الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿وَما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكم ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾، إلى قَوْلِهِ: ﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِنا﴾ [الشورى: ٣٥]، وهي في مُصْحَفِ أهْلِ المَدِينَةِ: ”بِما كَسَبَتْ أيْدِيكم“، بِغَيْرِ فاءٍ، وكَذَلِكَ يَقْرَؤُونَها، خَلا أبا جَعْفَرٍ، فَإنَّهُ يُثْبِتُ الفاءَ، وهي في مَصاحِفِ أهْلِ العِراقِ بِالفاءِ، وكَذَلِكَ قِراءَتُهُمْ، وهو في العَرَبِيَّةِ أجْوَدُ، لِأنَّ الفاءَ مُجازاةُ جَوابِ الشَّرْطِ، المَعْنى: ”ما تُصِبْكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكم“، وقُرِئَتْ ”:“ ويَعْلَمُ الَّذِينَ يُجادِلُونَ ”، والنَّصْبُ عَلى إضْمارِ“ أنْ ”، لِأنَّ قَبْلَها جَزاءً، تَقُولُ:“ ما تَصْنَعْ أصْنَعْ مِثْلَهُ وأُكْرِمَكَ ”، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ:“ وأُكْرِمُكَ ”، عَلى:“ وأنا أُكْرِمُكَ ”، وإنْ شِئْتَ:“ وأُكْرِمْكَ ”، جَزْمًا. (p-٤٠٠)وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «“ إنَّ اللَّهَ أكْرَمُ مِن أنْ يُثَنِّيَ عَلى عَبْدِهِ العُقُوبَةَ ”»، أيْ: إذا أصابَتْهُ في الدُّنْيا مُصِيبَةٌ بِما كَسَبَتْ يَداهُ، لَمْ يُثَنِّ عَلَيْهِ العُقُوبَةَ في الآخِرَةِ، وأمّا مَن قَرَأ:“ وما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ بِما كَسَبَتْ أيْدِيكم ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ”، أيْ: لا يُجازِي عَلى كَثِيرٍ مِمّا كَسَبَتْ أيْدِيكم في الدُّنْيا، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ، فَلا يُجازِي عَلَيْهِ في الدُّنْيا، ولا في الآخِرَةِ، ومَعْنى: ﴿ما لَهم مِن مَحِيصٍ﴾ [الشورى: ٣٥]“ ما لَهم مِن مَعْدِلٍ، ولا مِن مَنجًى ”، يُقالُ:“ حاصَ عَنْهُ ”، إذا تَنَحّى، ويُقالُ:“ حاضَ عَنْهُ ”، في مَعْنى“ حاصَ ”، ولا يَجُوزُ أنْ يُقْرَأ:“ ما لَهم مِن مَحِيضٍ ”، وإنْ كانَ المَعْنى واحِدًا، فَأمّا مَوْضِعُ“ اَلَّذِينَ ”، في قَوْلِهِ: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ [الشورى: ٢٦]، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ نَصْبًا، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ رَفْعًا، فَمَن نَصَبَ، فَعَلى مَعْنى:“ ويُجِيبُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ ”، ومَن رَفَعَ، فَعَلى مَعْنى:“ يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لِلَّهِ - عَزَّ وجَلَّ "، أيْ: لِما يَدْعُوهُمُ اللَّهُ إلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب