الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنْفُسَكُمْ﴾، مَعْناهُ: إنَّما ألْزَمَكُمُ اللَّهُ أمْرَ أنْفُسِكم. (p-٢١٤)﴿لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾، أيْ: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِ غَيْرِكُمْ، ولَيْسَ يُوجِبُ لَفْظُ هَذِهِ الآيَةِ تَرْكَ الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وأعْلَمَ أنَّهُ لا يَضُرُّ المُؤْمِنَ كُفْرُ الكافِرِ، فَإذا تَرَكَ المُؤْمِنُ الأمْرَ بِالمَعْرُوفِ وهو مُسْتَطِيعٌ ذَلِكَ فَهو ضالٌّ، ولَيْسَ بِمُهْتَدٍ، وإعْرابُ ”لا يَضُرُّكم مَن ضَلَّ“: اَلْأجْوَدُ أنْ يَكُونَ رَفْعًا، ويَكُونَ عَلى جِهَةِ الخَبَرِ، المَعْنى: لَيْسَ يَضُرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ جَزْمًا، ويَكُونَ الأصْلُ: ”لا يَضْرُرْكم“، إلّا أنَّ الرّاءَ الأُولى أُدْغِمَتْ في الثّانِيَةِ، فَضُمَّتِ الثّانِيَةُ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، ويَجُوزُ في العَرَبِيَّةِ عَلى جِهَةِ النَّهْيِ: ”لا يَضُرَّكم“، بِفَتْحِ الرّاءِ، و”لا يَضُرِّكم“، بِكَسْرِها، ولَكِنَّ القِراءَةَ لا تُخالَفُ، ولِأنَّ الضَّمَّ أجْوَدُ، كانَ المَوْضِعُ رَفْعًا، أوْ جَزْمًا، فَأمّا مَن ضَمَّ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ فَأتْبَعَ الضَّمَّ الضَّمَّ، وأمّا مَن كَسَرَ فَلِأنَّ أصْلَ التِقاءِ السّاكِنَيْنِ الكَسْرُ، وأمّا مَن فَتَحَ فَلِخِفَّةِ الفَتْحِ فَتَحَ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وهَذا النَّهْيُ لِلَفْظٍ غائِبٍ يُرادُ بِهِ المُخاطَبُونَ، إذا قُلْتَ: ”لا يَضْرُرْكَ كُفْرُ الكافِرِ“، فالمَعْنى: ”لا تَعُدَّنَ أنْتَ كُفْرَهُ ضَرَرًا“، كَما أنَّكَ إذا قُلْتَ: ”لا أرَيَنَّكَ هَهُنا“، فالنَّهْيُ في اللَّفْظِ لِنَفْسِكَ، ومَعْناهُ لِمُخاطَبِكَ، مَعْناهُ: ”لا تَكُونَنَّ هَهُنا“ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب