الباحث القرآني
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنكم طَوْلا أنْ يَنْكِحَ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ﴾، اَلْمُحْصَناتُ هُنَّ الحَرائِرُ، وقِيلَ أيْضًا: اَلْعَفائِفُ، وقَدْ قالَ بَعْضُ أصْحابِنا: إنَّهُنَّ الحَرائِرُ خاصَّةً، وزَعَمَ مَن قالَ: إنَّهُنَّ العَفائِفُ، حُرِّمَ عَلى النّاسِ أنْ يَتَزَوَّجُوا بِغَيْرِ العَفِيفَةِ، ولَيْسَ يَنْبَغِي لِلْإنْسانِ أنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ عَفِيفَةٍ، واحْتَجَّ قائِلُ هَذا القَوْلِ بِأنَّ قَوْلَهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿الزّانِي لا يَنْكِحُ إلا زانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلا زانٍ أوْ مُشْرِكٌ وحُرِّمَ ذَلِكَ عَلى المُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٣]، مَنسُوخٌ، وأنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَأنْكِحُوا الأيامى مِنكُمْ﴾ [النور: ٣٢]، يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ: يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ مَن أحَبَّ مِنَ النِّساءِ، والدَّلِيلُ عَلى أنَّ المُحْصَناتِ هُنَّ العَفائِفُ قَوْلُهُ: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أحْصَنَتْ فَرْجَها﴾ [التحريم: ١٢]، أيْ: أعَفَّتْ فَرْجَها.
(p-٤٠)و”اَلطَّوْلُ“: اَلْقُدْرَةُ عَلى المَهْرِ، فَقَوْلُهُ: ﴿وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنكم طَوْلا﴾، أيْ: مَن لَمْ يَقْدِرْ عَلى مَهْرِ الحُرَّةِ، يُقالُ: ”قَدْ طالَ فُلانٌ عَلى فُلانٍ طَوْلًا“، أيْ: كانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَيْهِ في القُدْرَةِ، و”قَدْ طالَ الشَّيْءُ يَطُولُ طُولًا“، و”أطَلْتُهُ إطالَةً“، و”قَدْ طالَ طِوَلُكَ، وطِيلُكَ، وطِيَلُكَ“، أيْ: طالَتْ مُدَّتُكَ، قالَ الشّاعِرُ:
؎إنّا مُحَيُّوكَ فاسْلَمْ أيُّها الطَّلَلُ ∗∗∗ وإنْ بَلَغْتَ وإنْ طالَتْ بِكَ الطِّيَلُ
و”اَلطِّوَلُ“: اَلْحَبْلٌ، وقالَ الشّاعِرُ:
؎تُعْرَضُ المُهْرَةُ بِالطِّوَلِّ
اَللّامُ مُشَدَّدَةٌ لِلْقافِيَةِ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَمِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكم مِن فَتَياتِكُمُ المُؤْمِناتِ﴾، ”اَلْفَتَياتُ“: اَلْمَمْلُوكاتُ، العَرَبُ تَقُولُ لِلْأمَةِ: ”فَتاةٌ“، ولِلْعَبْدِ: ”فَتًى“، أيْ: مَن لَمْ يَقْدِرْ أنْ يَتَزَوَّجَ الحُرَّةَ جازَ لَهُ أنْ يَتَزَوَّجَ المَمْلُوكَةَ إذا خافَ عَلى نَفْسِهِ الفُجُورَ، ﴿واللَّهُ أعْلَمُ بِإيمانِكُمْ﴾، أيْ: اِعْمَلُوا عَلى ظاهِرِكم في الإيمانِ، فَإنَّكم مُتَعَبِّدُونَ بِما ظَهَرَ مِن بَعْضِكم لِبَعْضٍ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿بَعْضُكم مِن بَعْضٍ﴾، (p-٤١)قِيلَ: في الحَسَبِ، أيْ: كُلُّكم ولَدُ آدَمَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿بَعْضُكم مِن بَعْضٍ﴾، ”دِينُكم واحِدٌ“، لِأنَّهُ ذَكَرَ هَهُنا المُؤْمِناتِ مِنَ العَبِيدِ، وإنَّما قِيلَ لَهم ذَلِكَ لِأنَّ العَرَبَ كانَتْ تَطْعَنُ في الأنْسابِ، وتَفْخَرُ بِالأحْسابِ، وتُعَيِّرُ بِالهُجْنَةِ، كانُوا يُسَمُّونَ ابْنَ الأمَةِ ”اَلْهَجِينَ“، فَأعْلَمَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنَّ أمْرَ العَبِيدِ وغَيْرِهِمْ مُسْتَوْفى الإيمانِ، وإنَّما كُرِهَ التَّزَوُّجُ بِالأمَةِ إذا وُجِدَ إلى الحُرَّةِ سَبِيلٌ، لِأنَّ ولَدَ الحُرِّ مِنَ الأمَةِ يَصِيرُونَ رَقِيقًا، ولِأنَّ الأمَةَ مُسْتَخْدَمَةٌ مُمْتَهَنَةٌ، تُكْثِرُ عِشْرَةَ الرِّجالِ، وذَلِكَ شاقٌّ عَلى الزَّوْجِ، فَلِذَلِكَ كُرِهَ تَزَوُّجُ الحُرِّ بِالأمَةِ، فَأمّا المُفاخَرَةُ بِالأحْسابِ، والتَّعْيِيرُ بِالأنْسابِ، فَمِن أمْرِ الجاهِلِيَّةِ، يُرْوى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «”ثَلاثٌ مِن أمْرِ الجاهِلِيَّةِ: اَلطَّعْنُ في الأنْسابِ، والمُفاخَرَةُ بِالأحْسابِ، والِاسْتِسْقاءُ بِالأنْواءِ، ولَنْ تُتْرَكَ في الإسْلامِ“» .
وَقَوْلُهُ: ﴿فانْكِحُوهُنَّ بِإذْنِ أهْلِهِنَّ﴾، أمَرَ اللَّهُ أنْ تُنْكَحَ بِإذْنِ مَوْلاها.
وَقَوْلُهُ: ”فَإذا أحْصَنَّ“، وتُقْرَأُ: ”أُحْصِنَّ“، بِضَمِّ الألِفِ، ﴿فَإنْ أتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلى المُحْصَناتِ مِنَ العَذابِ﴾، أيْ: عَلَيْهِنَّ نِصْفُ الحَدِّ، والحَدُّ مِائَةُ جَلْدَةٍ عَلى الحُرِّ، والحُرَّةِ، غَيْرِ المُحْصَنَيْنِ، وعَلى المُحْصَنَيْنِ الرَّجْمُ، إلّا أنَّ الرَّجْمَ قَتْلٌ، والقَتْلُ لا نِصْفَ لَهُ، فَإنَّما عَلَيْهِنَّ نِصْفُ الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ نِصْفٌ، وهو الجَلْدُ.
(p-٤٢)وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ العَنَتَ مِنكُمْ﴾، أيْ: تَزَوُّجُ الإماءِ جائِزٌ لِمَن خافَ العَنَتَ، و”اَلْعَنَتُ“، في اللُّغَةِ: اَلْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ، يُقالُ مِن ذَلِكَ: ”أكَمَةٌ عَنُوتٌ“، إذا كانَتْ شاقَّةً، قالَ أبُو العَبّاسِ: ”اَلْعَنَتُ“، هَهُنا: اَلْهَلاكُ، وقالَ غَيْرُهُ: مَعْناهُ: ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ أنْ تَحْمِلَهُ الشَّهْوَةُ عَلى الزِّنا، فَيَلْقى الإثْمَ العَظِيمَ في الآخِرَةِ، والحَدَّ في الدُّنْيا، وقالَ بَعْضُهم: مَعْناهُ أنْ يَعْشَقَ الأمَةَ، ولَيْسَ في الآيَةِ عِشْقٌ، ولَكِنَّ ذا العِشْقِ يَلْقى عَنَتًا.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾، أيْ: اَلصَّبْرُ خَيْرٌ لَكُمْ، لِما وصَفْنا مِن أنَّ الوَلَدَ يَصِيرُونَ عَبِيدًا.
{"ayah":"وَمَن لَّمۡ یَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن یَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُم مِّن فَتَیَـٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِیمَـٰنِكُمۚ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضࣲۚ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَـٰتٍ غَیۡرَ مُسَـٰفِحَـٰتࣲ وَلَا مُتَّخِذَ ٰتِ أَخۡدَانࣲۚ فَإِذَاۤ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَیۡنَ بِفَـٰحِشَةࣲ فَعَلَیۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ذَ ٰلِكَ لِمَنۡ خَشِیَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ وَأَن تَصۡبِرُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق