وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إلا لِمَن أذِنَ لَهُ﴾، بِضَمِّ الهَمْزَةِ، وفَتْحِها، ويَكُونُ المَعْنى: ”لِمَن أذِنَ لَهُ“، أيْ، ”لِمَن أذِنَ اللَّهُ لَهُ أنْ يَشْفَعَ“، ويَجُوزَ: ”إلّا لِمَن أذِنَ أنْ يُشْفَعَ لَهُ“، فَيَكُونُ ”مَن“، (p-٢٥٣)لِلشّافِعِينَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ لَلْمَشْفُوعِ لَهُمْ، والأجْوَدُ أنْ يَكُونَ لِلشّافِعِينَ، لِقَوْلِهِ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾، لِأنَّ الَّذِينَ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ هَهُنا المَلائِكَةُ، وتُقْرَأُ: ”حَتّى إذا فَزَّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ“، بِفَتْحِ الفاءِ، وقَرَأ الحَسَنُ: ”حَتّى إذا فُرِّغَ عَنْ قُلُوبِهِمْ“، بِالرّاءِ غَيْرِ المُعْجَمَةِ، وبِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ، ومَعْنى ”فُزِّعَ“، كُشِفَ الفَزَعُ عَنْ قُلُوبِهِمْ، و”فَزَّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ“: كَشْفَ اللَّهُ الفَزَعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، وقِراءَةُ الحَسَنِ: ”فُرِّغَ“، تَرْجِعُ إلى هَذا المَعْنى، لِأنَّها فَرَغَتْ مِنَ الفَزَعِ، وتَفْسِيرُ هَذا أنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كانَ لَمّا نَزَلَ إلى مُحَمَّدٍ ﷺ بِالوَحْيِ، ظَنَّتِ المَلائِكَةُ أنَّهُ نَزَلَ لِشَيْءٍ مِن أمْرِ السّاعَةِ، فَتَفَزَّعَتْ لِذَلِكَ، فَلَمّا انْكَشَفَ عَنْها الفَزَعُ ﴿قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ﴾، فَسَألَتْ: لَأيِّ شَيْءٍ يَنْزِلُ جِبْرِيلُ؟ ﴿قالُوا الحَقَّ﴾، أيْ: قالُوا: قالَ الحَقَّ، ولَوْ قُرِئَتْ: ”قالُوا الحَقُّ“، لَكانَ وجْهًا، يَكُونُ المَعْنى: ”قالُوا هو الحَقُّ“ .
{"ayah":"وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُۥۤ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰۤ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُوا۟ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُوا۟ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ"}