الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - جَلَّ ثَناؤُهُ -: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ﴾، ”مِثْقالٌ“: ”مِفْعالٌ“، مِن ”اَلثِّقْلُ“، أيْ: ما كانَ وزْنُهُ الذَّرَّةُ، وقِيلَ: لِكُلِّ ما يُعْمَلُ ”وَزْنُ مِثْقالٍ“، تَمْثِيلًا، لِأنَّ الصَّلاةَ والصِّيامَ والأعْمالَ لا وزْنَ لَها، لَكِنَّ النّاسَ خُوطِبُوا فِيما في قُلُوبِهِمْ بِتَمْثِيلِ ما يُدْرَكُ بِأبْصارِهِمْ، لِأنَّ ذَلِكَ - أعْنِي ما يُبْصَرُ - أبْيَنُ لَهُمْ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَإنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها﴾، اَلْأصْلُ في ”تَكُنْ“: ”تَكُونْ“، فَسَقَطَتِ الضَّمَّةُ لِلْجَزْمِ، وسَقَطَتِ الواوُ لِسُكُونِها، وسُكُونِ النُّونِ، فَأمّا سُقُوطُ النُّونِ مِن ”تَكُنْ“، فَأكْثَرُ الِاسْتِعْمالِ جاءَ في القُرْآنِ بِإثْباتِها، وإسْقاطُها قَلِيلٌ، قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أوْ فَقِيرًا فاللَّهُ أوْلى بِهِما﴾ [النساء: ١٣٥]، (p-٥٣)فاجْتَمَعَ في النُّونِ أنَّها تُشْبِهُ حُرُوفَ اللِّينِ، وأنَّها ساكِنَةٌ، فَحُذِفَتِ اسْتِخْفافًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمالِ، كَما قالُوا: ”لا أدْرِ“، و”لَمْ أُبَلْ“، والأجْوَدُ ”لَمْ أُبالِ“، و”لا أدْرِي“، و”حَسَنَةً“، يَكُونُ فِيها الرَّفْعُ، والنَّصْبُ، المَعْنى: وإنْ تَكُنْ فِعْلَتُهُ حَسَنَةً يُضاعِفْها، ومَن قَرَأ: ”وَإنْ تَكُنْ حَسَنَةٌ“، بِالرَّفْعِ، رَفَعَ عَلى اسْمِ ”كانَ“، ولا خَبَرَ لَها، وهي هَهُنا في مَذْهَبِ التَّمامِ، والمَعْنى: وإنْ تَحْدُثْ حَسَنَةٌ يُضاعِفْها. ﴿وَيُؤْتِ مِن لَدُنْهُ أجْرًا عَظِيمًا﴾، ”وَيُؤْتِ“، بِغَيْرِ ياءٍ، سَقَطَتِ الياءُ لِلْجَزْمِ، مَعْطُوفٌ عَلى ”يُضاعِفْها“، ووَقَعَتْ ”لَدُنْ“، وهي في مَوْضِعٍ جَرٍّ، وفِيها لُغاتٌ، يُقالُ: ”لَدُ“، و”لَدُنْ“، و”لَدُنٌ“، و”لَدى“، والمَعْنى واحِدٌ، ومَعْناهُ: مِن قِبَلِهِ، إلّا أنَّها لا تَتَمَكَّنُ تَمَكُّنَ ”عِنْدَ“، لِأنَّكَ تَقُولُ: ”هَذا القَوْلُ عِنْدِي صَوابٌ“، ولا يُقالُ: ”اَلْوَقْتُ لَدُنِّي صَوابٌ“، وتَقُولُ: ”عِنْدِي مالٌ عَظِيمٌ“، والمالُ غائِبٌ عَنْكَ، و”لَدُنْ“، لِما يَلِيكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب