الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ﴾، وقُرِئَتْ: ”عَلى رَفارِفَ خُضْرٍ وعَباقِرِيَّ حِسانٍ“، اَلْقِراءَةُ هي الأُولى، وهَذِهِ القِراءَةُ لا مُخْرَجَ لَها في العَرَبِيَّةِ، لِأنَّ الجَمْعَ الَّذِي بَعْدَ ألِفِهِ حَرْفانِ نَحْوَ ”مَساجِدُ“، و”مَفاتِيحُ“، لا يَكُونُ فِيهِ مِثْلُ ”عَباقِرِيَّ“، لِأنَّ ما جاوَزَ الثَّلاثَةَ لا يُجْمَعُ بِياءِ النَّسَبِ، لَوْ جَمَعْتَ ”عَبْقَرِيٌّ“، كانَ جَمْعُهُ (p-١٠٥)”عَباقِرَةٌ“، كَما أنَّكَ لَوْ جَمَعْتَ ”مُهَلَّبِيٌّ“، كانَ جَمْعُهُ ”مَهالِبَةٌ“، ولَمْ يَقُلْ ”مَهالِبِيُّ“. فَإنْ قالَ قائِلٌ: فَمِن أيْنَ جازَ ”عَبْقَرِيٍّ حِسانٍ“، و”عَبْقَرِيٍّ“، واحِدٌ، و”حِسانٌ“، جَمْعٌ؟ فالأصْلُ أنَّ واحِدَهُ ”عَبْقَرِيَّةٌ“، والجَمْعُ ”عَبْقَرِيٌّ“، كَما تَقُولُ: ”ثَمَرَةٌ“، و”ثَمَرٌ“، و”لَوْزَةٌ“، و”لَوْزٌ“، ويَكُونُ أيْضًا ”عَبْقَرِيٌّ“، اِسْمًا لِلْجِنْسِ، فالقِراءَةُ هي الأُولى، وأمّا تَفْسِيرُ ﴿رَفْرَفٍ خُضْرٍ وعَبْقَرِيٍّ﴾، فَقالُوا: اَلرَّفْرَفُ، هَهُنا: رِياضُ الجَنَّةِ، وقالُوا: اَلرَّفْرَفُ: اَلْوَسائِدُ، وقالُوا: اَلْمَحابِسُ، وقالُوا أيْضًا: فُضُولُ المَحابِسِ لِلْفَرْشِ، فَأمّا العَبْقَرِيُّ، فَقالُوا: اَلْبُسُطُ، وقالُوا: اَلطَّنافِسُ المَبْسُوطَةُ، والَّذِي يَدُلُّ عَلى هَذا مِنَ القُرْآنِ قَوْلُهُ: ﴿وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ﴾ [الغاشية: ١٥] ﴿وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ [الغاشية: ١٦]، فالنَّمارِقُ: اَلْوَسائِدُ، والزَّرابِيُّ: اَلْبُسُطُ، فَمَعْنى ”رَفْرَفٍ“، هَهُنا، و”عَبْقَرِيٍّ“: أنَّهُ الوَسائِدُ والبُسُطُ، ويَدُلُّ - واللَّهُ أعْلَمُ - عَلى أنَّ الوَسائِدَ ذَواتُ رَفْرَفٍ، وأصْلُ ”اَلْعَبْقَرِيُّ“، في اللُّغَةِ: صِفَةٌ لِكُلِّ ما بُولِغَ في وصْفِهِ، وأصْلُهُ أنَّ ”عَبْقَرُ“، اِسْمُ بَلَدٍ كانَ يُوَشّى فِيهِ البُسُطُ وغَيْرُها، فَنُسِبَ كُلُّ شَيْءٍ جَيِّدٍ، وكُلُّ ما بُولِغَ في وصْفِهِ، إلى ”عَبْقَرُ“، قالَ زُهَيْرٌ: ؎بِخَيْلٍ عَلَيْها جِنَّةٌ عَبْقَرِيَّةٌ ∗∗∗ جَدِيرُونَ يَوْمًا أنْ يَنالُوا فَيَسْتَعْلُوا
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب