِ إحْسانًا﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب