الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - جَلَّ وعَزَّ -: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ﴾، ”آدَمَ“، قَدْ بَيَّنّا أنَّهُ يَنْصَرِفُ، وأنَّ اسْمَهُ مَأْخُوذٌ مِن ”أدِيمُ الأرْضِ“، وهو وجْهُها، ولِذا يُقالُ لِذِي اللَّوْنِ الَّذِي يُشْبِهُ لَوْنَ الأرْضِ ”آدَمُ“، و﴿خَلَقَهُ مِن تُرابٍ﴾، لَيْسَتْ بِمُتَّصِلَةٍ بِـ”آدَمَ“، إنَّما هو مُبَيِّنٌ قِصَّةَ آدَمَ، ولا يَجُوزُ في الكَلامِ أنْ تَقُولَ: ”مَرَرْتُ بِزَيْدٍ قامَ“، لِأنَّ زَيْدًا مَعْرِفَةٌ، لا يَتَّصِلُ بِهِ ”قامَ“، ولا يُوصَلُ بِهِ، ولا يَكُونُ حالًا، لِأنَّ الماضِيَ لا يَكُونُ حالًا أتَتْ فِيها، ولَكِنَّكَ تَقُولُ: ”مَثَلُكَ مَثَلُ زَيْدٍ“، تُرِيدُ أنَّكَ تُشْبِهُهُ في فِعْلِهِ، ثُمَّ تُخْبِرُ بِقِصَّةِ زَيْدٍ، فَتَقُولُ: ”فَعَلَ كَذا وكَذا“، وإنَّما قِيلَ: إنَّ مَثَلَهُ كَمَثَلِ آدَمَ لِأنَّ اللَّهَ أنْشَأ آدَمَ مِن غَيْرِ أبٍ، خَلَقَهُ مِن تُرابٍ، فَكَما خَلَقَ آدَمَ مِن غَيْرِ أبٍ كَذَلِكَ خَلَقَ عِيسى - عَلَيْهِ السَّلامُ -، ويُرْوى في التَّفْسِيرِ «أنَّ قَوْمًا مِن نَصارى نَجْرانَ صارُوا إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَقالُوا لَهُ: إنَّكَ سَبَبْتَ صاحِبَنا، قالَ: ”وَمَن صاحِبُكُمْ؟“، قالُوا: عِيسى، قالَ: ”وَما قُلْتُ فِيهِ؟“، قالُوا: قُلْتَ: إنَّهُ عَبْدٌ، فَقالَ ﷺ: ”ما ذَلِكَ بِعارٍ عَلى أخِي، ولا نَقِيصَةٍ، هو عَبْدٌ، وأنا عَبْدٌ“، قالُوا: فَأرِنا مَثَلَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ - تَبارَكَ وتَعالى -: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ﴾، إلى آخِرِ الآيَةِ».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب