وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَمِن قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إمامًا ورَحْمَةً﴾، ”إمامًا“، مَنصُوبٌ عَلى الحالِ، وقَوْلُهُ: ”وَرَحْمَةً“، عَطْفٌ عَلَيْهِ، ﴿وَهَذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِسانًا عَرَبِيًّا﴾، (p-٤٤١)اَلْمَعْنى - واللَّهُ أعْلَمُ -: ”وَهو مُصَدِّقٌ لِما بَيْنَ يَدَيْهِ لِسانًا عَرَبِيًّا“، لِما جاءَ بَعْدَ هَذا المَوْضِعِ، ﴿قالُوا يا قَوْمَنا إنّا سَمِعْنا كِتابًا أُنْـزِلَ مِن بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إلى الحَقِّ﴾ [الأحقاف: ٣٠]، وحُذِفَ ”لَهُ“، هَهُنا، أعْنِي مِن قَوْلِهِ: ”وَهَذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ“، لِأنَّ قَبْلَهُ: ”وَمِن قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى“، فالمَعْنى: ”وَهَذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لَهُ“، أيْ: ”مُصَدِّقٌ التَّوْراةَ“، و”لِسانًا عَرَبِيًّا“، مَنصُوبانِ عَلى الحالِ، المَعْنى: ”مُصَدِّقٌ لِما بَيْنَ يَدَيْهِ عَرَبِيًّا“، وذَكَرَ ”لِسانًا“، تَوْكِيدًا، كَما تَقُولُ: ”جاءَنِي زَيْدٌ رَجُلًا صالِحًا“، تُرِيدُ: ”جاءَنِي زَيْدٌ صالِحًا“، وتَذْكُرُ ”رَجُلًا“، تَوْكِيدًا، وفِيهِ وجْهٌ آخَرُ، عَلى مَعْنى: ”وَهَذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِسانًا عَرَبِيًّا“، اَلْمَعْنى: ”مُصَدِّقٌ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلامُ“، فَيَكُونُ المَعْنى: ”مُصَدِّقٌ ذا لِسانٍ عَرَبِيٍّ“ .
وَقَوْلُهُ: ﴿لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾، ويُقْرَأُ: ”لِتُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا“، ﴿وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ﴾، اَلْأجْوَدُ أنْ يَكُونَ ”بُشْرى“، في مَوْضِعِ رَفْعٍ، المَعْنى: ”وَهو بُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ“، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”بُشْرى“، في مَوْضِعِ نَصْبٍ، عَلى مَعْنى: ”لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ويُبَشِّرَ المُحْسِنِينَ بُشْرى“ .
{"ayah":"وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَـٰبُ مُوسَىٰۤ إِمَامࣰا وَرَحۡمَةࣰۚ وَهَـٰذَا كِتَـٰبࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّسَانًا عَرَبِیࣰّا لِّیُنذِرَ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِینَ"}