الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهم أوْ يُسْلِمُونَ﴾، وقَدْ قُرِئَتْ: ”أوْ يُسْلِمُوا“، فالمَعْنى: ”تُقاتِلُونَهم حَتّى يُسْلِمُوا“، و"إلّا أنْ يُسْلِمُوا. فَإنْ قالَ قائِلٌ: قَدْ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَهُمْ: ﴿لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَدًا ولَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾ [التوبة: ٨٣]، فَكَيْفَ جازَ أنْ يَقُولَ: ﴿سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهم أوْ يُسْلِمُونَ﴾، فَإنَّما قالَ ﷺ ذَلِكَ لِأنَّ اللَّهَ أعْلَمُهُ أنَّهم مُنافِقُونَ، وأعْلَمُهُ مَعَ ذَلِكَ أنَّهم لا يُقاتِلُونَ مَعَهُ، وجاءَ في التَّفْسِيرِ أنَّهُ عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ﴾، بَنُو حَنِيفَةَ، وأبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قاتَلَهم في أيّامِ مُسَيْلِمَةَ، وجاءَ أيْضًا: هَوازِنُ، والمَعْنى أنَّ كُلَّ مَن ظاهِرُهُ الإسْلامُ فَعَلى أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ أنْ يَدْعُوهم إلى الجِهادِ، والصَّحابَةُ لَمْ يَطَّلِعُوا في وقْتِ الجِهادِ عَلى مَن يُقاتِلُ ومَن لا يُقاتِلُ، ولا عَلى مَن يُنافِقُ ومَن لا يُنافِقُ، لِأنَّ الإظْهارَ عَلى ذَلِكَ مِن آياتِ الأنْبِياءِ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ -، وقَدْ قِيلَ: ﴿إلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾، أيْ: إلى فارِسَ، والرُّومِ، وذَلِكَ في أيّامِ أبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِما - ومَن بَعْدَهُما. (p-٢٥)﴿فَإنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أجْرًا حَسَنًا﴾، أيْ: إنْ تُبْتُمْ وتَرَكْتُمُ النِّفاقَ وجاهَدْتُمْ، يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أجْرًا حَسَنًا، ﴿وَإنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِن قَبْلُ يُعَذِّبْكم عَذابًا ألِيمًا﴾، أيْ: إنْ أقَمْتُمْ عَلى نِفاقِكُمْ، وأعْرَضْتُمْ عَنِ الإيمانِ والجِهادِ، كَما تَوَلَّيْتُمْ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُعَذِّبْكم عَذابًا ألِيمًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب