الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿وَعَلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾، يُعْنى بِهِ الإبِلُ، والنَّعامُ، لِأنَّ النَّعامَ ذَواتُ ظُفُرٍ، كالإبِلِ، ﴿وَمِنَ البَقَرِ والغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إلا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما﴾، فَقالَ بَعْضُ النّاسِ: ”حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الثُّرُوبُ، وأُحِلُّ لَهم ما سِواها مِمّا حَمَلَتِ الظُّهُورُ، ﴿أوِ الحَوايا﴾، وهي المَباعِرُ، واحِدُها“ حاوِيَةٌ ”، و“ حاوِياءُ ”، وحَوِيَّةٌ“، ﴿أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾، نَحْوَ شَحْمِ الألِيَّةِ، وهَذا أكْثَرُ القَوْلَيْنِ، وقالَ قَوْمٌ: حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الثُّرُوبُ، وأُحِلَّ لَهم ما حَمَلَتِ الظُّهُورُ، وصارَتِ الحَوايا أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ، إلّا ما حَمَلَتِ الظُّهُورُ، فَإنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، و”أوْ“، دَخَلَتْ عَلى طَرِيقِ الإباحَةِ، كَما قالَ - جَلَّ وعَزَّ -: (p-٣٠٢)﴿وَلا تُطِعْ مِنهم آثِمًا أوْ كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٢٤]، فالمَعْنى: ”كُلُّ هَؤُلاءِ أهْلٌ أنْ يُعْصى، فاعْصِ هَذا، واعْصِ هَذا“، و”أوْ“، بَلِيغَةٌ في هَذا المَعْنى، لِأنَّكَ إذا قُلْتَ: ”لا تُطِعْ زَيْدًا وعَمْرًا“، فَجائِزٌ أنْ تَكُونَ نَهَيْتَنِي عَنْ طاعَتِهِما مَعًا، في حالِ إنْ أطَعْتُ زَيْدًا عَلى حِدَتِهِ لَمْ أكُنْ عَصَيْتُكَ، وإذا قُلْتَ: ”لا تُطِعْ زَيْدًا أوْ عَمْرًا أوْ خالِدًا“، فالمَعْنى أنْ هَؤُلاءِ كُلَّهم أهْلٌ ألّا يُطاعَ، فَلا تُطِعْ واحِدًا مِنهُمْ، ولا تُطِعِ الجَماعَةَ، ومِثْلُهُ ”جالِسِ الحَسَنَ أوِ ابْنَ سِيرِينَ أوِ الشَّعْبِيَّ“، فَلَيْسَ المَعْنى أنِّي آمُرُكَ بِمُجالَسَةِ واحِدٍ مِنهُمْ، ولَكِنَّ مَعْنى ”أوْ“، اَلْإباحَةُ، المَعْنى: كُلُّهم أهْلٌ أنْ يُجالَسَ، فَإنْ جالَسْتَ واحِدًا مِنهم فَأنْتَ مُصِيبٌ، وإنْ جالَسْتَ الجَماعَةَ فَأنْتَ مُصِيبٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب