الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكم فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكم لِبَعْضٍ﴾، (p-٣٢)أمَرَهُمُ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - بِتَبْجِيلِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ -، وأنْ يَغُضُّوا أصْواتَهُمْ، وأنْ يُخاطِبُوهُ بِالسَّكِينَةِ، والوَقارِ، وأنْ يُفَضِّلُوهُ في المُخاطَبَةِ، وذَلِكَ مِمّا كانُوا يَفْعَلُونَهُ في تَعْظِيمِ ساداتِهِمْ، وكُبَرائِهِمْ، ومَعْنى ﴿كَجَهْرِ بَعْضِكم لِبَعْضٍ﴾، أيْ: لا تُنْزِلُوهُ مَنزِلَةَ بَعْضِكم مِن بَعْضٍ، فَتَقُولُوا: ”يا مُحَمَّدُ“، خاطِبُوهُ بِالنُّبُوَّةِ، والسَّكِينَةِ، والإعْظامِ. وَقَوْلُهُ: ﴿أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ﴾، مَعْناهُ: ”لا تَفْعَلُوا ذَلِكَ فَتَحْبَطَ أعْمالُكُمْ“، والمَعْنى: ”لِئَلّا تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ“، فالمَعْنى مَعْنى اللّامِ في ”أنْ“، وهَذِهِ اللّامُ لامُ الصَّيْرُورَةِ، وهي كاللّامِ في قَوْلِهِ: ﴿فالتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهم عَدُوًّا وحَزَنًا﴾ [القصص: ٨]، والمَعْنى: ”فالتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَصِيرَ أمْرُهم إلى ذَلِكَ“، لا أنَّهم قَصَدُوا أنْ يَصِيرَ إلى ذَلِكَ، ولَكِنَّهُ في المُقَدَّرِ فِيما سَبَقَ مِن عِلْمِ اللَّهِ أنَّ سَبَبَ الصَّيْرِ التِقاطُهم إيّاهُ، وكَذَلِكَ: ”لا تَرْفَعُوا أصْواتَكم فَيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِأنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ“، ﴿وَأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾، هَذا إعْلامٌ أنَّ أمْرَ النَّبِيِّ ﷺ يَنْبَغِي أنْ يُجَلَّ ويُعَظَّمَ غايَةَ الإجْلالِ، وأنَّهُ قَدْ يُفْعَلُ الشَّيْءُ مِمّا لا يُشْعَرُ بِهِ مِن أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُهْلِكًا لِفاعِلِهِ، أوْ لِقائِلِهِ، ولِذَلِكَ قالَ بَعْضُ الفُقَهاءِ: مَن قالَ: ”إنَّ زِرَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وسِخٌ“، يُرِيدُ بِهِ النَّقْصَ مِنهُ، وجَبَ قَتْلُهُ، هَذا مَذْهَبُ مالِكٍ، وأصْحابِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب