الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ والَّذِينَ مَعَهُ أشِدّاءُ عَلى الكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ﴾، وصَفَهُمُ اللَّهُ بِأنَّ بَعْضَهم مَتَحَنِّنٌ عَلى بَعْضٍ، وأنَّ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ والوَقارَ، وبَعْضَهم يُخْلِصُ المَوَدَّةَ لِبَعْضٍ، وهم أشِدّاءُ عَلى الكُفّارِ، ”أشِدّاءُ“: جَمْعُ ”شَدِيدٌ“، والأصْلُ ”أشْدِداءُ“، نَحْوَ: ”نَصِيبٌ“، و”أنْصِباءُ“، ولَكِنَّ الدّالَيْنِ تَحَرَّكَتا، فَأُدْغِمَتِ الأُولى في الثّانِيَةِ، ومِثْلُ هَذا قَوْلُهُ: ﴿مَن يَرْتَدَّ مِنكم عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهم ويُحِبُّونَهُ أذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلى الكافِرِينَ﴾ [المائدة: ٥٤] (p-٢٩)وَقَوْلُهُ: ﴿سِيماهم في وُجُوهِهِمْ مِن أثَرِ السُّجُودِ﴾، أيْ: في وُجُوهِهِمْ عَلامَةُ السُّجُودِ، وهي عَلامَةُ الخاشِعِينَ لِلَّهِ، المُصَلِّينَ، وقِيلَ: يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن أثَرِ الطُّهُورِ، وهَذا يَجْعَلُهُ اللَّهُ لَهم يَوْمَ القِيامَةِ عَلامَةً، وهي السِّيماءُ، يُبَيِّنُ بِها فَضْلَهم عَلى غَيْرِهِمْ. وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ مَثَلُهم في التَّوْراةِ ومَثَلُهم في الإنْجِيلِ﴾، أيْ: ذَلِكَ صِفَةُ مُحَمَّدٍ ﷺ وأصْحابِهِ في التَّوْراةِ، ثُمَّ أعْلَمَ أنَّ صِفَتَهم في الإنْجِيلِ أيْضًا: ﴿كَزَرْعٍ أخْرَجَ شَطْأهُ فَآزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ فاسْتَوى عَلى سُوقِهِ﴾، مَعْنى ”أخْرَجَ شَطْأهُ“: أخْرَجَ نَباتَهُ، ﴿فَآزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ﴾، أيْ: فَآزَرَ الصِّغارَ الكِبارُ حَتّى اسْتَوى بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ، ﴿عَلى سُوقِهِ﴾، جَمْعُ ”ساقٌ“. وَقَوْلُهُ: ﴿يُعْجِبُ الزُّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفّارَ﴾، ”اَلزُّرّاعُ“: مُحَمَّدٌ - عَلَيْهِ السَّلامُ -، والدُّعاةُ إلى الإسْلامِ، وهم أصْحابُهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنهم مَغْفِرَةً وأجْرًا عَظِيمًا﴾، ”مِنهُمْ“، فِيهِ قَوْلانِ: أنْ تَكُونَ ”مِنهُمْ“، هَهُنا، تَخْلِيصًا لِلْجِنْسِ مِن غَيْرِهِ، كَما تَقُولُ: ”أنْفِقْ نَفَقَتَكَ مِنَ الدَّراهِمِ، لا مِنَ الدَّنانِيرِ“، اَلْمَعْنى: ”اِجْعَلْ نَفَقَتَكَ مِن هَذا الجِنْسِ“، وكَما قالَ: ﴿فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثانِ﴾ [الحج: ٣٠]، لا يُرِيدُ أنَّ بَعْضَها رِجْسٌ، وبَعْضَها غَيْرُ رِجْسٍ، ولَكِنَّ المَعْنى: ”اِجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الَّذِي هو الأوْثانُ“، (p-٣٠)فالمَعْنى: ”وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ المُؤْمِنِينَ أجْرًا عَظِيمًا، وفَضَّلَهُمُ اللَّهُ عَلى غَيْرِهِمْ، لِسابِقَتِهِمْ وعِظَمِ أجْرِهِمْ، والوَجْهُ الثّانِي أنْ يَكُونَ المَعْنى:“وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ أقامُوا مِنهم عَلى الإيمانِ، والعَمَلِ الصّالِحِ، مَغْفِرَةً وأجْرًا عَظِيمًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب