الباحث القرآني

﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ﴾، يُرْوى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ سَألَ النَّبِيَّ ﷺ: وهَلْ يَنْشَرِحُ الصَّدْرُ؟ فَقالَ: ”نَعَمْ، يَدْخُلُ القَلْبَ النُّورُ“، فَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هَلْ لِذَلِكَ مِن عِلْمٍ؟ قالَ: ”نَعَمُ، التَّجافِي عَنْ دارِ الغُرُورِ، والإنابَةُ إلى دارِ الخُلُودِ، والِاسْتِعْدادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ المَوْتِ“ . (p-٢٩٠)﴿وَمَن يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾، يُرْوى عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: ”اَلْحَرَجُ“: مَوْضِعُ الشَّجَرِ المُلْتَفِّ، فَكَأنَّ قَلْبَ الكافِرِ لا تَصِلُ إلَيْهِ الحِكْمَةُ، كَما لا تَصِلُ الرّاعِيَةُ إلى المَوْضِعِ الَّذِي يَلْتَفُّ فِيهِ الشَّجَرُ، وأهْلُ اللُّغَةِ أيْضًا يَقُولُونَهُ: اَلشَّجَرُ المُلْتَفُّ يُقالُ لَهُ: ”اَلْحَرَجُ“، و”اَلْحَرَجُ“، في اللُّغَةِ: أضْيَقُ الضِّيقِ، والَّذِي قالَ ابْنُ عَبّاسٍ صَحِيحٌ حَسَنٌ، فالمَعْنى عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ أنَّهُ ضَيِّقٌ جِدًّا، ويَجُوزُ ”حَرِجًا“، بِكَسْرِ الرّاءِ، فَمَن قالَ: ”حَرِجًا“، فَهو بِمَنزِلَةِ قَوْلِهِمْ: ”رَجُلٌ دَنِفٌ“، لِأنَّ قَوْلَكَ: ”دَنَفٌ“، هَهُنا، و”حَرَجٌ“، لَيْسَ مِن أسْماءِ الفاعِلِينَ، إنَّما هو بِمَنزِلَةِ قَوْلِهِمْ: ”رَجُلٌ عَدْلٌ“، أيْ: ”ذُو عَدْلٍ“ . وَقَوْلُهُ: ﴿كَأنَّما يَصَّعَّدُ في السَّماءِ﴾، و”يَصّاعَدُ“، أيْضًا، وأصْلُهُ: ”يَتَصاعَدُ“، و”يَتَصَعَّدُ“، إلّا أنَّ التّاءَ تُدْغَمُ في الصّادِ لِقُرْبِها مِنها، ومَعْنى ”كَأنَّما يَصَّعَّدُ في السَّماءِ“ - واللَّهُ أعْلَمُ -: كَأنَّهُ قَدْ كُلِّفَ أنْ يَصْعَدَ إلى السَّماءِ إذا دُعِيَ إلى الإسْلامِ مِن ضِيقِ صَدْرِهِ عَنْهُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ - واللَّهُ أعْلَمُ - كَأنَّ قَلْبَهُ يَصْعَدُ في السَّماءِ نُبُوًّا عَلى الإسْلامِ، واسْتِماعِ الحِكْمَةِ، ﴿كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾، أيْ: مِثْلَ قَصَصِنا عَلَيْكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ، و”اَلرِّجْسُ“: اَللَّعْنَةُ في الدُّنْيا، والعَذابُ في الآخِرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب