الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أشْرَكْنا ولا آباؤُنا﴾، زَعَمَ سِيبَوَيْهِ أنَّ العَطْفَ بِالظّاهِرِ عَلى المُضْمَرِ المَرْفُوعِ قَبِيحٌ، يُسْتَقْبَحُ ”قُمْتَ وزَيْدٌ“، و”قامَ وزَيْدٌ“، فَإنْ جاءَتْ ”لا“، حَسُنَ الكَلامُ، فَقُلْتَ: ”لا قُمْتَ ولا زَيْدٌ“، كَما أنَهُ إذا أكَّدَ، فَقالَ: ”قُمْتَ أنْتَ وزَيْدٌ“، حَسُنَ، وهو جائِزٌ في الشِّعْرِ، فَأمّا مَعْنى الآيَةِ، فَإنَّ اللَّهَ - جَلَّ ثَناؤُهُ - أخْبَرَ عَنْهم بِما سَيَقُولُونَهُ، وقَوْلُهم: ﴿لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أشْرَكْنا﴾، جَعَلُوا هَذا القَوْلَ حُجَّةً في إقامَتِهِمْ عَلى شِرْكِهِمْ، فَأعْلَمَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنَّ ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتّى ذاقُوا بَأْسَنا﴾، والحُجَّةُ عَلَيْهِمْ في هَذا أنَّهم إذا اعْتَقَدُوا أنَّ كُلَّ مَن كانَ عَلى شَيْءٍ، والأشْياءُ تَجْرِي بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعالى، فَهو عَلى صَوابٍ، فَلا مَعْنى إذَنْ - عَلى قَوْلِهِمْ - لِلرِّسالَةِ، والأنْبِياءِ، فَيُقالُ لَهم: فالَّذِينَ عَلى دِينٍ يُخالِفُكُمْ، ألَيْسَ هو عَلى ما شاءَ اللَّهُ؟ فَيَنْبَغِي ألّا تَقُولُوا: إنَّهم ضالُّونَ، وهو - عَزَّ وجَلَّ - يَفْعَلُ ما يَشاءُ، (p-٣٠٣)وَهُوَ قادِرٌ عَلى أنْ يَهْدِيَ الخَلْقَ أجْمَعِينَ، ولَيْسَ لِلْعِبادِ عَلى اللَّهِ أنْ يَفْعَلَ بِهِمْ كُلَّ ما يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَقالَ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكم أجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: ١٤٩]، فَحُجَّتُهُ البالِغَةُ تَبْيِينُهُ أنَّهُ الواحِدُ، وإرْسالُهُ الأنْبِياءَ بِالحُجَجِ الَّتِي يَعْجِزُ عَنْها المَخْلُوقُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب