الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ ﴿كَأمْثالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ﴾، (p-١١١)بِالخَفْضِ، وقُرِئَتْ بِالرَّفْعِ، والَّذِينَ قَرَؤُوها بِالرَّفْعِ كَرِهُوا الخَفْضَ، لِأنَّهُ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [الواقعة: ١٧] ﴿بِأكْوابٍ﴾ [الواقعة: ١٨]، فَقالُوا: اَلْحُورُ لَيْسَ مِمّا يُطافُ بِهِ، ولَكِنْ مَخْفُوضٌ عَلى غَيْرِ ما ذَهَبَ إلَيْهِ هَؤُلاءِ، لِأنَّ مَعْنى ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [الواقعة: ١٧] يُنَعَّمُونَ بِهَذا، وكَذَلِكَ يُنَعَّمُونَ بِلَحْمِ طَيْرٍ، وكَذَلِكَ يُنَعَّمُونَ بِحُورٍ عِينٍ، ومَن قَرَأ بِالرَّفْعِ فَهو أحْسَنُ الوَجْهَيْنِ، لِأنَّ مَعْنى ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [الواقعة: ١٧]، بِهَذِهِ الأشْياءِ، بِمَعْنى: ما قَدْ ثَبَتَ لَهُمْ، فَكَأنَّهُ قالَ: ”وَلَهم حُورٌ عِينٌ“، ومِثْلُهُ مِمّا حُمِلَ عَلى المَعْنى قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎بادَتْ وغُيِّرَ آيُهُنَّ مَعَ البِلى ∗∗∗ إلّا رَواكِدَ جَمْرُهُنَّ هَباءُ ؎وَمُشَجَّجٌ أمّا سَواءُ قَذالُهُ ∗∗∗ فَبَدا وغَيَّرَ سارَهُ المِعْزاءُ لِأنَّهُ قالَ: ”إلّا رَواكِدَ“، كانَ المَعْنى: ”بِها رَواكِدُ“، فَحَمَلَ ”وَمُشَجَّجٌ“، عَلى المَعْنى، وقَدْ قُرِئَتْ: ”وَحُورًا عِينًا“، بِالنَّصْبِ، عَلى الحَمْلِ عَلى المَعْنى أيْضًا، لِأنَّ المَعْنى: ”يُعْطَوْنَ هَذِهِ الأشْياءَ، يُعْطَوْنَ حُورًا عِينًا“، إلّا أنَّ هَذِهِ القِراءَةَ تُخالِفُ المُصْحَفَ الَّذِي هو الإمامُ، وأهْلُ العِلْمِ يَكْرَهُونَ أنْ يُقْرَأ بِما يَخالِفُ الإمامَ، ومَعْنى ”اَلْحُورُ“: اَلشَّدِيداتُ البَياضِ، و”اَلْعِينُ“: اَلْكَبِيراتُ العُيُونِ، حِسانُها، ومَعْنى ﴿كَأمْثالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ﴾، أيْ: كَأمْثالِ الدُّرِّ حِينَ يَخْرُجُ مِن صَدَفِهِ وكِنِّهِ، لَمْ يُغَيِّرْهُ الزَّمانُ واخْتِلافُ أحْوالِ الِاسْتِعْمالِ، وإنَّما يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿كَأمْثالِ اللُّؤْلُؤِ﴾، أيْ: في صَفائِهِنَّ، وتَلَأْلُئِهِنَّ، كَصَفاءِ الدُّرِّ وتَلَأْلُئِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب