الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿أوَلَمْ يَهْدِ لَهم كَمْ أهْلَكْنا﴾، وقُرِئَتْ بِالنُّونِ: ”أوَلَمْ نَهْدِ لَهم“، وزَعَمَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أنَّ ”كَمْ“، في مَوْضِعِ رَفْعٍ بِـ ”يَهْدِ“، والمَعْنى عِنْدَهُ: ”أوَلَمْ نُبَيِّنْ لَهُمُ القُرُونَ الَّتِي أهْلَكْنا مِن قَبْلِهِمْ؟!“، وهَذا عِنْدَنا - أعْنِي عِنْدَ البَصْرِيِّينَ -، لا يَجُوزُ، لِأنَّهُ يَعْمَلُ ما قَبْلَ ”كَمْ“، في ”كَمْ“، لا يَجُوزُ في قَوْلِكَ: ”كَمْ رَجُلٍ جاءَنِي“، وأنْتَ مُخْبِرٌ، أنْ تَقُولَ: ”جاءَنِي كَمْ رَجُلٍ“، لِأنَّ كَمْ لا تُزالُ عَنْ الِابْتِداءِ، ولِذَلِكَ جازَ أنْ يُفْصَلَ بَيْنَها وبَيْنَ ما عَمِلَتْ فِيهِ إذا نُصِبَتْ بِما في الخَبَرِ، والِاسْتِفْهامِ، تَقُولُ في الخَبَرِ: ”كَمْ بِجُودٍ مُقْرِفًا نالَ الغِنى“ . (p-٢١١)فَفَصَلْتَ بَيْنَ ”كَمْ“، وبَيْنَ قَوْلِكَ: ”مُقْرِفًا“، بِقَوْلِكَ ”بِجُودٍ“، فَيَكُونُ الفَصْلُ فِيها بَيْنَ ”كَمْ“، وما عَمِلَتْ فِيهِ، عِوَضًا مِن تَصَرُّفِها، ألا تَرى أنَّهُ لا يَجُوزُ ”عِشْرُونَ عِنْدِي دِرْهَمًا“ ؟ ويَجُوزُ في الخَبَرِ ”كَمْ عِنْدِي دِرْهَمًا جَيِّدًا“، وحَقِيقَةُ هَذا أنَّ ”كَمْ“، في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ ”أهْلَكْنا“، وفاعِلُ ”يَهْدِ“، ما دَلَّ عَلَيْهِ المَعْنى مِمّا سَلَفَ مِنَ الكَلامِ، ويَكُونُ ”كَمْ“، أيْضًا دَلِيلًا عَلى الفاعِلِ في ”يَهْدِي“، ويَدُلُّ عَلى هَذا قِراءَةُ مَن قَرَأ: ”أوَلَمْ نَهْدِ“، بِالنُّونِ، أيْ: ”ألَمْ نُبَيِّنْ لَهُمْ؟!“، ويَجُوزُ أيْضًا عَلى ”يَهْدِ“، بِالياءِ، أنْ يَكُونَ الفِعْلُ لِلَّهِ - عَزَّ وجَلَّ -، يَدُلُّ عَلَيْهِ قِراءَةُ مَن قَرَأ: ”أوَلَمْ نَهْدِ“ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب